بات معلوما أن مرض كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا المستجد، يسبب أعراضا تختلف من شخص لآخر. وهذا التباين يتراوح، بين غياب تام لأي أعراض إلى مضاعفات خطيرة قد تتسبب في الوفاة. وقد لقي بالفعل ما يقرب عن مليون و257 ألف شخص مصرعهم بسبب هذا الوباء، وفق أرقام جامعة جون هوبكينز الأمريكية في صباح اليوم الاثنين (التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني). منذ انتشار الوباء قبل عشرة أشهر والخبراء منهمكون لفك هذا اللغز المحيّر، لماذا يقضي الوباء على أشخاص ويقي آخرين من شره؟! إجابة وافية على هذا السؤال لم يقدمها خبراء الفيروسات بشكل وافي، وإن كانوا قد جمعوا في هذه المدة كميات بيانات لا بأس بها في هذا الاتجاه. دراسة جديدة بالمقابل تدعي أنها قطعت أشواطا في سبيل الحصول على الجواب المنتظر. دراسة أعدها خبراء من جامعة فيينا النمساوية، هدفها تقسيم الأعراض إلى مجموعات وفق خصائصها الجامِعة. وقد اقتصرت فقط على الحالات غير الخطيرة للمرض (أعراض خفيفة)، ونشرت نتائجها في المجلة العلمية الأوروبية "Journal of Allergy and Immunology". الأنواع السبعة خلصت هذه الدراسة إلى تقسيم الحالات غير الخطيرة إلى سبعة أنواع أو مجموعات.ويجب التنويه إلى أن هذه الدراسة شارك فيها 109 شخصا سبق لهم أن أصيبوا بفيروس كورونا وتعافوا منه. وجميعهم مرّوا من تطور هيّن لمرض كوفيد-19. إضافة إلى هؤلاء تمت الاستعانة أيضا ب98 شخصا لم يصابوا أبدا بالفيروس، وهذه الشريحة استعان بها العلماء لمقارنة البيانات المحصلة عليها مع تلك المسجلة من أشخاص أصحاء لم يكن لهم يوما اتصال بالفيروس. الخلاصة التي توصلت إليها الدراسة هي أن جميع الأعراض الخفيفة يمكن توزيعها أولا إلى نوعين: "نوع بنيوي وآخر عضوي للأعراض الأولية لمرض كوفيد-19" يقول فينفريد بيكل محرر نص الدراسة من جامعة فيينا. والمقصود هنا بالأعراض الأولية، هي الأعراض التي تظهر على المصاب بالفيروس عند بداية المرض وقبل أن يبلغ مراحلة خطرة. والشريحة التي أجريت عليها هذه الدراسة، وكما تمت الإشارة سابقا، هي التي لم يتطور المرض لديها إلى مستوى خطير. أما الأنواع السبعة فهي: أولا أعراض كالحمى والتعب والكحة. ثانيا، أعراض مشابهة للرشح كالعطس والتهاب الأنف وجفاف الحنجرة وانسداد الأنف. ثالثا، آلام المفاصل والعضلات. رابعا، آلام في الجفن والغشاء المخاطي. خامسا تعقيدات في الجهاز التنفسي وصعوبة في التنفس. سادسا، مشاكل في الجهاز الهضمي مع إسهال أو غثيان أو آلام في الرأس أو كلّها مجتمعة. سابعا، فقدان حاسة الشم والذوق وغيرها. وعن المجموعة السابعة يقول معدو الدراسة إنه في هذه المجموعة اكتشفوا أن "فقدان حاسة الذوق والشم تصيب بشكل متزايد أشخاصا لهم "جهاز مناعة شاب" قياسا بعدد الخلايا اللمفاوية التي غادرت قبل فترة قصيرة الغدة الزعترية". بصمة مناعية هذه التقسيمات ليس أهم ما أتت به هذه الدراسة،وإنما اكتشافها لبصمةمناعيةيتركها فيروس "سارس-كوفيد-2" داخل الجهاز المناعي وفي دم الأشخاص المتعافين. وفيها أن عدد الكريات البيضاء التي تقاوم عادة الباكتيريا داخل الجسم هو ضئيل جدا لدى هؤلاء. في المقابل، بقيت الخلايا التائية CD8 + T، نشطة للغاية والتي من مهامها قتل الخلايا المصابة بالفيروس. ويرى الأطباء أن الدراسة الجديدة قدمت رؤية أكثر وضوحا عمّا يحصل في جسم الإنسان في الأيام الأولى بعد الإصابة بالفيروس، وكيف أن الجسم وبعد التعافي بمدة طويلة يواجه مضاعفات كالإجهاد والتعب. ويستخلص معدو الدراسة أن التغيرات المناعية والبصمة المناعية توثق سبب الأعراض طويلة المدى لدى المتعافين، كالإصابة بمرض السكري من الفئة الأولى أو مرض البركينسون كما أثبتت دراسات سابقة ربطت بين المرضين وبين فيروس كورونا.