القرآن الكريم معجزة النبي محمد عليه الصّلاة والسّلام الخالدة، فهو معجزٌ بحروفه وآياته وكلماته، وقد تعدّدت صور إعجاز القرآن الكريم وتنوّعت؛ فمرّةً يعرض للأمة حقائق وغيبيّات لتحدث كما أخبر عنها القرآن ومن ذلك قوله تعالى: (الم*غُلِبَتِ الرُّومُ*فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ*فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)، فقد أخبر الله أنّ الروم التي كان المُسلمون يُحالفونها في ذلك الزمن ستنتصر بعد هزيمتها الأخيرة، وكان في ذلك بشارة للمُسلمين تحقّقت بعد فترة قصيرة، وتارةً يتحدّث في أمور علميّة وخفايا لا يطّلع عليها سوى أهل العلم والتبحّر، ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عن ظاهرةٍ كونيّة هي أنّه في إحدى المراحل في البحر وفي طبقاته السُفلى فإن الأشياء ستختفي ولا تكاد تظهر من شدّة الظّلمة في البحر، وهو ما أثبته العلم حديثاً، وغير ذلك الكثير من الآيات التي تحدّثت عن أمور وحقائق أثبتها العلم لاحقاً، وكان أيضاً من إعجاز الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن اختصر جُمَلاً في كلمةٍ واحدة، فإن بعض كلمات القرآن الكريم حَوَت جملاً فعليّةً أو إسميّةً تامةً، وذلك غاية الإعجاز اللغويّ والبلاغيّ. معنى القرآن الكريم القرآن في الغة مصدر من الفعل قرأ، بمعنى الجمع، يُقال: قرأ قُرآناً، قال الله عزَّ وجلّ: (إنَّ علينا جَمعهُ وقُرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه).
أمّا القرآن الكريم في الإصطلاح فهو: (كلام الله المُنزَل على مُحمد عليه الصّلاة والسّلام، المُتعبَّد بتلاوته، المَنقول بالتّواتر، المَبدوء بسورة الفاتحة، المَختوم بسورة النّاس).
يحوي القرآن الكريم في ثناياه ثلاثين جزءاً، كلّ جزء يتكوّن من حزبين، فيكون عدد الأحزاب ستّين حزباً، كما أنَّ عدد سور القرآن الكريم مئة وأربع عشرة سورةً، وعدد آيات القرآن الكريم 6236 آيةً.
معنى الآية الآية في الأصل: العلامة الظاهرة واشتقاقها من (أي)، ويُقصد بها أيضاً: الأمارة والدّليل القاطع، وتُطلَق أيضاً على المعجزة.[8] وهذه المعاني كلّها مُرادة في تسمية القطعة ذات المُبتدى والمنتهى المدرَجَة في السورة من القرآن.
الآية القرآنية في اصطلاح العلماء: (هي طائفةٌ من القرآن يتّصل بعضها ببعض إلى انقطاعها، طويلةً كانت أو قصيرة).
وعُرِّفت أيضاً بأنّها: (طائفة حروف من القرآن، علم بالتّوقيف انقطاع معناها عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخره، وعن الذي قبلها، والذي بعدها في غيرهما غيرمُشتَمل على مثل ذلك.
طريق معرفة الآية إنّ طريق معرفة الآية القرآنيّة هو السّماع من النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقد كان يُحدّد من خلال قراءته بداية الآيات وخواتيمها، فعَلِمَ الصّحابة رضوان الله عليهم ذلك، ومن ثم نُقل بالتّواتر عدد آيات كلّ سورة من سور القرآن الكريم كما وقف عليها رسول الله عليه الصّلاة والسّلام.
فالآيات علم توقيفيّ لا مجال للقياس فيه كما قال الزمخشري؛ فمثلاً (حم) تُعتَبر آيةً، و(حم) و(عسق) تُعتَبران آيتين، ولولا أنَّ الآيات عَلَم توقيفيّ لما تمكّن العلماء من الاجتهاد في معرفتها؛ فبعض الآيات طويلة وبعضها قصيرة، فمن الصّعب وضع مِعيار مُحدّد لمعرفة الآيات.
فوائد معرفة الأيات عدَّ العلماء لمعرفة الآيات فوائد كثيرة، منها:
معرفة الحدّ الذي يقع به الإعجاز، فالله عزَّ وجلّ تحدّى النّاس بأن يأتوا بسورة من مثل القرآن الكريم. أقصر سورة في القرآن هي سورة الكوثر، وعدد آياتها ثلاث آيات، فدلّ على أنّ كلّ ثلاث آيات قِصار مُعجزة.
معرفة المسلم لما يُجزّئه من القراءة في الصّلاة بعد سورة الفاتحة، فأقلّ ما يُجزِئه قراءة سورة أو آية تقوم مَقامها ثلاث آيات.
على المُسلم الذي يجهل سورة الفاتحة ولا يحفظها الإتيان بسبع آيات أخرى أثناء الصّلاة، وكذلك الأمر في خطبة الجمعة؛ فإنّه يتوجّب فيها قراءة آية كاملة، فمعرفة الآيات ضروريّ من هذه الجهة.
معرفة الوقف والابتداء، أي معرفة أوائل الآيات ونهايتها ليتمكّن من الوقوف على رأس الآية والبداية بالآية التي تليها.
أطول كلمة في القرآن إنَّ أطول كلمة جاءت في القرآن الكريم هي كلمة (فأسقيناكموه)، في قول الله عزَّ وجلّ: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)، وعدد حروفها أحد عشر حرفاً، ثم تأتي بعد ذلك كلمة (اقترفتموها) في قوله عزَّ وجلّ : (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، وكلمة (أنلزمكموها) في قوله عزَّ وجلّ: (فقَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) وعدد حروف كلٍ منها عشرة حروف.