المصادقة على 216 نصا قانونيا خلال سنة 2024    الغموض يحوم حول مصير اشتراكات وتعويضات 3 ملايين منخرط سيتم ترحيلهم عنوة لنظام AMO الحكومة صادقت على نسخة معدلة تضحي بمنخرطي كنوبس مقابل إنقاذ التعاضديات من الانقراض    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    لقاء يجمع وهبي بجمعية هيئات المحامين    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحرير العقل المسلم من سطوة الخرافة خطوة نحو بناء الحداثة الاسلامية (النقد المزدوج)
نشر في أخبارنا يوم 22 - 04 - 2019

يعتقد بعض مدعي الحداثة والتجديد عندنا في العالم العربي والاسلامي ان تطوير وتجديد الخطاب الديني وقراءته بأدوات معاصرة ومناهج حديثة ، لبد و ان يتعاطى هذا التجديد والتحديث المزعومين مع الايات القرانية القطعيات الدلالة للاتيان بحقائق جديدة ولاكتشاف عوالم وفتوح وتفسيرات غير مسبوقة.

(ظنا منهم ان العلم الحاصل بطريق الوحي يناقض العلم الحاصل بطريق العقل) (1).
والحقيقة انها دعوة غريبة ملتبسة مجانبة للصواب , وإلا ينبغي ان يخبرنا اصحاب هذا الطرح الحدثي العلماني ,ان هذا القران لم يعد صالح للزمان الحاضر زمن التكنولوجيا والتقنية المتطورة، وانه وجب علينا الاستغناء عنه والاخد فقط بالقوانين الوضعية المادية ،ان وقف النص في وجه التاويل العقلي,
اذا ارادت الامة النجاة والعبور الى بر الامان لتامين وضعها المازوم .
وهي فكرة غير دقيقه تحتاج لتوضيح اكثر وتبيان غفل عنه العقل الحداثي العلماني العربي ،المهووس بكل ما هو دخيل على ثقافتنا الاسلاميه وبكل ماهو انتقاص من مقوماتها الحضارية والثقافية .
والمبجل لكل ماهو غربي.
وحتى لايفهم من كلامي اني ضد خطاب التجديد والتحديث فالمقصود هنا التجديد في القوالب الفكرية الناظمة لتفكير العقل المسلم وفي هدم الاصنام والخرافات الثاوية في عقول المسلمين حسب -عبارة نيتشه- لتغيير بنية افكارهم الموروثة ارثا تقليديا لاواعيا نمطيا من التراث دون المساس طبعا باحكام
القران الكريم .

اذ ليس الاشكال قاصرا على الآيات القرآنية القطعية اوالظنية الدلالة ، او ان المشكل يكمن في إغلاق باب الاجتهاد الذي اقفله اتباع المذاهب السنية الأربعة وراءهم في عصور الجمود والانحطاط ،اوان المشكل في عقل الشافعي او مالك او في علم اصول الفقه.
بل هو اشكال اعمق بكثير من قطعيات القران الكريم ،انه اشكال يمس جوهر تشكل التفكير الديني الموروث عند المسلمين الذي امتزج بالقبلية الاجتماعية القروسطية
و (التكييفات الفقهية السياسية المدلسة الخادمة لأغراض وايديولوجيات فقهية وسياسية معينة) (2).
التي حاولت جاهدة التلاعب بالعقل الفقهي الاسلامي وتكييفه مع الاهواء لصالح مصالح الناس الاجتماعيه والسياسيه كي يجدوا لهم موطىء قدم في الساحة الاجتماعية والسياسية وحتى المادية لتحقيق الغنى والجاه والسلطان والوجاهة ولو بالتوظيف السياسي للدين .
حتى تمكن هذا العقل الإسلامي المكيف الجديد من خلق اسلام قبلي عرفي طقوسي قبوري تبريري قياسي وسطحي غير متسم بنزعة حضارية ولاعقلانية ، همه ارضاء الاهواء والنزوات والمطامح.
وغير منضبط بحركة الاسلام الكلاسيكي الحضاري الاصيل، وايضا غير مواز له على صعيد الممارسة العملية الحقة بنهج قويم وسليم.
هذا الاسلام التقليدي المزيف الجديد اصبح
يبحث له عن شتى التبريرات للبقاء ضمن داىرة الإسلام الحضاري ، وانه اي هذا الاسلام المكيف ،رغم انحرافه مازال متشبت بداىرة القران يستنبط منه لصالح اجنداته السياسية، يقنع الناس انه اصيل وانه الوحيد الذي يرى مالايرى الناس ولايدركون،
كي لايتم تهميشه ويطرد -بضم الياء- خارج هذه الدائرة الرسمية وكي لايعزل ويرمى بعيدا عن الاسلام الحضاري العقلاني حتى ولو ادى به الامر الى جعل الاحكام الفقهية الظنية الدلالة قطعية فلا ضير عنده .

هذا هو عمق الاشكال الذي غفل عنه العقل الحدثاوي العربي الذي ظن المشكل في الآيات القطعية وأنها سبب تخلفنا ورجعيتنا ان لم نعطيها تاويلا جديدا عقلانيا يلاىم العصر الحديث ويواكب الحداثة العقلانية والقوانين الدولية والأحكام الوضعية
المنتصرة لفكر هانتغتون الذي يقول-ان المعتقدات الغربية العالمية تفترض ان شعوب العالم باسره لابد لها ان تعتنقد القيم والمؤسسات والثقافة الغربية لانها تجسد ارقى فكر ولانها اكثرها استنارة و لبيرالية وعقلانية وحداثة وحضر(صدام الحضارات).

وكيف لنا ان نعطي القطعي الدلالة تاويلا جديدا لم يعطيه رسول الله( ص) ولااصحابه رضي الله عنهم.
ونحن نعلم ان القطعي الدلالة( هو مادل على معنى متعين فهمه منه ولا يحتمل تاويلا ولامجال لفهم معنى غيره منه)(3). فالقطعي بهذا المعنى هو صلب الوحي القراني الذي لا يتغير بزمان ولا مكان .كايات الميراث وتعدد الزواج والربا والزنا الذي لامكان فيه لاجتهاد جديد . مثل ان تصبح العلاقات الرضاىية بديلا للزواج الى غير ذلك من الاحكام.

إن موقفي الذي ادعوا إليه هنا هو موقف توفيقي يدعوا الى( الاخد من الحداثة الاوربية ما لايتناقض مع قيمنا الدينية والحضارية ومن التراث العربي الاسلامي مايساير العصر الحاضر ومتطلبات التقدم) (4) .
فالمسالة اذن تتعلق بتحرير الاسلام مما علق به في ازمنة الانحطاط خاصة في( باب الاحاديث الضعيفة وخبر الاحاد الذي انزل -بضم الهمزة- منزلة القران والمندوب الذي انزل منزلة الواجب والظني الذي اصبح قطعي) (5)
وتاويلات الفقهاء الممزوجة بنكهة سياسية خاصة في مسالة القضاء والقدر والجبر والاختيار اللذين لبسا رداء سياسيا ( حيث تم توظيف الايات القرانية توظيفا لاغراض سياسية دنيوية قطعتها عن سياقها وعزلتها عن اسباب نزولها )(6)
هنا يكمن الخطر على العقل المسلم الذي وجد نفسه تاىها حاىرا بين تاريخ قديم من الخلافات الفقهية العقيمة التي لاتسمن ولاتغني من جوع ولا تلامس قضايا الشباب الحالي واهتماماته، كبعض خطب الجمعة الجامدة البعيدة عن العمق الحضاري للاسلام المغرقة في بديهيات الدين من وضوء وصلاة وصيام ومواعظ ، وكانها موجهة لاناس حديثي عهد بالاسلام، وبين صمت العلماء الربانيين عن توجيه الناس لفهم صحيح الاسلام من دخيله.
لكنها اي هذه الخلافات الفقهية العقيمة التي استطاعت ابعاد الشباب المسلم عن هموم الحاضر و التي لم يفهم اصولها السياسيةالتارخية اساسا، مارست التضليل والتخدير بوعي او بدون وعي واسهمت في تاخير الامة لقرون عديدة وعطلت ملكة التاويل الحقيقي للظني الثبوت والاحاديث النبوية ، من اسنباط الاحكام العميقة المراعية فقه الواقع ،

و نضرب مثال هنا ، ماوقع في حفل استقبال البابا مزجت فيه الترانيم النصرانية واليهودية بابتهالات دينية وتهاليل ،اعتبرت من قبل البعض الذي مازال يمارس مامارسه العقل الفقهي القديم من تمويه وتضليل وتزمت، بدعوى الدود عن حمية الدين ،والغيرة على دين الله , اعتبرت بدعا من القول وزورا واثما مبينا يلزمه استنكار وشجب،
والحقيقة يقول احد ابرز قامات الفكر القانوني والفقهي في احد كتبه (وقبل القران زواج الكتابيين من بعضهم البعض ولم يفرق بين الرسل سوسيولوجيا في المجتمع المؤمن من ادام الى محمد ، فكيف يضمن المسلم ذهاب زوجته المسيحية الى الكنيسة ويحضر اعيادها ويسقي نفسه من ريق فم شرب الخمر ،ونقول ان الاسلام لايعمل على تجاوز الاختلافات الثقافية، ويكمن سره في تقديم حقوق الانسان العابرة للاديان بقوانين الفطرة والعلم على باقي العوامل) (7) انتهى الاقتباس.
الم يكلمنا ربنا عن اهل الكتاب ودعى الاحسان اليهم قال تعالى :*ذلك بأن منهم قسيسين و رهبان وانهم لايستكبرون،واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا ءامنا فكتبنا مع الشاهدين* صدق الله العظيم
وهاهم علماؤنا الاجلاء ثارت ثائرتهم لمجرد لوحة فنية بنكهة التسامح والحوار , يخرجون عشرات البيانات والمقالات دفاعا عن الاسلام ويكيلون كل انواع التهم للغرب المسيحي الملحد الذي همه حسب ظنهم هو تنصير ابناىنا ومحاربة اسلامنا ودينينا وقيامنا.
ونسوا او تناسو أن هذا الغرب المسيحي الملحد ليس على شاكلة واحدة، فاغلبهم المسيحي العلماني المتسامح المدافع عن حقنا في الوجود، يبني لنا المساجد فوق أرضه ويحتضن أنشطة علماىنا الدعوية حتى المتطرف منها على دياره ، ومنهم الصهيو صليبي المتعصب الحاقد. على الاسلام , وهم أقلية متزمتة نازية طبعا .

فلماذا ياعلماؤنا الاصرار على وضع البيض في سلة واحدة والايمان دوما بنظرية المؤامرة ضد الإسلام .الاترون انه يتم قمعكم في بلدانكم ويتم التضييق على انشطتكم وربما منعكم في دياركم , فحين هذا الغرب المسيحي اللاىكي الملحد يفتح أحضانه حتى للمتطرفين ينعمون بالحرية والحماية .فكفى من خطاب التحريض وعمى الالوان فالحروب الصليبية انتهت وهناك الان غرب سياسي ،ينبغي التعامل معه باليات جديدة عصرية غير تلك التي تحاول استرداد نفس الاليات القديمة

صحيح ان خطاب الالحاد والتنصير طفا مؤخرا على سطح الاحداث ووجب الانتباه له , لكن يبقى مصدره ابناء جلدتنا وابناء اوطاننا الذين ضاقوا درعا بخطابتكم الفقهية الميتة المتزمتة التي لاتخاطب فيهم العقل والروح بقدر ماتخاطب فيهم الانقياد والطاعة العمياء والركون للماضي وكانهم معزولين في جزيرة ناىية عن العالم، وكانهم اموات لااحياء .

والدليل برامج الاخ رشيد و حامد عبد الصمد ومجموعات الملاحدة والعلمانيين على فيسبوك: تتلاعب بمشاعر الشباب الدينية وعواطفهم القلبية ويستغلون حاجتهم وتعطشهم لفهم دينهم فيسقطون في دغدغة العواطف ومتاهات التشكيك في القران والحديث والسبب راجع بالاساس الى غياب مؤسسة العلماء عن القيام بدورها التنويري التعليمي التثقفي وانسحابها لصالح هؤلاء يلقنونهم الجهل و الخرافات المثيرة للغثيان بدعوى انها تجديد وكشف عظيم للمسلمين وتبيان للحق وهي الباطل بعينه.

. فالتطوير والتجديد والتحديث من وجهة نظري ينبغي ان يكون في الامور التي تكبل وتشل وتعيق تفكير المسلمين وتبطل لديهم حاسة النقد والتفكير
وتوهمهم بالاعتقاد في الخرافات الباطلة التي ليست من الاسلام في شئ ولا قال بها الشرع الحنيف, بل علقت به في عصور الانحطاط والجمود , كالإعتقاد في الاضرحة والدروشة والاوهام والاساطير والخرافات والتصوف الشركي والاعتقاد في السحرة والارواح الشريرة والخزعبلات وغيرها من الهرطقات,
مما يعطل لدى الناس حاسة التفكير والفهم والابداع والخلق والابتكار ، ويدخلهم في باب الوهم والمتاهات والوساوس والخوف حتى من الدين نفسه ، ويصبح الفرد المسلم حائرا تائها يلوك كلام ماقال العالم الفلاني وما لاك العالم العلاني ممايولد معه الاضطرابات والامراض النفسيه - مثل البارانويا والاكتئاب وتعاطي الشعودة والدجل والسحر
والرقية الغير المنضبطة للشرعية عند أغلب المسلمين خير دليل . حيث يبتعد الفرد المسلم عن العلم والطب والدواء الموصى به في نصوص القرآن والسنة ويعتنق الخرافة.

ان العقل الحداثي العلماني العربي عليه ان يدرك ان الخوض في القطعيات وتاويلها ليست هي جوهر اشكال تخلفنا الحضاري المادي والفكري ولا هي الكابح والمعيق لتقدمنا ، بل العقل الخرافي كما سوف ابين في ماياتي سبب انتكاساتنا الحضارية والثقافية.
حيث يستغل المدلسون والمشعوذون وتجار الدين في كل عصر من العصور الفقر والجهل والخوف من المستقبل لزع الاوهام والمخاوف في عقول المسلمين، حيث يجعلونهم يعيشون حالة من الارهاب والقلق الروحي والنفسي من قبيل اقناع البعض بأنهم مسحوريين ومستهدفين وأنهم فقراء بفعل فاعل متربص بهم وانهم مرضى بفعل شياطين خالطتهم المكان والزمان وأنهم عاجزون عن تحقيق الغنى وتطوير الذات بإرادة فلان وفلانة اللذان يلاحقانهم ويكيدون لهم المكاىد ويتربصون بهم الدوائر.

او حينما يستغلهم اصحاب المذاهب لخندقتهم وفق اجندة معينة وايديولوجية محددة ,مثلا كإقناعهم بإتباع فرقة اصولية متطرفة معينة او اتجاه فلسفي وسياسي متطرف دون تزويدهم باليات استخدام العقل ودون تزويدهم بوسائل الحجاج و الاقناع والنقد الكفيلة بتغيير نمط تفكيرهم وعدم سقوطهم ضحية لافكار التطرف، حتى لا يسهل تجييشهم وادلجتهم وتجنيدهم لاغراض معينة وحتى لايتم توظيفهم وفق هوى اي مدلس او صاحب دعوى كيفما كان نوعه وتفكيره.
وهذا ما نراه لدى بعض الانظمة السياسية التي تستعملهم كحطب ووقود لخدمة اهدافها السياسية والايديولوجية والدينية والبروباكاندا الدعاىية ،
بدل ان تجعلهم يفكرون ويختارون لانفسهم ولذواتهم وفق قناعاتهم الشخصية وعلى قدر افكارهم وافهامهم
عند ذالك إما يؤمنون اويكفرون بما يرونه مناسب لهم لقناعاتهم الذاتية .
وهذا هو جوهر وروح الاسلام الحضاري المتنور الذي قال لاإكراه فالدين \من شاء فليومن ومن شاء فل يكفر \ افأنت تكره الناس حتى يكونوا مِؤمنين/ لكم دينكم ولي دين.
وغير ذالك من الايات القراَنية الحداثية في باب العقيدة والاعتقاد , فما بالك في باب السياسة وباب الامور النسبية والامور الدنيوية العابرة .
وهنا يظهر لنا غياب العلماء عن التأطير الحقيقي للناس وإفهامهم الاسلام الصحيح , غير ان العلماء والفقهاء يفضلون احاديث مبطلات الصيام ونواقض الوضوء وتبرير الفقر والحث على الصبر والركون للماضي والتقوقع المذهبي ضنا منهم انهم يخدمون الاسلام خدمة عظيمة، فحين انهم لايعيرون
اي اهتمام لتحرير الفرد المسلم من العبودية الفكرية ، هذا ان كانوا هم انفسهم قد تحرروا منها ، وكيف لهم ان يتحررو ا من العبودية بأشكالها وهم يعادون حتى الخطاب الفلسفي المعتدل والمتنور ويعتبرون كل حداثة اسلامية وتجديد فقهي هرطقة وبدعة وجب التصدي لها ،
وابن رشد خير مثال ، ولانستثني العصر الحديث من التكفير والتخوين مع فلاسفة متنورين امثال عابد الجابري وطه عبد الرحمان وفضل الرحمان ومالك بن نبي وعلي شريعتي ومحمد حسين فضل الله والشيخ محمد الغزالي ومحمد عبده والافغاني والكواكبي وغيرهم من المجددين والمتنوريين اصحاب الخطاب الاسلامي الحداثي الحضاري المعتدل .

.فهل الاسلام يا علماء وفقهاء الامة دعا للتحرير والتنوير ام للتزوير والتنفير ؟. وشغلنا بسافسف الامور وبدع القرن 21 التي اخترعتموها ،فلا نجد لكم صوتا لدعوة الشباب ليكون حامل مشعل الااسلام الحداثي المعاصر .وكيف للشباب ان يكون منخرطا في قضايا التحديث والتجديد والدفاع عن المشروع الاسلامي الحداثي وانتم تسوقون له الوهم والخزعبلات الماضوية والصراعات الفقهية البالية وانتم تخاصمون كل دعوة للتجديد والتنوير والتشكيك في اسلام صاحبها وايمانه.
وها نحن نرى شباب اليوم يحتضن ويعتنق خطاب الحداثة الغربية دون تردد ودون تمحيص ودون نقد لانكم تركتموه لخطابكم المتزمت الذي لايراعي خصوصية اجيال اليوم ومطالبهم المستجدة وتعطشهم لخطاب انوري اسلامي منفتح .
و ها نحن نرى بعض الفقهاء غفر الله لهم يبين هل مضاجعة الدمية حلال ام حرام وهل مضاجعة المرأة الميتة حلال ام حرام وهل الارض كروية ام مسطحة؟
وغيرها من الفتوى المزيفة والمخدرة لوعي الناس مع شيوخ لانود ذكر اسماىهم وتخليدهم هنا ،لانه لايخلد الا العظماء في التاريخ.
.وهذا ما جاء الاسلام الحضاري ليحرر الناس منه، من عبادة العباد الى عبادة رب العباد وقول الامام مالك (كل يؤخد من كلامه ويرد ،الاصاحب هذا القبر ) يقصد رسول الله *ص*، فكيف ان تجرات ورددت عليهم؟
وهذا هو جوهر وكنه الحداثة والتنوير الاسلاميين ، فالعقل المسلم المستقيم السالم هو الذي يهتدي بدلالات الوحي والعقل لا بدلالة قال الشيخ الفلاني وحكى الشيخ العلاني، وهذا هو جوهر الدين الحق .
وهذا ما ينبغي ان يسعى له المصلحون الحقيقيون لاصلاح الامة.
المصادر
1_ مجلة الوحدة /ع81/سنة1991/العرب والتنوير
2- كتاب (في الفقه السياسي ) مقاربة تاريخية
الدكتور محمد محمد امزيان.
3- علم اصول الفقه تاليف(عبد الوهاب خلاف)
4-المشروع النهضوي العربي - مراجعة نقدية (الدكتور محمد عابد الجابري)
5-محاضرة على يوتيوب للدكتور عبد الحميد العوني بعنوان (الاسلام والحداثة)-مقاربة تحليلية
6- التراث والحداثة -دراسات ومناقشات- (الدكتور محمد عابد الجابري)

7-كتاب القران مرجعية قانونية لمبدا حقوق الانسان (الدكتور عبد الحميد العوني )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.