وأنا أتنقل بين أجنحة الملتقى الدولي للطالب الذي نظم في دورته الحادية عشرة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بالقاعة المغطاة لمدينة بني ملال خلال الفترة الممتدة من 19 إلى 21 أبريل الجاري، أثار انتباهي رواق، وعلى غير العادة، تحتشد حوله فئات عريضة من زوار الملتقى، دفعني فضولي بطبيعة الحال نحو هذا المكان لإستطلاع ما يدور، وأنا أرمي الخطى المتسارعة، وعلى بعد أمتار عديدة، طالعتني شارة المديرية العامة للأمن الوطني، استغربت حضور أجهزة أمنية في معرض خاص بالتلاميذ والطلبة، تبادرت إلى ذهني تساؤلات عديدة وزاد فضولي وإصراري على زيارة هذا الرواق. كان رواق المديرية العامة للأمن الوطني ممتلئا عن آخره بالزوار، وبصعوبة وجدت لنفسي مكانا في الصفوف الأمامية، رواق جميل تؤثث فضاءه لوحات وملصقات وصور إشهارية وفي لمسة متناسقة زينته صورة كبيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وعلم وطني طويل يحركان فيك بقوة مشاعر الوطنية ويدفعانك للإفتخار بالإنتماء إلى هذا الوطن العزيز، طالعتني هيئات أنيقة ووجوه تعلوها ابتسامات عريضة لأشخاص كانوا يتولون تقديم شروحات لزوار الرواق. دون عناء أو اجتهاد، علمت أنهم أطر المديرية العامة للأمن الوطني، بعضهم كان متأنقا بزيه الرسمي والآخر بزي مدني فيما كان آخران يحملان صدرية تخص الشرطة التقنية والعلمية، أمعنت الإستماع لما يقدم هؤلاء للمتلقين من معلومات، كانت طريقة إلقائهم تنم عن احترافية كبيرة في التواصل وتوضيحاتهم تدل عن تمكنهم لما يقدمونه لزوار رواقهم، كانت شروحاتهم مستفيضة تدعمها لوحات تتناول مواضيع شروط الولوج إلى صفوق جهاز الأمن الوطني ومباريات التوظيف التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني، ومختلف التخصصات التي يتاح للمتدربين الإلتحاق بها. أسهبت في تفحص وجوه الحاضرين في هذا الفضاء الأمني، فلاحظت أنهم كانوا في منتهى الإنتباه والإصغاء لما يصل إلى مسامعهم، تعلو وجوههم حماسة كبيرة وآمال عريضة للإلتحاق بهذا الجهاز العتيد. وأنا أتنقل بنظراتي بين وجوه الحاضرين، سمعت صوت المنشط يقول أنه رهن إشارة الجميع لمزيد من الشرح والتوضيح وللإجابة عن تساؤلاتنا، لم أكن لأدع هذه الفرصة تمر دون أن استفسره عن مشاركة إدارته في هذا الملتقى خاصة وأنها المرة الأولى التي يسجل فيها مساهمة الشرطة في ملتقيات الطالب التي تنظم بجهة بني ملالخنيفرة. كان جوابه في منتهى الكياسة والدبلوماسية، فقد استهل جوابه بشكري على زيارة رواق المديرية العامة للأمن الوطني وعن اهتمامي بهذه المشاركة التي اعتبرها شكلا من أشكال انفتاح وتواصل إدارته مع محيطها السوسيو اقتصادي، معتبرا شق الإنفتاح والتواصل من أهم مرتكزات الإستراتيجية التي جاء بها المدير العام للأمن الوطني تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الداعية إلى العمل بالمفهوم الجديد والمتجدد للسلطة. كان ممثل المديرية العامة للأمن الوطني يقدم لي شروحاته وأنا أستحضر في قرارة نفسي التحول النوعي الذي عرفه هذا الجهاز، والتطورات العميقة التي أضحت تطبع عمل مرافق الشرطة المغربية، وبعد أن قدم لي ما يكفيني من الشرح والتوضيح دعاني، في بادرة تنم عن قدر عال من الرقي، إلى تسجيل ملاحظاتي في سجل رواق المديرية العامة للأمن الوطني، دونت بعض العبارات التي استعصى علي استجماع كلماتها عبرت من خلالها عما كان يخالجني من مشاعر إزاء هذه المشاركة وما يعترني من أحاسيس المواطنة الصادقة، شكرت مستضيفي وانصرفت إلى حال سبيلي وأنا ممتن في أعماق قلبي لهذه المجهودات التي تعمل على تغيير الصورة النمطية التي طالما انطبعت في الأذهان عن رجال الشرطة، وبينما كانت خطواتي تقودني بتثاقل إلى خارج الرواق، واصل إطار الشرطة المغربية الإجابة على تساؤلات الحاضرين اللذين كانوا يتسابقون على طرح استفساراتهم، وكانت كلماته تلاحقني وتتردد على مسامعي وكأن لسان حالها يقول لي نحن شرطة جديدة لمغرب جديد.