حوالي 18 شهرا هي المسافة الفاصلة بين الحكومة المقبلة و الانتخابات التشريعية من خلال التعديل الحكومي الذي أصدر بشأنه جلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية في خطاب العرش 29 يوليوز 2019، وهو التعديل الذي دار في شأنه كلام كثير وآراء مختلفة، لكن أي بوادر لهذا التعديل لازالت غامضة وغير ظاهرة، وبالتالي من هي الأحزاب التي ستشارك في تشكيل هذه الحكومة المرتقبة، وهذا دليل على أن هناك مؤشر خلاف ما بين أعضاء أغلبية الحكومة الحالية مما لا يدع مجالا للشك أن هناك عراقيل أمام رئيس الحكومة الذي كلفه صاحب الجلالة بتشكيل هذا التعديل، أو أن هذا الأخير لازالت الرؤية غير واضحة أمامه لفتح الحوار المباشر مع زعماء الأحزاب المعنية بهذا التعديل، أو أنه يطبق المثل الذي يقول: بس دقيقة... لعل هذه الدقيقة يكون فيها الخير والاختيار يكون صائبا، أو أن السيد رئيس الحكومة قد يكون وضع الخطوط العريضة لهندسة الحكومة المقبلة والتي قد لا تتجاوز عتبة 21 حقيبة وزارية مع الاستغناء عن مناصب كتاب الدولة أو الوزراء المنتدبون، وذلك من باب تجميع الحقائب الوزارية وإدماج كتابات الدولة في الوزارة الوصية مع مراجعة هياكل هاته الوزارات بإنشاء مديريات عامة يتكلف بها أناس ذووا تجربة إدارية وميدانية قد تساعد السادة الوزراء على أداء المهمات في أحسن الظروف على أن يكون لهؤلاء المديرون تفويض الإمضاء التي لا تتطلب توقيع السيد الوزير. وبما أن الوضع السياسي والاقتصادي لا يسمحان، فالانتخابات المبكرة قد تكون مستبعدة نظرا للوضع الاقتصادي للبلاد فهو لا يسمح بإجراء انتخابات مبكرة، وكذلك الوضع الاجتماعي غير مستعد لخوض غمار هذه الانتخابات قبل الأوان، في الوقت الراهن، حيث أن هذا المجتمع غاضب عن الأحزاب السياسية وأساسا المشاركة في الأغلبية الحكومية، وما ينسحب على الأغلبية ينسحب عن المعارضة، جراء كلمة الفساد التي أصبحت تلازم لسان المواطن الذي أرهقته التجارب والوعود الصفراء والاستغلالية الممنهجة من لدن جل الأحزاب السياسية إذ لم نقل كلها، فضلا عن الغلاء المعيشي والركود الاقتصادي والخصومات بين الأبناك الممولة والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين من المجتمع المدني، والطبقات التي غُلبت على أمرها والتي أصبحت مهددة من طرف هذه الابناك التي غلت يداها وضيقت الخناق على المدنيين، وبالتالي لا أحد من الاثنين رابح، مما ينذر بأزمة اقتصادية حادة لا قدر الله، وهو الأمر الذي سيؤثر على المشهد السياسي والاقتصادي عامة، ونظرا لهذه الأوضاع الغير مثالية. السؤال المطروح هو: هل سيعاد سيناريو أزمة حكومة السيد عبد الإله بنكيران في نسخته الأولى؟ عندما انسحب حزب الاستقلال من الأغلبية الحكومية، حيث أن مؤشرا يطفو على السطح عندما أصبحت بعض الأحزاب المشاركة في الأغلبية الحالية تهدد بالانسحاب إن لم تنل من الحقائب الوزارية ما يرضيها، ومن خلالها مناضلوها، إذن هناك مؤشر أزمة حكومية وقد لا يفك قيدها إلا حزب الأصالة والمعاصرة إن هو قبل بالمشاركة في التشكيلة الحكومية المقبلة، أو بدله حزب الاستقلال، وبالتالي الاستغناء على ثلاثة أحزاب تشارك في الحكومة الحالية وهي لا تملك قوة انتخابية من حيث عدد المقاعد البرلمانية، كحزب التقدم والاشتراكية، وحزب الاتحاد الدستوري، وحزب الاتحاد الاشتراكي. أما ما يقال توزير رؤساء الأحزاب السياسية كوزراء دولة فقد يكون الأمر كالمثل الذي يقول "فكها من فم السبع ووضعها في فم اللبؤة"، وبغض النظر عن هذا إذا افترضنا ذلك ممكنا، فهناك بعض زعماء الأحزاب مغضوب عليهم ولا يمكن لهم أن يشاركوا في أي حكومة، اللهم إلا إذا وقعت تنحيتهم من على رأس الحزب المعني. لهذه الأسباب، وأمام هذا الوضع السياسي والاقتصادي لم لا؟ حكومة تقنوقراطية مؤقتة تشكل من (21) وزيرا يتمتع بتجربة ميدانية، تسهر على تهييء الانتخابات المقبلة فيما الأحزاب السياسية تعود إلى مقراتها لتراجع أدبياتها السياسية والاقتصادية، أين هي أخطأت وأين أصابت، على أن لا يعفيها هذا من المحاسبة المالية من طرف الدولة، والمحاسبة الأدبية من طرف المجتمع المدني، وكل من ثبت في حقه إخلال و فساد يحاكم محاكمة عادلة. أما الحكومة المقبلة كيف ما كان نوعها منتمية أو تقنوقراطية فأمامها إرث ثقيل لا يمكن أن تعالجه إلا وفق إستراتيجية شاملة، وفق آجال محددة بناء على تصميم محكم وقابل للتنفيذ، ويتمثل هذا في خلق مناصب الشغل، توفير الأمن الغذائي والقوة الشرائية، ومراقبة الأثمان الاستهلاكية مراقبة صارمة، مراجعة الأجور العليا، والحد من الفوارق الاجتماعية، والقضاء على اقتصاد الريع، إصلاح النظام الجبائي وإعفاء الملزمين الذين لا يتعدى لديهم الوعاء الضريبي على الدخل وضريبة التجارة 20 000.00 درهم سواء العالقة في ذمة هؤلاء وبأثر رجعي يفوق خمس سنوات، ويستمر هذا الإعفاء إلى حدود 2026 ووفق نظام جبائي جديد ومشجع، وذلك ليتنفس هؤلاء الملزمون الصعداء في أفق 2026، لذا فإن الحكومة المقبلة ملزمة باحترام وتنفيذ كل ما جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد 2019. ميزة حكومة تقنوقراطية: هي أنها ستكون قادرة على تهييء مدونة انتخابات صارمة لا تأخذها فيها رأفة، وسيعملون في ظل حماية جلالة الملك فيما يخص إصدار القوانين التي سيصادق عليها البرلمان التي التزمت الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بمساندة الحكومة التقنوقراطية في كل مشاريعها القانونية كالإصلاح الإداري، السياسي، الاقتصادي، البيئي، وأساسا من ضمن الإصلاح، مدونة الانتخابات صارمة ذات قواعد آمرة وعقابية في حالة الإخلال بها وغير قابلة للطعن. والحكومة المزمع تشكيلها في المقبل من الأيام يجب أن تخضع لشروط أساسية بحيث لا يكون أي وزير فيها يملك شركة تجارية اقتصادية أو مساهما فيها، وغير متجنس بأي جنسية غير المغربية، ولا هو متزوج بأجنبية حفاظا على سرية الدولة، ولا هو مقيم في الخارج أو له إقامة في الخارج، ويطبق هذا على أعضاء الحكومة والكتاب العامون والمديرون العامون ورؤساء الأقسام والسفراء والعمال والولاة، والمكلفون بالمسؤوليات الحساسة في الدولة بما في ذلك المؤسسات الشبه الحكومية. وقد تكون هذه التشكيلة الحكومية على النحو التالي تقنوقراطية أو منتمية للأحزاب السياسية: 1) رئيس الحكومة. 2) وزير الداخلية والبلديات، والجماعات المحلية والبيئة والغابات والمناطق الخضراء. 3) وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي. 4) وزير العدل والتوثيق. 5) وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وأراضي الجموع "السلالية" 6) الأمانة العامة للحكومة والتشريع. 7) وزير المالية والتوقعات الاقتصادية. 8) وزير السكنى، والتعمير والانشاء، واعداد التراب الوطني. 9) وزير الفلاحة و المياه والصيد البحري والتنمية القروية والمناطق الخضراء. 10) وزير التربية الوطنية والتعليم والبحث العلمي. 11) وزير الأشغال العمومية والنقل البحري والجوي. 12) وزير الصحة العمومية والتنظيم العائلي. 13) وزير التجارة والصناعة والمعادن والاستثمار. 14) وزير الشبيبة والرياضة والطفولة. 15) وزير التخطيط والتوقعات الإنمائية ومحاربة التصحر. 16) وزير الشغل والشؤون الاجتماعية والنمو الديمغرافي والجالية القاطنة بالخارج. 17) وزير الإعلام والثقافة والفنون الجميلة "الناطق الرسمي باسم الحكومة". 18) وزير السياحة، والصناعة التقليدية والمجتمع المدني. 19) وزير حقوق الإنسان وحماية الحريات العامة. 20) الوزير المكلف بالدفاع الوطني والتجهيز العسكري. 21) وزير تحديث القطاعات الإدارية والوظيفة العمومية.