كشف الدكتور الطيب حمضي، باحث في السياسات والنظم الصحية، أنه "من الصعب تصور تجاوز الوضعية الوبائية الحالية في الدارالبيضاء بدون حجر صحي مُوَجَۜه Confinement ciblé في البيضاء لأربع أو ست أسابيع على الأقل". وتابع حمضي في مقال تداولته منابر إعلامية "لنكن صرحاء، الكثير من الناس يتصرفون وكأن الوباء مرض ينتشر في الهونولولو، ولم يدخل مدنهم بعد، بل لن يدخلها رغم ما يرون من أرقام ووفيات أمام أعينهم بل تحصد أقربائهم ومعارفهم، هذه مشكلة كبيرة".. واعتبر الدكتور حمضي أننا أمام "ثلاثة خيارات لتجنب الأسوأ: اما حجر عام موجه يمنع كل التحركات وكل الأنشطة الاجتماعية الغير مُدِرَة لأي منتوج واي قيمة مضافة، والمنتجة فقط لمزيد من الحالات والمزيد من الوفيات. مع السماح في حدود معقولة للأنشطة التجارية والاقتصادية والإدارية بالاستمرار لضمان مصادر الرزق للأسر والحياة للدورة الاقتصادية، في انتظار تحسن الأوضاع. هذا الخيار الأول". أما الخيار الثاني، حسب المتحدث "فهو ما يمكن ان نسميه بالحجر الذاتي، أي ان يعمد أفراد المجتمع من تلقاء ذاتهم الى تبني الحجر الذاتي، التلقائي والامتناع عن كل الأنشطة والتحركات الغير الضرورية للحياة، دون انتظار فرض دلك من طرف السلطات. هذا خيار مطروح امام المدن والمناطق التي لم يتعقد فيها الوضع الوبائي بشكل كبير بعد. ومطروح امام المدن التي تم او سيتم اغلاقها بعد إعادة فتحها وتحسن الأوضاع فيها نسبيا لئلا تتدهور فيها الأوضاع مجددا". هذا يعني، حسب حمضي "أن الأسر سترسل ابناءها للمدارس الابتدائية كلما أمكن، وأعضاءها العاملين نحو أعمالهم، والعمل عن بعد كل ما أمكن، والتسوق مرة في الأسبوع. في المقابل الامتناع عن الزيارات العائلية، وعدم استعمال وسائل النقل العمومية الا للضرورة القصوى، والالتزام التام بالبيوت، في انتظار تحسن المؤشرات". الخيار الثالث، يضيف الدكتور ، "هو خيار الحجر مدة أسبوعين كل شهرين بشكل مبرمج. وهي الاستراتيجية المسماة: Stop and GO. هذا الخيار يحقق تحسنا في الأوضاع الوبائية من دون خسائر اقتصادية واجتماعية قاسية مادامت الدورة الاجتماعية والاقتصادية تُهيكل نفسها لهذه التوقفات وتتكيف معها وتتخذ الترتيبات الملائمة لمسايرتها". ويزيد حمضي موضحا "الواقع ان الخيارات متكاملة: في المرحلة الأولى مطلوب منا الحجر الذاتي، ادا فشلنا نمر للحجر الموجه او لسطوب اند كو Stop and Go، ادا فشلنا فان الحجر العام لا مفر منه رغم تداعياته". "أمام تدهور الأوضاع بشكل خطير فان تفشي الوباء نفسه سيؤدي لإغلاق عام حتى بدون قرار حكومي بذلك، بسبب الخوف والوفيات وعجز المنظومة الصحية عن التكفل بالحالات المتوسطة والحرجة"، يوضح حمضي . ففي السويد وكوريا الجنوبية مثلا، يؤكد الطبيب حيث "لم يُتَخذ قرار الاغلاق حكوميا، انخفضت الأنشطة التجارية الغير الضرورية كالمطاعم والسفريات الى أدني مستوياتها (أقل من 25%) بل منها الاغلاق التلقائي بسبب قلة بل غياب الزبناء وليس قرار الحجر". "اليوم يمكننا الاستفادة من دراسة أمريكية هامة جدا صدرت عن مركز مراقبة الامراض بالولايات المتحدة يوم 30 أكتوبر بشكل مبكر بسبب أهمية معطياتها. وهي دراسة حول درجة تفشي الفيروس داخل الأسر، أظهرت الدراسة ان المصاب بكورونا ينقل المرض الى ازيد من نصف أعضاء اسرته، وان ثلاث ارباع هؤلاء يصابون في الخمس أيام الأولى من الإصابة الأولية، وان الأطفال اقل من 18 سنة ربما ينقلون الفيروس داخل عائلاتهم مثل الكبار"، يردف الدكتور والباحث في السياسات والنظم الصحية، موضا أن "الدراسة خلصت لإرشادات طبية جديدة هامة من أجل الحد من تفشي الوباء داخل الاسر: على أي شخص بمجرد الإحساس بأحد اعراض كوفيد ان يعزل نفسه في الحين دون انتظار اجراء التحليل او انتظار نتائجه. مباشرة يجب الاقامة في غرفة معزولة عن باقي افراد الاسرة واستعمال حمام فردي ان أمكن". ويضيف المصدر ذاته أنه "يجب على الفور الشروع في استعمال الكمامات داخل المنزل من طرف الشخص المصاب بالأعراض ومن طرف كل افراد الاسرة كبارا وصغارا، داخل الفضاءات المشتركة بالبيت،انه العزل الذاتي التلقائي على المستوى الفردي والأسري". هذا العزل الذاتي التلقائي الفوري، يوضح حمضي "سيساعد في خفض تفشي الوباء داخل الاسرة ومن ثم داخل المجتمع. وعلى نطاق أوسع، فان الحجر الذاتي التلقائي بالنسبة للجميع سيساعد على تجنب كل الأنشطة والتنقلات والتجمعات التي لا طائل من ورائها، في وقت صحي صعب بل خطير، غير زيادة الإصابات والوفيات". "كما سيسمح بالإبقاء على الأنشطة الاقتصادية والإدارية والتعليمية مستمرة ولو في حدود معينة معقولة، لا يمكن اليوم لبعض المواطنين الخوف من الحجر العام ونتائجه على مصدر رزقهم، وفي نفس الوقت الاستمرار في سلوكات لن تؤدي في نهاية المطاف الا للحجر العام. هذه المفارقة بيد المواطنين او على الأقل بيد عدد كبير منهم حلها، باحترام التدابير الوقائية وبالتزامهم بيوتهم"، يضيف المتحدث، الذي ختم مقاله المطول بالتأكيد على أنه "اليوم لم يعد كافيا احترام فقط الكمامة والتباعد الجسدي والتطهير وتجنب الازدحام، بل يجب الالتزام بالتباعد الاجتماعي والمكوث في المنازل والامتناع عن التنقل داخل الاحياء والمدن وبين المدن سواء تقرر حجر عام ام لا".