يراهن الرئيس ترامب على عقار كلوروكين كعلاج فعّال ضد فيروس كورونا، شأنه في ذلك شأن عدد من الدول العربية التي اشترت مخزونا هائلا من هذا العقار. فما هي حقيقة هذا العقار وما مدى فاعليته؟ بينما تزداد المخاوف من تحول الولاياتالمتحدة، وخاصة مدينة نيويورك، إلى بؤرة ثالثة لوباء كورونابعد إقليم هوباي الصينيوإقليم بيرغامو الإيطالي، هرعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بطلب قائمة من المساعدات من الحلفاء، ضمت الآليات الأساسية لمواجهة تفشي الوباء، بدء من مطهر اليدين وصولا إلى أجهزة التنفس الاصطناعي، وفق ما كشف عنه تقرير لشبكة CNN الأمريكية.وحسب المصدر ذاته، حددت وزارة الخارجية قائمة من 25 مادة، وطلبت من دبلوماسييها عرضها على الدول العاملين فيها لغرض الحصول عليها، مصنِّفة بعضها حسب تراتبية الحاجة بين "عاجل اليوم" و"عاجل بعد أسبوع". هذه الخطوة عززت الاتهامات الموجهة للرئيس ترامب في الداخل الأميركي، وذلك بالاستهتار في التعامل مع الأزمة. اليوم (الخميس 20 مارس/ آذار)، نظرة على خريطة موقع جامعة جون هوبكنز المخصصة لمراقبة أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد تشير إلى أن أكثر من 69 ألف إصابة سجلت في الولاياتالمتحدة، توفي منها أكثر من ألف شخص غالبيتهم في نيويورك. ما يعني أن الولاياتالمتحدة باتت الثالثة خلف الصين وإيطاليا من حيث عدد الإصابات. ترامب الذي ينتهج سياسة "أميركا أولا" منذ توليه منصبه، لم يأخذ الفيروس عند ظهوره على محمل الجد، فقد كان منشغلا بالتحضير للانتخابات الرئاسية القادمة مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، متناسيا خطر الفيروس الذي غزا العالم. وبدلاً من البحث عن آليات لمواجهة الأزمة التي حذرت من خطورتها منظمة الصحة العالمية قبل أسابيع، انشغل ترامب بتوجيه اللّوم على الصين، موطن الفيروس، حسبما تقول الأبحاث حتى اللحظة. خرج ترامب في مؤتمر صحفي قبل أيام معلناً عن اكتشاف مفاده، أن عقار كلوروكين المستعمل منذ سبعة عقود في مكافحة الملاريا هو علاج فعّال ضد (كوفيد -19). وبعد كلام ترامب هذا، توفي مواطن أميركي في ولاية أريزونا إثر تناوله عقار كلوروكين، كما أُدخلت زوجته التي تناولت الدواء ذاته العناية المركزة. وفي الحالتين دون استشارة طبيب مختص. دول عربية الاهتمام البالغ بهذا الدواء لم تقتصر على الأفراد، بل طالت دولاً مثل الأردن والمغرب وتونس وفرنسا، التي بدأت باستعمال هذا العقار أو عقار "هيدروكسي كلوروكين" في علاج المصابين بفيروس كورونا. ونقلت مواقع مغربية أن المغرب على سبيل المثال اشترى كلَّ مخزون شركة أدوية فرنسية من عقار نيفاكين، وهو اسم تجاري لكلوروكين، بعدما أظهر العقار فاعليته في علاج فيروس "كوفيد-19" الناجم عن فيروس كورونا المستجّد، في كل من الصين وفرنسا حسبما ما أعلنت عنه وزارة الصحة المغربية. ما قصة كلوروكين؟ هذا الحماس لعقار الكلوروكين جاء بعد نتائج قدمها طبيب فرنسي متخصص في الأمراض المعدية اسمه ديدييه راؤول متحدثا عن نتائج مذهلة حققها العقار في علاج مرضى كورونا. وينقل موقع "شبيغل أونلاين" أن مستشفى مدينة مارسيليا الفرنسية أجرى تجربة على مرضى مصابين بالفيروس، فقدم إلى 10 من مجموع 26 عقار كلوروكين فيما قدم إلى 6 آخرين المضاد الحيوي "أزيثروموسين". وأثبت التجربة تحسنا في أداء الجهاز التنفسي لدى من تناولوا الكلوروكين، بل وبدأ الفيروس بالاختفاء تقريبا من القصبات الهوائية، وفق الطبيب المسؤول. شكوك وتحفظ غير أن هناك من الباحثين وخاصة الألمان منهم، من يشكك في نجاعة هذا الدواء، مشيرين إلى أن ستة من مرضى الطبيب الفرنسي ديدييه راؤول نقلوا إلى العناية المركزة، ولم يدرجوا ضمن تقييمات التجربة، حسبما نقل موقع "شبيغل أونلاين" الألماني. نتائج التجربة وغياب التجارب السريرية الكافية للجزم في فاعلية الدواء، أدى بالعديد من الدول إلى التحفظ وعدم إقرار عقار كلوروكين كعلاج مؤكد ضد فيروس كورونا المستجد. وهذا ما يثير المزيد من التساؤلات حول الأسباب التي جعلت ترامب يطرح اسمه علنا وعلى الهواء مباشرة، ثمّ عبر تغريدة على حسابه بموقع توتير. ومع ذلك سارعت دول عربية إلى اقتناءه حتى قبيل إقراره من لدن منظمة الصحة العالمية. لكنه لا يزال قيد التجربة، حاله في ذلك حال مجموعة من العقاقير، مثل عقار Remdesivir المستعمل في علاج فيروس ايبولا وعقار آخر يستعمل ضد فيروس نقص المناعة يدعى Lopinavir. عباس الخشالي