الاغتيال السياسي الذي تعرض له كل من الطبيب كمال الدين فخار في سجن غرداية الجزائري يوم 28 ماي2019 والذي تعرض له الرئيس المصري المعزول المهندس محمد مرسي يوم 17 يونيو 2019 بسجنه وزنزنته الانفرادية ، يوضح بجلاء ان الاستبداد السياسي المبني على العسكرتارية الحاكمة في الجزائر ومصر يسير بهذين الشعبين الى حافة الافلاس والانهيار ويفتح المنطقة الشمال افريقية على تموجات و تحولات كبرى سيفرج عنها المستقبل القريب ، حيث ان الضغط و الاحتباس الاستبدادي سيؤدي حتما الى انفجارات اجتماعية وثوارات شعبية قادمة . المشترك في الرجلين انهما كانا مناضلين شريفين يناضلان بطريقة سلمية مدنية من اجل نصرة قضايا الديموقرطية وحقوق الانسان وحوكما محاكمات سياسية تفتقد لادنى شروط المحاكمات العادلة واعتقلا من طرف طغمة عسكرية جاثمة على صدور الشعبين الجزائري والمصري ، المشترك بينهما كذلك انهما وضعا في زنازين نفرادية خوفا من تسلل افكارهما التحررية الاصلاحية الى عقول وافئدة الملايين من انصار الحرية والعدالة والديموقراطية . قد نختلف وهذا حقنا مع افكار الرجلين وقناعاتهما السياسية وتوجهاتهما الفكرية لكن هذا الاختلاف الطبيعي والمطلوب مع افكارهما لا يمكن ان يجعلنا كحقوقيين مدافعيين عن حقوق وكرامة الانسان كانسان بغض النظر عن موقفه ولونه وجنسه ودينه ، ساكتين وصامتين باي وجه من الوجوه عن اغتيالهما السياسي والمعنوي والجسدي لاننا قد نتوهم استفادة اديولوجية و سياسية من اقصائهما وازاحتهما عن ساحة الاحداث ، كلا ثم كلا ، فاختلافنا مع جماعة الاخوان المسلمين وافكارها وتوجهاتها وارتباطاتها وو لايمكن ان يعني بشكل من الاشكال ولا بوجه من الوجوه دفاعنا عن اقصائها السياسي او سجن اعضائها او انتهاك حقوقهم ، كما ان اختلافنا مع الحركة الامازيغية الجزائرية بالجزائر او المغرب او اي مكان و تقديرنا المختلف مثلا لمطالبها و رهاناتها لا يجب ان يكون مبررا للتشفي في اغتيال زعيم امازيغي وحقوقي مات مناضلا معزولا في سجون الظلم والهوان في غرداية الجريحة ، لان المقاربة الحقوقية ذات العمق الانساني يجب عليها ان تحارب العمى الايديولوجي الذي يستبد بعقولنا وافئدتنا ويجعلنا نتماهى مع منتهكي حقوق الانسان وجلادي الشعوب . الرئيس المصري المعزول محمد مرسي انتخب انتخابا ديموقراطيا تعدديا بشهادة الجميع وتم اسقاطه وعزله بطريقة لاديموقراطية وتعسفية وتم سجنه ظلما وعدوانا ضد كل المبادئ والقوانين الحقوقية المعمول بها دوليا وحيكت ضده ملفات قضائية مبركة من قبيل التخابر مع حركة حماس التي يتحاور معها يوميا الديكتاتور عبد الفتاح السيسي واودع زنزانة انفرادية لمدة ست سنوت ومنع حتى الشعب المصري من توديعه الى مثواه الاخير ، اي ظلم اشنع من هذا الظلم والتصرف الديكتاتوري من سلطة مهزوزة في شرعياتها مستقوية بالمحاور الاقليمية على شعبها ، اي هوان ما بعده هوان ان تصادر ارادة الشعب المصري في مستقبل ديموقراطي تعددي وان تجهض امال ثورته الشعبية في نقل مصر الى مصاف الدولة الديموقراطية . المناضل كمال فخر الدين ناضل بالكلمة الحرة وجابه الطغمة الديكتاتورية العابثة بمصائر الجزائريين بكل قوة وبسالة وشجاعة لذلك استحق ان يلتحق بركاب شهداء الراي والتعبير الذين خلدت اسمائهم في سجلات العز والكرامة . وكأي حادث جلل لابد من استحضار الدروس والعبر ، فالمصائب و الكوارث و المحن رغم قساوتها وضرواة نتائجها و اثارها النفسية والمادية الا انها تترك عبرا ودروسا للشعوب يجب الاستفادة منها ، فاغتيال محمد مرسي و كمال الدين فخار وهما من تيارين مختلفين سياسيا وايديولوجيا يمنحنا الخلاصات التالية: * لايجب ان نترك العمى الايديولوجي و النظرة السياسية الضيقة تفرق بين المناضلين من اجل الحرية والكرامة وحقوق الانسان ، فالانظمة الاستبدادية لا ترغب بالاسلامي الا حينما يكون ذلك في مصلحتها كما انها لا ترغب باليساري التقدمي وان شجعته الا عندما يكون مستعدا ليكون اداة طيعة في ايديها ، هذا هو التاريخ وهذه هي دروسه البليغة ،فمرسي كان اخوانيا اسلاميا و فخار كمال الدين كان حداثيا علمانيا ولكن كان مصيرهما واحد وبالطريقة نفسها السجن والاهمال والتصفية ، فالطغم العسكرية والاستبداد السياسي لا مبدأ لها ولا اعتبارات مرعية سوى المصالح الضيقة للدولة العميقة في البلدين التي تمثلها هذه الطغم الحاكمة ، فقد استغل اليسار لضرب الاسلاميين واستغل الاسلاميين لضرب العلمانيين و استغل السلفيين لضرب الاخوان واستعمل الاخوان لاقصاء الليبراليين.. ، كل هذه الاستغلالات التمويهية المصنوعة في دهاليز الغرف المظلمة كان هدفها الواضح والجلي تشتيت الشعوب وإلهائها عن معاركها الرئيسية في الحصول على حقوقها والاستفادة من ثرواتها والانتقال نحو الديموقراطية وقطع للطريق على اي تفاهم واتفاق بين دعاة الحرية والعدالة وحقوق الانسان ، لان اتفاقهم نذير شؤم على الانظمة وايذانا بقرب هلاكها ، فلا يهم التصنيفات الايديولوجية و التميزات السياسية في المراحل الانتقالية للنضالات الشعبية بقدر ما يجب تجدير الوعي بالديموقراطية واهمية التداول السلمي على السلطة وترسيخ الاختلاف والتسامح و تقبل جميع الاراء في المجتمع ، هذه التربية السياسية هي القمينة بنقل شعوبنا الى مرحلة التفكير في المشترك وتعظيمه و تدبير المختلف فيه وفتح النقاش فيه ، ففي المانيا الديموقراطية مثلا يتعايش الحزب الديموقراطي المسيحي مع الاشتراكي الديموقراطي مع الاصلاحي الليبرالي في جو ديموقراطي برلماني رائع ، المهم هو ان يكون الصندوق الزجاجي الشفاف هو الفيصل واحترام ارادة الناخبين هي الهدف . *الرهان على انظمة الغرب من اجل تنمية وتطوير ودمقرطة اوطاننا رهان خاطئ وواهم من يعتقد بان الانظمة الغربية تريد بنا خير ، بعيدا عن نظرية المؤامرة وبعيدا عن منطق عن بحث مضني عن مشجب ما لرمي اخطائنا على غيرنا اي الاخر هو العدو كما يقول بول سارتر ، بعيدا عن هذا المنطق نقول بان الانظمة الغربية تسكت عن جرائم انظمة الشرق وتستفيد من ذلك اقتصاديا وتجاريا وماليا ، فالولايات المتحدةالامريكية حريصة على دعم وتحصين انظمة الخليج ضد اي ريح ديموقراطية تهب نسائمها الشعبية هنا وهناك ، والدليل ان ادارة ترامب سكتت عن جرائم النظام السعودي وسجونه المليئة بالمعتقلين ومنهم ذو الجنسية الامريكية والانجليز سكتوا عن قمع حقوق الانسان بمصر في عهد مبارك والسيسي وتفرجوا على جرائم العسكر ، و فرنسا سكتت بل وتواطئت مع النظام الجزائري في تقتيل شعبه واهانة مناضلي الجزائر. لذلك الرهان على الانظمة الغربية رهان خاطئ ولكن الشعوب الغربية والصحافة الغربية والمنظمات الحقوقية الغربية سند رئيسي لشعوبنا و لنضالاتنا يمكن الاستفادة من تجاربهم لخوض تجاربنا المحلية.
*احزابنا السياسية العاجزة عن ادانة اغتيال مرسي وكمال الدين فخار بدعوى حسابات سياسية تراعي مصالح هذه الجهة وتلك لايعول على هذه الاحزاب في قيادة دفة التغيير و الانتقال بنا من مرحلة الاستبداد الى مرحلة الديموقراطية ، ففساد الوسائل والادوت يؤدي حتما الى فساد الغلة والمنتوج ، فعندما يعجز حزب العدالة والتنمية المغربي مثلا عن ادانة جريمة قتل مرسي ويدعي هذا الحزب اقتسام المرجعية الاسلامية معه ، فاعلم ان هذا الحزب مدعي وغير مستقل وغير جدير بان يمثل صوت المقموعين والمظلومين و دعاة الحرية .