في حوار لأمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مع الزملاء بتيلكيل عربي، حاولت الفاعلة الحقوقية تقريب تصور المجلس وإلقاء بعض الضوء على مضامين المذكرة التي صادق عليها مكتبه، يوم 29 أكتوبر الماضي، حول مشروع القانون رقم 10.16، المتعلق بتعديل القانون الجنائي، لتقديمها إلى رئيسي مجلسي النواب والمستشارين وإلى الفرق البرلمانية. المذكرة تضمنت توصيات وُصِفتْ بالجريئة وهَمّت تعديلات جوهرية على القانون الجنائي، خصوصا في ما يتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام والمقتضيات المتعلقة بالأمن الداخلي والإجهاض والعلاقات الرضائية بين البالغين والمقتضيات المرتبطة بالعبادات، و اعتبرتها بوعياش تكميلية بالنسبة للرأي الاستشاري الذي سبق أن قدمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان للبرلمان بشأن مشروع القانون الجنائي، وقد جاءت بناء على عدد من المستجدات التي اعتبرها المجلس أساسية، لذلك تضمنت المذكرة 11 توصية جديدة. بوعياش إعتبرت كذلك، أن من بين المستجدات المهمة في المذكرة، ما يتعلق بالحريات الشخصية والحياة الخاصة التي أخذت طابعا مهما جدا في التداول العمومي، وقد تابع الجميع بشكل دقيق جدا الحوارات والمواقف والآراء التي عبر عنها عدد من المواطنين داخل المغرب وخارجه بخصوص إشكالية الحريات الشخصية، مضيفة أن المغرب دولة تبنت الاختيار الديمقراطي، والديمقراطية تضم تدبير النظام العام وكذا تدبير الحياة الشخصية والحريات الشخصية. لتواصل: "إذن، نحن نعتقد أننا استحضرنا كل الآراء سواء الالتزامات الدولية للمغرب، أو مقتضيات الدستور المغربي، ثم صغنا ذلك في مذكرة، لأن دورنا كمؤسسة دستورية أن نستمع لكل الآراء وأن نصوغ ذلك ونقدمه للسلطة التشريعية التي لها كامل السلطة في التعامل معها." وجوابا عن سؤال بخصوص تقدم المجلس بتوصيات حول عدد من فصول القانون الجنائي غير مطروحة للنقاش اليوم داخل البرلمان كما هو الشأن بالنسبة لرفع التجريم عن العلاقات الرضائية، أكدت بوعياش أن هناك عدد من المقتضيات لم يشملها التعديل، ولذلك اقترح CNDH تعديلها، كما أن هناك مواد تضمنها المشروع وأوصى المجلس بتعديلها، كما هو الشأن بالمقتضى الخاص بالأمن الداخلي، حيث طالب أعضاء المجلس دائما بتغيير العنوان ليصبح المس بالسير العادي للمؤسسات الدستورية، كما أكدوا على ضرورة توفر شروط ومعايير محددة لتكوين جريمة المس بالسلامة الداخلية.
أما بخصوص مطالب بوعياش وزملائها برفع التجريم عن العلاقات الرضائية، فقد ردت المعنية بكون الأمر يأتي في إطار تراكم عمل معرفي وبحثي قام به المجلس، كما يأتي في إطار إعمال المنظومة القانونية والمعنوية التي يعيش داخلها المغاربة. قبل أن تضيف: "كما أننا سندافع عن هذا الأمر، من خلال الصحافة، فإذا ارتأت أن هذا مهم فلا بد أن تكتب عنه باستمرار، كما سندافع عنه بتنظيم عدد من اللقاءات مع مختلف الفاعلين، بما في ذلك القضاة والمحامين ومجلس النواب ومجلس المستشارين، حيث قدمنا المذكرة لمختلف الفرق من أجل دراستها. سندافع عن هذا المقتضى، لأننا نعتبر أن مسار الحريات العامة تقدم في المغرب رغم الإشكالات التي يعرفها، وهذا التطور الذي يعرفه الفضاء العام يؤدي حتما إلى المطالبة بالحريات الشخصية التي نرى ضرورة رفع التجريم عليها، لأن الإبقاء على التجريم غير ممكن في إطار الصيرورة الديمقراطية... من جهة أخرى، فنحن لم نتعامل سوى مع واقع قائم، فهل اليوم يمكننا القول أن علاقة رضائية خارج إطار الزواج تستدعي السجن؟" لتواصل:" المبدأ الذي اعتمدناه، في ما يتعلق برفع التجريم عن العلاقات الرضائية، مستوحى من الفصل 19 للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ أي أن تمس ممارسة هذه الحريات بالآداب العامة. نحن ندرك أننا في مجتمع محافظ، لكن لا يمكن أن يلغي الفضاء العام أبسط العلاقات بين الجنسين..." لتضيف"مع تطور واقع الحريات في الفضاء العام ستطرح هذه القضايا بشدة، وقد رأينا متابعة عدد من الأفراد بتهم لها علاقة بهذه القضايا مما يستدعي معالجتها معالجة قانونية" تؤكد رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.