في زمن الرداءة والميوعة التي نخرت المشهد الفني عموما، وأبو الفنون على وجه التحديد، حيث اقتصرت جل الأعمال على البحث عن "الضحك الخاوي"، جادت قريحة فرقة "البساط" بمدينة بنسليمان، بعمل فني هادف، حاز احترام وتقدير كل من تابعوا عرضها المسرحي الجديد " مجادف الريح"، الذي يندرج في إطار المسرح "الملحمي". هذه المسرحية الجديدة التي لاقت استحسانا كبيرا من لدن الجمهور المغربي بعد عرضها بعدد من المدن، تحاكي جانبا من الكواليس الساخنة التي يعيش على وقعها المشهد السياسي المغربي، حيث تتمحور فصولها حول أحداث وصراعات سياسية داخل حزب معين، كان مغيبا و مهمشا، بسبب مبادئه و أفكاره التي جرت عليه غضب جهات معينة، وكان دوره لا يتجاوز حد الارتكان إلى زاوية المعارضة في أي حكومة انتقالية، في وقت زج بزعمائه و مناضليه الحقيقيين في المعتقلات والسجون، ومنهم من نفي خارج أرض الوطن، وضل البقية ينتظرون إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين وعودة المنفيون. بيد أن أطوار هذا العمل المسرحي ، ستنحى منحى رهيبا مباشرة بعد عودة أحد مؤسسي هذا الحزب، والذي بفضله تقدموا للانتخابات البرلمانية، ومنهم من أصبح في السلك الدبلوماسي والوزاري، حيث تنكروا للمبادئ والمواقف التي تربوا عليها داخل حزبهم، كما تنكروا لزعيمهم العائد من المنفى، والذي بفضله تسلقوا سلم المناصب العليا، ما اضطره للانسحاب بشكل نهائي من هذه اللعبة " السياسية" التي كانت ستعرض حياته للخطر بعد أن تآمروا على قتله. جدير الذكر أن هذا العمل المسرحي هو من تأليف و إخراج قيدوم المسرحيين، الفنان المقتدر أحمد كارس، بمشاركة الفنانة مونيا لمكيمل، المتوجة أخيرا بلقب أفضل ممثل في الوطن العربي، بدولة الكويت، والفائزة تباعا 6 مرات، بلقب أفضل ممثلة بالمسرح الوطني للشباب، علاوة على الفنان رشيد عسري، عادل نعمان، مصطفى السميهري، ياسين الطويل ومصطفى عازب.