حياتنا تخضع لمجموعة من القوانين والأعراف تم وضعها من قبل المجتمع تبعد كل البعد عن الثوابت و الأحكام التي تهدف إليها مجمل الديانات، نتخبط في أفكار و فلسفة غريبة تجعلنا ندخل في متاهة واسعة للوصول الى الرأي المنطقي، لكن في الغالب نظل نتأرجح بين الثوابث الصحيحة ومعتقداتنا المتحورة. نشعر أحيانا أيضا أننا أُقحِمنا في هذه الحياة بالغصب أو نتيجة خطيئة ما ندفع ثمنها، أو ببساطة طرقنا الباب الخطأ بسبب تناقضات غريبة فرضت علينا من مجتمع يمشي وراء الأعراف لا القوانين الأساسية، لنظل في صراع مع هذه الأعراف البعيدة عن المنطق، فلسفة غبية وضعها المجتمع و حكم علينا أن نظل في صراع لإثبات الذات و اثبات اختلافنا معها.
" لا يعيب الرجل الا جيبه"، الفلسفة المتخلفة الأكثر استفزازا في مجتمعاتنا العربية، نجحت في تحويل فئة كبيرة الى عبيد المادة، ضربت بعرض الحائط كل الشروط الضرورية للرجل المحترم، و عظّمت ركنا واحدا يختلف من شخص لآخر لا تُبنى عليه العلاقة الإنسانية، المال لا يصنع الرجال ابدا، في حين أن انحدار الأخلاق و انعدام الدين و افتقاد النضج و العقل و المروءة و الشهامة هم الصفات التي تعيب الرجل، إذن فلماذا نلوم المرأة التي تترك زوجها عند افلاسه...!!!
أيضا من المفاهيم البائسة في مجتمعنا، عندما يرفض الرجل مغازلة زوجته أمام أولاده أو عائلته، لكنه على أتم الإستعداد لضربها و إهانتها أمامهم، فذلك بالنسبة له انتقاصا كبيرا من رجولته، بل و تجده يفتخر بمشاعر الكراهية فهي بالنسبة له علامة القوة و الشموخ، لكن مع الأسف لا نعلم أننا بهذه الطريقة صنعنا جيلا جاف العواطف لا يعرف المودة و الرحمة.
نجد أيضا في مجتمعاتنا " المريضة" أن بعض الرجال لا يحبون الإفصاح عن اسم زوجاتهم لأنه و على حسب فكره المتوارث أن اسم المرأة عورة، بل تجد هذه النوعية من الرجال تلقبها ب " الحكومة" أو "الجماعة" أو لو في قلبه رحمة ب " أم العيال" تكريما لما قدمته من تضحيات أمام نزواته، لو كان اسم المرأة عورة لكانت اسامي زوجات رسولنا الكريم و بناته مجهولة بالنسبة لنا...
أيضا من المفاهيم التي نجدها عند فئة معينة من الناس بالنسبة لي هي فقط تلبس قناع الملائكة او فئة لم تذق يوما طعم الظلم و الغدر والخراب، هذه الفئة التي تردد دائما "المسامح كريم" ، يفرضون على الناس مسامحة الظالم و الخائن و من افسدوا في الأرض طوال حياتهم، عفوا نحن لسنا ملائكة، نحن دفعنا الثمن باهضا و حرقت قلوبنا و دمرت نفسيتنا بسبب شرهم، لذا يجب معاملة كل شخص بما يستحقه و بمقدار ما فعله فنحن لسنا مباحين للمرضى النفسيين.
مجتمعنا العربي متمسك بفلسفة قديمة و " مريضة" قلبت الموازين وجعلت أجيالا عديدة ينشؤون في فكر عقيم و فاسد بالرغم من أن مبدأ " الفلسفة" كعلم كما عهدنا هو اعتراف بالأوهام و محاولة العيش بدون قناع، فلنحاول اذن التخلص من هذه الأقنعة البائسة التي جعلت من عادات متخلفة واجبات دينية.