يلاحظ المتتبعون تنامي الحركة الشبابية المدنية في المغرب التي تريد اقتفاء أثر الحركة النسائية من أجل تحقيق مطالبها المتعددة. ويعكس هذا تعدد وتوالد الإطارات الشبابية، ومحاولة تلمسها احتياجات الشباب وصياغة وخوض حملات ترافع من أجل تحقيق هذه المطالب. حيث إن التواصل و التشارك اليوم مع الشباب أصبح ضرورة ملحة وذات أهمية بالغة من خلال منتديات شبابية تتجاوز الطابع الاحتفالي، إلى طابع تتنامى فيه المبادرات الجادة المطروحة من قبل الشباب وإلى الشباب. فالاستثمار الأمثل ينبغي أن ينصب على الشباب لأن أية تنمية بعيدة عن إشراك حقيقي، وفعلي للشباب تبقى عقيمة في تحقيق أهدافها، وبالتالي فتخصيص جزء من الميزانية العامة ليس ترفا، ولكن ضرورة تفرضها الحاجة إلى الاستثمار في مواطن الغد، حيث أثبت التجارب الدولية فعاليتها. و للإشارة فان قضية الشباب اليوم ينبغي تناولها في إطار سياسة عمومية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الشأن العام المحلي، والجهوي والوطني، من خلال التنسيق الجاد بين كافة القطاعات الحكومية، وفعاليات المنظمات الشبابية، والأجهزة المنتخبة والفاعلين الاقتصاديين ، لتوحيد الجهود وتسطير الأهداف والنتائج لهذه السياسة العمومية ، وفق رؤية واضحة المعالم مع إرادة سياسية متكاملة و منسجمة، على اعتبار الشباب شكّل على مرِّ العصور فئة هامة تقوم بدور حيوي في حركية المجتمعات، وهي تعدّ مرآة تعكس الواقع الاجتماعي الذي تعيش فيه ومقياساً يحدد درجة تطوره أو تخلفه. فهو إمكان بشري لايمكن فصل دوره في التحولات الاقتصادية و السياسة والاجتماعية لأنه قلب المجتمع إذ يمثل رصيده الحي والمتجدد ،ومن هذا المنطلق يطرح استحقاقات وإشكاليات وتحديات يتعين إدراكها والتفاعل معها عبر برامج ومخططات للحاضر وللمستقبل. لكن أغلب المخططات والبرامج الحكومية والمدنية المتوجهة إلى الشباب، وطنية كانت أو دولية، هي مشاريع وقائية وإصلاحية تنظر إلى الحاجيات فقط، وسقطت في فخ اعتبار الشباب مجرد مستقبل وفئة مستهدفة يجب العمل عليها من أجل تفادي مشاكل مستقبلية من قبيل العزوف السياسي والانحراف والتطرف والبطالة. وهذا النهج يؤدي إلى إفادة فئات محدودة فقط، وتكريس الاستسلام واللامبالاة والانهزامية، لأن تذكير الناس بالنواقص والثغرات يشعرهم بأنهم غير قادرين على إحداث تغيير ايجابي داخل مجتمعاتهم. المطروح كبديل لهذا النهج هو التعامل مع الشباب كشركاء في البرامج والمخططات، وأن يتم اعتبارهم موارد وفرص وجزء من الحل لا مجرد مشكل. وأن لا يتم النظر "فقط" إلى الحاجيات، ولكن إلى موارد المجتمع ومكنوناته وطاقات الشباب وإمكانياته والبحث في سبل تعزيزها وتنميتها في شراكة متكاملة ومتساوية. وهذا النهج الشمولي يشجعهم على المشاركة ويقوي الشعور بالأمل والقدرة على إحداث التغييرات الإيجابية، ويؤدي إلى إحداث تنمية شبابية إيجابية، خصوصا في ظرفية استثنائية و شبابية بامتياز وعنوانها الشباب يريد حيث أن الدستور الذي صوت عليه المغاربة بتاريخ 01 يوليوز2011 أعطى للشباب مكانة هامة و أفرد له مجموعة من الفصول(33 و170 ). واعتبر حدثا تاريخيا لما يحمله من دلالات وإشارات، في إدراك الفاعل السياسي لأهمية الشباب في عملية صنع وبناء القرار السياسي داخل البلد وذلك اعتبارا لمستوى النضج والوعي الذي عبرت عنه المطالب المرفوعة، وفي إعطاء الأهمية الكبرى للشباب و دلالة على عدالة المطالب التي عبر عنها الشباب والتي جسدت بعمق إشكالات الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لبلدنا.