عندما رفضت الهندية سونالي موخرجي تودّد ثلاثة من زملائها الطلاب إليها، أقدم هؤلاء على حرق وجهها بالحمض الكاوي. وبدلا من أن تتوارى الشابة البالغة من العمر 27 عاما عن الأنظار، تقدمت بطلب للظهور في برنامج ألعاب تلفزيوني شهير وخرجت منه مليونيرة. وتقول موخرجي لوكالة "فرانس برس": "من يستطيع أن يحدق في صورة امرأة جميلة، يستطيع أيضا أن ينظر إلى وجهي المحروق"، مضيفةً: "من السهل جدا أن يختار ضحايا الاعتداءات بالحمض الكاوي العض على جرحهم، لكنني قررت أن أواجه وأن أصرخ عاليا ضد العنف". وقبل تسع سنوات، كانت موخرجي طالبة مجتهدة في إحدى جامعات مدينة دانباد شرقي الهند عندما تسلل ثلاثة طلاب إلى منزلها بينما كانت نائمة ورموا حمضا كاويا على وجهها بداعي الانتقام. واستخدم المعتدون سائلا مخصصا لتنظيف الأدوات الصدئة، وصبوه على وجهها وتحديدا على جفنيها وأنفها وأذنيها. وفقدت موخرجي بصرها وجزءا من سمعها، على الرغم من خضوعها ل22 عملية جراحية. إهمال الحكومة للضحية وتقول موخرجي: "لم يتقبلوا رفضي لهم فقرروا أن يشوهوا وجهي وأن يدمروا حياتي". وتم توقيف الطلاب الثلاثة ووضعهم في السجن الاحتياطي لفترة من الوقت، لكنهم خرجوا منه لاحقا بكفالة. وتوضح موخرجي أن الحكومة لم تقدم إليها أي دعم مادي أو قانوني، وأن عائلتها اضطرت إلى بيع منزلها المؤلف من طابقين وأرضها ومجوهراتها وماشيتها لتغطية نفقاتها الطبية. وفي إطار محاولاتها الحصول على تمويل من أجل علاجها، قررت التقدم بطلب للمشاركة في النسخة الهندية من برنامج "من سيربح المليون" التلفزيوني. وبعد اختيارها من بين المتنافسين، تمكنت من الفوز ب2,5 ملايين روبية (45 ألف دولار) الشهر الماضي بعد الإجابة بشكل صحيح على 10 أسئلة. وستستخدم موخرجي هذا المبلغ لدفع تكاليف عدد من الجراحات التجميلية التي ستخضع لها السنة المقبلة. وتقول الشابة إن الرسائل التي وجهتها إلى الحكومة طلبا للمساعدة لم تعط أي نتائج، لكن كشف وجهها إلى العلن أعطى ثماره. وتوضح "عندما فشلت محاولاتي كلها، قررت أن أستغل وجهي". تشديد العقوبات على المعتدين وتعتزم موخرجي أن تستغل شهرتها لإطلاق حملة من أجل دفع السلطات الى إصدار قانون خاص بالاعتداءات بالحمض الكاوي التي تخضع حاليا لقانون حول العنف المنزلي ينص على عقوبات خفيفة نسبيا. يذكر أنه في العام 2011، أصدرت باكستان المجاورة للهند قانونا ينص على رفع العقوبة المتعلقة باعتداءات الحمض الكاوي إلى ما بين 14 سنة والسجن مدى الحياة، بالإضافة إلى غرامة تبلغ قيمتها مليون روبيه باكستانية (10200 دولار) على الأقل. ولا تملك الحكومة الهندية إحصاءات واضحة حول الاعتداءات بالحمض الكاوي. لكن وفقا لجمعية خيرية متمركزة في لندن يتم التبليغ عن حوالي 1500 حالة اعتداء بالحمض الكاوي في العالم سنويا. لكن عددا كبيرا من الضحايا لا يبلغ السلطات بما حصل له ويفضل أن يتألم بصمت. وفي سياق متصل رفعت محامية هندية عريضة عامة طالبت فيها بعلاج طبي مجاني من أجل الضحايا وبفرض قيود على مبيعات الحمض الكاوي.