يوم القيامة هو نهاية الحياة فيه تختم أعمال كل البشر ويتحاسب الجميع علي اعمالهم الخير والشر أمام الله في يوم الساعة . ولا أحد يعرف تحديداً متي تقوم الساعة لقوله تعالي ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ( . ويذكرنا المولي عز وجل بيوم القيامة في العديد من الأيات القرانية ومنها مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) (العنكبوت) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) (الحج) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) (طه) وقد وضح لنا رسولنا الكريم مجموعة من العلامات لم يتفق الفقهاء علي نص واضح حول ترتيب ظهور علامات يوم القيامة الكبري فهي أخر الأشرطة التي تظهر علي الأرض لتدل علي يوم القيامة وهي عشر علامات ذُكرت في حديث النبي صلي الله عليه وسلم جمع فيهم علامات يوم القيامة الكبري ولهذا الحديث روايتين عن الإمام مسلم وهما كالأتي : الرواية الأولي : عن حذيفة بن أسيد الغفاري في صحيح مسلم ” اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟قالوا: نذكر الساعة. قال: إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات. فذكر: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم» (رواه مسلم) الرواية الثانية : إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس». وفي رواية: «والعاشرة: نزول عيسى بن مريم» (رواه مسلم). إجتهد العلماء في ترتيب هذه العلامات منها علامات لا يراها إلا المؤمنون وعلامات لا يراها إلا الكافرون ومنه وسوف نعرض عليكم بالتفصيل هذه العلامات . ويذكر الشيخ صالح العثيمين رحمة الله عليه في علامات يوم القيامة أن ” أشراط الساعة الكبرى بعضها مرتب ومعلوم ، وبعضها غير مرتب ولا يعلم ترتيبه ، فمما جاء مرتباً نزول عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج ، والدجال فإن الدجال يبعث ثم ينزل عيسى بن مريم فيقتله ثم يخرج يأجوج ومأجوج .” علامات يوم القيامة الكبري : ظهور فتنة المسيح الدجال : تعد من أشد الفتن التي تمر علي المسلمين ونسأل الله أن يثبتنا جميعاً . وقد حذر جميع الأنبياء من فتنة المسيح الدجال والنبي صلي الله عليه وسلم نبه أمته من هذه الفتنة ويدعي بأنه يحي الموتي ليفتن الناس . فعن أنس إبن مالك عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” ما بعث نبي إلا وأنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وإن بين عينيه مكتوب كافر( .
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ{ إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَعْقِلُوا إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلا حَجْرَاءَ فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ،وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا} صحيح أَبُو دَاوُد . عن مسلم أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حَذَّرَ النَّاسَ الدَّجَّالَ{ إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أَوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَقَالَ تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ} رواه مسلم . وقد أخبرنا الرسول صلي الله عليه وسلم عن صفاته في حديث . عن عَبْدُ اللَّهِ بن عمر كما في البخاري قال ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ { إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجِلُ الشَّعَرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلاً وَرَاءَه جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ . نزول عيسي ابن مريم : قال تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إليه وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا[النساء:157-158(. وفي هذا إشارة إلي ان سيدنا عيسي عليه السلام سيعود في نهاية الزمان وأن نزوله سيكون علامة دالة علي قرب وقوع الساعة .
عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ يَعْنِي عِيسَى ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ ” . خروج يأجوج ومأجوج : قال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ . وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: 96- 97]. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان: «ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبريّة، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة ماء» (رواه مسلم . طلوع الشمس من مغربها : يري الكبير والصغير طلوع الشمس من مغربها حيث يحدث تغير في حركة الفلك وهي من علامات الساعة الكبري . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم ” صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت من مغربها ورآها الناس آمنوا جميعًا، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل» (رواه البخاري ومسلم). الدخان : قال تعالي ” فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيم ” فسر إبن كثير ذلك بما كان يحصل لقريش من شدة الجوع بسبب القحط الذي دعا عليهم به رسول الله صلي الله عليه وسلم . عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه: ((لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات -فذكر فيهن الدجال والدخان والدابة، والحديثان في (صحيح مسلم) خروج الدابة : قال تعالي ” وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل: 82] عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن ربكم أنذركم ثلاثاً: الدخان؛ يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة، والثالثة الدجال) الخسوفات الثلاثة تظهر الخسوفات الثلاثة بسبب إنتشار المعاصي وتفشي الفاحشة في الأرض . عن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( يكون في آخر هذه الآمة خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم إذا ظهر الخبث ) رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني . وتقع هذه الخسوفات واحد في جهة المشرق والأخر جزيرة العرب وليس بالضرورة جميع أرجاء المكان يمكن أن يكون في مكان محدد منهم والمكان الثالث جهة الغرب وقد فسرها الفقهاء علي أنها غرب المدينة النبوية . هذه العلامات بمثابة نذير قوي للبشرية ولكي نتسعد جيداً لمواجهة أهوال هذا اليوم، حاول الإلتزام دائماً بالعمل الصالح والسلوكيات السليمة والإبتعاد عن الفاحشة .