ناصر بوريطة: المملكة المغربية تدين بشدة خرق وقف إطلاق النار وتجدُّدَ الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين بغزة    بنمخلوف ل"رسالة24 ": اقتراب فصل الصيف يهدد تبخر نسبة كبيرة من مياه الأمطار التي عرفتها المملكة قبل تسربها داخل الفرشة المائية    هذه هي ملاعب كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة في المغرب    عمر الهلالي يكشف تأثر والديه بعد استدعائه للمنتخب المغربي    الكشف عن المحطة الجوية الجديدة لمطار الدارالبيضاء محمد الخامس    امن تطوان يحجز 95 ألفا قرصا مخدرا وثلاثة كلغ من الكوكايين ويعتقل شخصين    إرجاء محاكمة محمد مبديع إلى أبريل المقبل ورفض استدعاء وزيري الداخلية السابقين    نشرة إنذارية تتوقع رياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من أقاليم المملكة    الأمم المتحدة.. بنيويورك، التنديد بانتهاكات حقوق النساء في مخيمات تندوف    امطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    تركيا على صفيح ساخن بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستقبل أردوغان على المحك    تصفيات مونديال 2026: الصحراوي والطالبي يلتحقان بمران المنتخب عشية مباراة النيجر بعد تعافيهما من الإصابات    توقيف شاب ببيوكرى للاشتباه في تورطه في السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    جوليان المصباحي ينضم لمعسكر الأسود لأقل من 20 سنة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يتراجع في ترتيب الدول الأكثر سعادة إلى أدنى رتبة له على الإطلاق    مثقفون: سياسات عمومية تنهي توارث الفقر.. والإيديولوجيا تدور حول الشمس    أساتذة الزنزانة 10 يعتصمون أمام الوزارة    جيش إسرائيل يبدأ عمليات برية في غزة    عمر هلال يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    خط جوي جديد يربط الرباط بمدينة مانشستر    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    المغرب والكاميرون يعززان التعاون العسكري باتفاق جديد يشمل تدريبات مشتركة    تحطم الطائرات في الجزائر.. خلل في المعدات أم صراع في الكواليس؟    سد بوعاصم بالحسيمة.. لا وجود لمخاطر على السلامة بعد المعاينة (وزارة التجهيز والماء)    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    القافلة الطبية أزير تحط رحالها بالجديدة لأربعة أيام    الصين تكشف عن تدابير جديدة لضمان تكافؤ الفرص في السوق    استقرار العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن سيفيد الشركات في جميع أنحاء العالم (مسؤول صيني)    ‬المغرب يلجأ للدفاع الدولي ضد "رسوم أوروبية" لصون حقوق المُصدرين    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    الحسابات الفلكية تعلن موعد عيد الفطر في المغرب!    أنفوغرافيك | من ضمنهم الزفزافي.. 11 بطل للديمقراطية حول العالم    المنتخب الوطني يختتم استعداداته قبل مواجهة النيجر وتنزانيا في وجدة (فيديو وصور)    65% من الفرنسيين يرون أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة والصرامة في التعامل مع النظام الجزائري    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    ندوة تتناول الزراعة بإقليم الناظور    ‬الحكومة والهروب الكبير    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة -17- آلاستَير بونيت: الغرب الأبيض!    "رمضانيات الأحرار" بأكادير… أمسية روحية مميزة احتفاء باليوم العالمي للمرأة    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزوة بدر الكبرى.. مواقف وعبر
نشر في أخبارنا يوم 07 - 08 - 2012

لا حاضر لأمة تجهل ماضيها، ولا مستقبل لأمة تنسى فضائلها ، فإن إحتقار الماضي بكل ما فيه من خير ونور هو شأن الحاقرين الجاهلين، إذ الأمة التي تجهل ماضيها لا تعرف طريق مستقبلها، ولكي تكون أحداث العز والفخار التي تمتلئ بها صفحات النصر عبر التاريخ الإسلامي نبراسا يدفعنا الى إعادة أمجاد الذين بنوا بجهدهم ودمائهم صرح الإسلام العظيم ، يسرنا أن نعرض لغزوة بدر الكبرى، التي أسماها المولى عز وجل يوم الفرقان، قال تعالى : ﴿ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (الآية 41 من سورة الأنفال).

لقد كانت غزوة بدر التي ابتدأت وانتهت بتدبير الله وتوجيهه ومدده فرقانا بين الحق والباطل إجمالا ، وفرقانا بمعنى أدق وأشمل وأوسع كثيرا، كانت فرقانا بين عهدين من تاريخ الدعوة الإسلامية، عهد الصبر والتجمع والإنتظار، وعهد القوة والحركة والإندفاع.

وبناء عليه نقول أن غزوة بدر الكبري تنطوي على دروس وعظات جليلة ، سنعمد إلى بسط أهمها كي تتضح العبرة ويكتمل المعنى :

أولا : أن هذه الغزوة وقعت في شهر رمضان ( السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة)، هذا الشهر الكريم، شهر العمل وشهر الصبر والجهاد في سبيل الله، تتضاعف فيه همة المؤمن، ويقرب من ربه الكريم الرحيم، وتفتح فيه أبواب الجنان، فهو أثمن وأنفس فرصة للمؤمن لكي يضاعف فيها نشاطه وعمله في سبيل الله عز وجل. وأكثر المعارك الإسلامية الكبرى في تاريخ المسلمين وقعت في هذا الشهر الكريم.

ثانيا : استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بعد نجاة قافلة أبي سفيان وعلمه بعزم المشركين على القدوم الى مياه بدر لمقاتلته، فعقد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا استشاريا، أبدى فيه كل من المهاجرين على لسان أبي بكر وعمر والمقداد بن عمرو الإستعداد الكامل للمضي في هذه المعركة، ولم يكتف بهذا، بل إلتفت الى رجاله وهو يريد أهل يثرب، لأن العهد الذي أخذه عليهم قد يفهم منه أنه لا يجب عليهم نصرته إلا داخل المدينة، حتى إذا تكلم سعد بن معاذ إطمأن وطابت نفسه عند ذلك .

وليس هذا فقط، بل وحتى في مرحلة التهيئ للحرب، لم يتوانى صلى الله عليه وسلم عن طلب رأي أصحابه، كما يتضح ذلك من الحديث الذي جرى بين الرسول صلى الله عليه وسلم والحباب بن المنذر في شأن المكان الذي نزل فيه، بل أزيد من ذلك ، لما وضعت الحرب أوزارها، طلب صلى الله عليه وسلم مشورة أصحابه في مسألة الأسرى، وظل في كل مرة يقول : " أشيروا علي أيها الناس ". ومن هنا نستخلص ما يلي :

· أن مبدأ الشورى هو عامل من عوامل تصفية القلوب واستئصال الأضغان، لأن النفوس تتأذى من الإستبداد وفرض الرأي.

· أن وجوبية الشورى تكون في كل أمر لا نص فيه من كلام الله تعالى، ويتضح هذا من كلام الحباب بن المنذر بقوله :" يا رسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه أو نتأخر عنه، أوهو الرأي والحرب والمكيدة ".

· أن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يوحى إليه، لم يكن ينفرد بقرار الحرب أو السلم أو ما يتعلق بهما من أسارى وغير ذلك، فكيف بمن دونه من عامة البشر ؟

· إن حداثة الدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لم تكن سببا في حجب الجماعة المسلمة عن أن تمارس حقها في الشورى ورأيها في السياسة العليا للدولة ، وذلك حتى تتعلم هذه الأمة من ايجابيات الشورى وسلبياتها، التي تعدل مسارها وتوجه خطاها.

وهكذا نستنتج أن تربية الأمة على التشاور فيما بينها يحقق لها الكرامة التي ميزها الله بها عن سائر خلقه، وواجب على المسلمين ألا يفرطوا في هذا الحق الذي جاءهم من عند الله، وأن يربوا أبناءهم على المبدأ الذي ينظم حياتهم في أسرهم ومؤسساتهم الإجتماعية والتربوية والسياسية، وأن يتعلموا تبعا لذلك تحمل النتائج التي تتمخض عن ممارسة الشورى وتطلبيقها في جوانب الحياة المختلفة.

ثالثا : حينما تكون المعركة بين الإيمان والكفر، فإن النتائج لا تقاس بالمقاييس البشرية التي تنبني عادة على الأسباب المادية وحدها، فإن الله عز وجل يؤيد جند الإيمان، وإن كان الميزان المادي بينهم وبين عدوهم غير متكافئ.

إنه الإيمان بالله الذي يضع أمر الله ورسوله في جانب، والدنيا كلها في جانب آخر، وإنه التسليم لله ورسوله مهما حدر العقل أو نهت ظواهر الأشياء، وإنها الثقة التي لا تجادل في أن الموت في سبيل الله شرف لا يقل عن شرف النصر على الناس، وهيهات لمن يحمل هذه المبادئ أن يذل أو يهزم أو أن يكون بعيدا عن تأييد الله ونصره.

ولأنه بالإيمان تصنع الرجال، رجال قال عن أحدهم النبي صلى الله عليه وسلم : " لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح" ، ولأنه " بالإيمان والإيمان وحده" زمجر أسد الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي جيوش الإفرنج.

وهكذا جرفت موجة الإيمان كافة عوامل التردد، وجاءت الساعة الرهيبة يوم الفرقان، ودار القتال، ومشى ملك الموت يقطع رقاب الكفار، وتنجست الرمال بدماء الطائفة التي آذت الله ورسوله، ووطئت أقدام المسلمين حدودا ورقابا طالما استكبرت أن تسجد لله رب العالمين.

رابعا : إن للنصر في كل حرب أسباب فعالة مثل : الإعداد والتدريب وتوفير السلاح، وتوفير عنصر المفاجأة، وبث العيون والمراقبين من استعلامات واستخبارات بين الأعداء لإكتشاف خططهم وأحوالهم، وليتبين على ما هم عليه من القوة في العدة والعدد، وغير ذلك من الأسباب جميعا، لأنها سنة الله في كونه، وناموس من نواميس الحياة، والأخذ بالأسباب من صميم التوكل على الله، وهناك أسباب للنصر لا يد للبشر فيها، فللحالة الجوية دخل عميق في تصريف المعارك، وقد شاهدنا كيف يوقف البرد والثلج زحف الجيوش، وكيف توقف السحب هجوم الطائرات، وكيف يؤثر هذا وذاك في النهاية الحاسمة، وكذلك حاجة الجيش الى الرفع من معنوياته، ودور القيادة التي تتصف بالكارزمية مع تفاعلها مع القاعدة.

وأخيرا وليس آخرا ، إن الإيمان هو السلاح الوحيد الذي لا يوجد في ترسانة الغرب أو الشرق، والإسلام هو الإسلام، يخرج الرجال ويصنع الأبطال في كل زمان ومكان.

وما على المسلمين إلا أن يلجوا إلى الله، ويملئوا قلوبهم بالإيمان به والثقة في وعده، ويحكموا شريعته في كل أمورهم، ويعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا، ولهم عندئذ أن ينتظروا نصره وتأييده، فلن يخلف الله وعده ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الآية46، سورة الروم).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.