بدءا من فاتح أبريل و إلى غاية متم شهر يونيو من كل سنة، تتوجه جحافل من المواطنين الى مصالح الخزينة العامة للمملكة من أجل أداء ما بذمتها من ضرائب و رسوم، و ذلك بعد توصلهم بإشعارات ضريبية من المديرية العامة للضرائب؛ سواء تعلق الأمر برسم السكن (ضريبة السكنى) أو الرسم على الخدمات الجماعية ( ضريبة النظافة) أو الرسم المهني (الباتنتا). و إذا كان أداء الضرائب شرطا من شروط المواطنة، الا أن ما يرافق هذا الاستحقاق الوطني - أداء الضرائب- لا يخفي بعض الاشكالات المطروحة التي تواكبه، و خاصة في هذه الظرفية التي تعرف اكتظاظا للإدارات المكلفة بالاستخلاص، سواء تعلق الأمر باحتكاك الملزمين أنفسهم من جهة؛ أو بين الملزمين و العاملين بهذه المرافق من جهة ثانية؛ مما يهدد بتفشي هذا الوباء المستجد.
لهذا الغاية يحق لنا طرح التساؤلات التالية:
- أليس من الأجدر أن تراعي وزارة الاقتصاد و المالية هذه الظرفية الحساسة و تقوم بأي إجراء من شأنه الحفاظ على سلامة الموظفين و الملزمين على حد سواء في ظل تفشي هذه هذه الجائحة؟
- ألا يجدر بالمواطنين أداء ما بذمتهم عن بعد أو عبر القنوات البديلة خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة و دون اللجوء إلى الاحتشاد في الإدارة بالإدارة، حفاظا على صحتهم من جهة و مساهمة منهم في التكاليف العامة للبلاد و خاصة في هذه الأوقات الحرجة؟
هذه الأسئلة و غيرها سنحاول الإجابة عنها من خلال فرضيتين:
الفرضية الأولى: تأجيل الأداء هو الحل:
إلى حدود كتابة هذه السطور لم تصدر المديرية العامة للضرائب أي بيان بشأن عدم ترتيب غرامات أو ذعائر عند عدم أداء الرسوم في وقتها المحدد؛ مما يعني بمفهوم المخالفة الإدارة ستفرض صوائر إضافية على المتهاونين سواء على شكل ذعائر أو غرامات، رغم أن الأمر يتعلق بقوة قاهرة تستوجب توقيف جميع الآجال؛ و في غياب هذا الإيقاف فإن الأغلبية من الملزمين ستهرول لأداء ما بذمتها في أقرب وقت ممكن مما سينتج عنه -كما هي العادة- إقبال كبير على مصالح الإدارة الضريبية المكلفة باستخلاص هذه الرسوم؛ تماما كما وقع مع مصالح السلطات الادارية عند توزيع رخصة التنقل الاستثنائية، و بما أن الضريبة في هذا الظرف العصيب لا تكتسي صبغة استعجالية "قصوى" فقد كان حريا على الوزارة و لجنة اليقظة في إطار الإجراءات الاستباقية أن تفطن لهذا الأمر تماما كما فطنت اليه مصالح استخراج بطاقة التعريف الوطنية و كذا مصالح استخراج رخص السياقة تزامنا مع فرض حالة الطوارئ الصحية؛ التي تفترض -لإنجاحها- مكوث الناس في منازلهم لا التوجه بصفة جماعية الى الإدارة؟
الفرضية الثانية: الأداء عن بعد أو من خلال القنوات البديلة هو الحل
هناك شريحة من المجتمع - نسبيا ضئيلة- تلجأ عند أداء فواتيرها إلى طرق مبتكرة سواء كان الأداء من خلال التطبيقات الذكية أو من خلال اللجوء الى القنوات البديلة، أي الوكالات التي تقدم هذه الخدمة (...) لكن رغبة الملزمون تصدم بعوائق تقنية أو مالية في غالب الأحيان، فبعض الملزمين الدين يودون أداء ضرائبهم عن بعد ولو بتكلفة إضافية لا يتقنون التعامل مع هذه التطبيقات و الحلول التي توفرها الأنترنيت، بينما الفئة الثانية التي التي يفترض أن تتجه الى خدمات القنوات البديلة ترفض ذلك بذريعة الرسوم الإضافية المفروضة من أجل استخلاص الرسم، علاوة على عدم ثقة شريحة واسعة من المواطنين من خدمات القرب هذه. بغض النظر عن ما سيجنونه من حفاظ على صحتهم من جهة و مساهمة منهم في التكاليف العامة للبلاد من جهة ثانية.
ختاما نرى أنه بين ضياع حقوق خزينة الدولة من جهة، و كذا الخوف على صحة المواطن ملزما كان أو موظفا من جهة ثانية، يجب البحث عن خيط ناظم يستوعب هذه الإكراهات المطروحة، و في نظرنا نرى أن هناك حلين عمليين اثنين يضمنان استمرارية المرفق العام و حفظ الصحة العامة كعنصر من عناصر النظام العام، ألا و هما: تأجيل وزارة الاقتصاد و المالية لاستخلاص الضرائب الى أن تزول هذه الجائحة، حفاظا على صحة المواطنين وكدا دعما لهم في الفترة التي تستلزم مصارف إضافية خاصة مع اقتراب شهر رمضان و كذا انقطاع العديد من المواطنين عن عملهم اليومي، أما بالنسبة للحل الثاني فيكمن في فتح مجال استخلاص الضرائب و الرسوم عبر القنوات البديلة دون تكاليف أو رسوم إضافية، تفاديا للاكتظاظ الجماعي الذي تعرفه القباضات في هذه الظرفية.