الشيعة..المتشيعون..المستبصرون..الخط الرسالي...الرساليون...أسماء وتوصيفات تصب كلها في اتجاه مجموعة من المغاربة اختاروا منهجا عقديا، يدور منذ تاريخ بعيد في فلك الرسول الأكرم وآل بيته... في هذا الإطار، نضع بين يدي قرائنا أهم مواقف شيعة المغرب، والطموحات التي يسعون إليها داخل المغرب، مرتكزين في ذلك على الإطار الإيديولوجي/المرجعي،الذي يشتغل في ظله الخط الرسالي المغرب... ويجيب الإطار المرجعي عن عديد الأسئلة، التي حيرت بال المتتبعين و الباحثين وكذا الرأي العام الوطني ،حول خلفية الشيعة المغاربة (التيار الرسالي) و عقيدتهم و مواقفهم ...فالوثيقة التي نكتشف منعرجاتها في هذا الملف، تحمل تعريفا لعقيدة المتشيعين المغاربة وثوابتهم الدينية والوطنية. بالإضافة، إلى أن الإطار/الوثيقة يتطرق لمواقف المتشيعين المغاربة ومواقفهم من عديد القضايا والنقاط، التي بقيت طي الكتمان مدة ليست بالقصيرة... عموما، فالوثيقة التي نضعها بين يدي متابعي موقع "أخبارنا"، تتطرق إلى تعريف هوية التيار الرسالي المغربي عقديا و سياسيا...فما هي الخطوط العريضة لميثاق العمل الرسالي؟ وما هي مواقف التيار الرسالي المغربي من القضايا الداخلية والخارجية؟ الرساليون المغاربة يجيبون عن سؤال الهوية بين العقيدة والممارسة الثقافية حسب ميثاق المتشيعين المغاربة، فالخط الرسالي هو خط عقائدي ينتصر لنمط من التدين لأجل تحقيق العبودية لله تعالى في كافة مناحي الحياة، حيث يرى الميثاق أن هذا الخط يقدم نفسه بالمغرب كتيار وطني مستقل في إمكاناته وقراراته، يستند إلى المرجعية الإسلامية، ويعتبر أن طبيعة الصراع القائم بين الخط الرسالي وباقي الخطوط هو صراع حضاري ذو جوهر ثقافي، تمثل فيه السياسة والاقتصاد أدوات للهيمنة الثقافية ليس إلا. طموحات الشيعة المغاربة مجسدة في دولة الإنسان تحت عنوان دولة الإنسان طريقنا إلى دولة الإسلام، يقول شيعة المغرب بأن الخط الرسالي بالمغرب يؤمن بمشروع "دولة الإسلام" كأفق استراتيجي، لا يمكن بلوغه إلا من خلال تحقيق "دولة الإنسان" كأفق مرحلي، لأن الدولة الإسلامية هي اختيار شعبي حر وليست مشروعا فوقيا انقلابيا يصادر إرادة الجماهير ...كما يعتبر(التيار الرسالي) الدولة الإسلامية وإن كانت عقائدية فإنها ليست نظاما "تيوقراطيا"، لجهة قيامها على إرادة الأمة واختيارها وتدبير أمورها بنفسها عن طريق الإستفتاء والإنتخابات والمجالس التمثيلية والسلطة التنفيذية المنتخبة والسلطة القضائية المستقلة. حركية ثقافية تؤسس لتغيير سياسي...هكذا يخطط شيعة المغرب لتحقيق أهدافهم حيث أن أي فعل رسالي لابد أن يثقف جمهوره بثقافته الرسالية، مادام أن الصراع الحضاري جوهره ثقافي حسب ما جاء في ميثاق المتشيعين المغاربة، ومادام أن رهان التحول الثقافي الرسالي على مستوى الجماهير يمثل الهدف العام الاستراتيجي للخط ...فإن الحركة الثقافية هي المرحلة الأولى في عملية البناء الرسالي. وحيث أن شيعة المغرب يدركون طبيعة الجدلية القائمة بين الثقافي والسياسي، وأيضا احتمالية أن تنضج الشروط الذاتية والموضوعية لحدوث عملية تغيير مجتمعي بفعل متغير موضوعي غير متوقع، فإن الخط الرسالي و حسب وثيقته، يجب أن لا يستغرق في العملية الثقافية بطريقة تجريدية، بل يجب أن يبقي الحركة الثقافية متواصلة مع الحركة السياسية التغييرية بطريقة غير مباشرة، وهو ما يعني بالضرورة الاشتغال بمنطق الثقافة السياسية في مقاربة القضايا السياسية من زاوية ثقافية، أو حتى بطريقة عملية غير مباشرة، كتوجيه قسم من الرساليين إلى العمل في المواقع السياسية في أفق اكتساب المهارات السياسية والقدرة على الفعل في عمق المجتمع المدني والسياسي. وبما أن التخطيط الاستراتيجي يقوم على البرمجة السنوية، فإن الخط الرسالي يبرمج لكل مرحلة من المراحل العملية في إطار زمني متوسط المدى وهو خمس سنوات، ما لم تحدث متغيرات موضوعية تدفع بالخط الرسالي إلى الدخول في المرحلة الموالية...غير أن ذلك الدخول لا يكون إلا كبناء تراكمي للفعل الرسالي لا كسيرورة قطائعية، بحيث تستمر الحركة الثقافية في ديناميتها وتنبعث الحركة السياسية من رحم الحركة الثقافية ،حسب منطوق الميثاق. فالمرحلة التي تلي الحركة الثقافية وهي مرحلة النضال من أجل التغيير السياسي في سبيل إقامة مشروع "دولة الإنسان"، وهي الدولة التي تحترم حرية الإنسان وكرامته وحقه في تقرير مصيره، وبالتالي فالمرحلة الثانية ستكون مرحلة المواجهة مع كل مظاهر الفساد والاستبداد من خلال إطار حركي مستقل يبتغي التغيير السياسي، ويستجمع عناصره التي سبق أن توزعت على قوى المجتمع المدني والسياسي...وتقول الوثيقة في هذا الإطار: "...إننا نعتقد أنه في حالة تم الانتقال السياسي إلى "دولة الإنسان" ... فإننا سنكون قد وفرنا البيئة السياسية المناسبة لتباري الرؤى والمشاريع الفكرية والسياسية... كما نعتقد أن مجتمعنا المغربي سيكون بحاجة إلى مشروع حضاري إسلامي يتجاوز الحالة الشكلية للتدين ، ليلامس عمق وجوهر الحل الإسلامي لمختلف المشاكل المجتمعية التي يواجهها ، بطريقة أصيلة وواقعية... مما سيسمح بتأسيس لحظة الانتقال السياسي الثاني من دولة الإنسان إلى دولة الإسلام بطريقة سلمية بعيدا عن العنف والخيارات الفوقية الانقلابية ... لأن المشروع الإسلامي هو اختيار جماهيري ينطلق من القاعدة إلى القمة..." النظام السياسي..الوحدة الترابية...القوى اليسارية...الدستور..هذه مواقف الشيعة منها ومن قضايا أخرى أدرج التيار الرسالي مواقفه وبشكل واضح من مجموعة من القضايا الداخلية، داخل ميثاق عمله السياسي، وتطرق (التيار) إلى مجمل المؤسسات وعبر عن موقفه اتجاهها: الموقف من الدستور والمؤسسات الدستورية يرى التيار الرسالي من خلال ميثاقه أنه و إن كان يحترم الدستور والمؤسسات الدستورية المنبثقة عنه، غير أن ذلك لا يمنعه من إبداء ملاحظاته النقدية حول طريقة إعداد مشروع الدستور، حيث لابد من أن تنبثق الجهة التي تقوم يصياغة مسودة الدستور من الشعب من خلال جمعية تأسيسية منتخبة، في ظل تعددية سياسية حقيقية، بعيدا عن إقصاء أي مكون مجتمعي من الحق في المشاركة بالعملية السياسية...كما يعتقد (التيار الرسالي) أنه يجب تبسيط مسطرة مراجعة الدستور من قبل البرلمان لتفعيل هذا الحق الدستوري للبرلمان وكي لا يتحول إلى حق نظري معطل. فضلا عن كون التيار، يعتقد أنه يجب حذف الغرفة الثانية من البرلمان "مجلس المستشارين"، كي لا يتحول دوره إلى ممارسة التعطيل السياسي لدينامية مجلس النواب، والاكتفاء بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بصفته مجلسا دستوريا بطابع استشاري، مما يجنب تكرار إنتاج المؤسسات الدستورية المتشابهة في التكوين والصلاحيات، ويقول الميثاق في هذا الباب: "...إننا وإن كنا نثمن التطور الدستوري بالمغرب من خلال الوثيقة الدستورية الأخيرة لسنة 2011... غير أننا نعتقد أن انتظارات الشعب المغربي أكبر من تلك المكتسبات الدستورية في دستور 2011... خاصة على مستوى الحريات الفردية والعامة وحقوق الإنسان... وندعو إلى تضمين حرية المعتقد والتعبير عنه ضمن الحقوق الأساسية للمواطن المغربي...". فلا شك حسب الميثاق أن صلاحيات رئيس الحكومة قد تطورت في الدستور الحالي، كما أن إلزامية أن يكون الحزب الفائز في الانتخابات هو المشكل للحكومة أمر إيجابي، غير أنه ولأجل إنتاج حكومة مسؤولة و منسجمة بعيدا عن منطق حكومة الظل وحكومة الواجهة، فإن رئيس الحكومة يجب أن يقترح كل الوزراء بلا فرق بين وزارات السيادة وغيرها، وبعيدا عن ثنائية الوزير والوزير المنتدب وكاتب الدولة المنتدب، ففصل السلط أمر ضروري دستوريا، والتيار الرسالي حسب وثيقته لا يؤمن بفكرة "الفصل المرن للسلط" والذي يفرغ المؤسسة التشريعية من دورها التشريعي في ظل هيمنة الحكومة على سلطة التشريع بواسطة "مشاريع القوانين "، ويفرغ المؤسسة التنفيذية من دورها التنفيذي في ظل ثنائية الدولة/الحكومة/الملك/رئيس الحكومة، وعدم استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية...حيث يقول الميثاق في ختام هذا العنوان:"... بل إننا نؤمن بضرورة الفصل الجامد للسلط ... بحيث نعيد الاعتبار لكل مؤسسة من المؤسسات الدستورية..." الموقف من المسألة الدينية والمذهبية إن الخط الرسالي بالمغرب يعتقد أن الإسلام و المواطنة شكلا مرتكزين للتجربة السياسية التاريخية للمغرب، وهي التجربة التي انطلقت من خلال الدولة الإدريسية بوصفها المرجع التاريخي للخلافة المغربية. وكان المغرب على الدوام حاضنا لكل الأقليات الدينية، سواء من السكان الأصليين أوالنازحين إليه من المشرق والأندلس وجنوب الصحراء، وكل ذلك بفضل طبيعة التمثل الإسلامي بالمغرب الذي خلا من التطرف والتقوقع واتسم بالتسامح والقدرة على استيعاب الآخر. و يرى الرساليون من خلال ميثاقهم، أن ظهور النزعات الدينية الإقصائية والمتطرفة حالة طارئة على المجتمع المغربي، وتستوجب التصدي لها بحزم بمختلف الوسائل الممكنة والمشروعة، لأجل أن يبقى المغرب حاضنا للتعايش والتسامح الدينيين...كما أن الخط الرسالي يؤمن بمبدأ "لا إكراه في الدين" ويعتبر أن الإسلام يتسامح مع غير المتدينين أيضا، ليحاورهم ويقنعهم بالإسلام، و الفشل في ذلك فإنما مرده سيكون دوما هو عدم قدرة المتدينين على عرض الإسلام بالأسلوب الأحسن والطريقة الأحسن، لا أن الإسلام هو من عجز عن إقناع أولئك الناس بمنطقه وفلسفته . غير أنه في الوقت الذي يتم فيه احترام حق اللاتدين، فإنه على غير المتدينين أن يحترموا حرية الآخرين من المتدينين، مما يجب معه صيانة الآداب والأخلاق العامة والضمير الجمعي للمجتمع المغربي،حسب ما جاء في الميثاق. من جهة أخر، يعتقد شيعة المغرب أن المجتمع المغربي كان على الدوام حاضنا لمختلف الأفكار والمدارس المذهبية، غير أن كل دولة من الدول المتعاقبة كانت تختار مذهبا من المذاهب الفقهية والكلامية وتجعله مذهبا رسميا...وقد سمحت الدولة الإدريسية بتعايش مختلف المذاهب الإسلامية بالمغرب سواء الوافدة من الأندلس أو من المشرق، مما جعلها دولة نموذجية احتار الباحثون في نسبتها إلى مذهب من المذاهب. في حين قامت بعض الدول على سياسة فرض المذهب الواحد على عموم المجتمع، مما أفرز نهجا متطرفا ودمويا جسده بعض أتباع الدولة الأموية في الأندلس "موسى بن أبي العافية نموذجا"، أوبعض القادة العسكريين المسلمين الذين ألبسوا قتلهم لمسلمين آخرين لبوس الدين " يوسف بن تاشفين في الدولة المرابطية نموذجا". انطلاقا من كل هذا، فإن الخط الرسالي بالمغرب، يعتبر أن الإسلام هو العنوان الجامع، أما الاختلاف الفقهي أو الكلامي فيجب ألا يخرج عن حدود "المذهبية المعرفية" إلى حد "المذهبية الطائفية"، كما أنه يجب تكريس حالة القبول بالاختلاف المذهبي المعرفي على مستوى المجتمع وتسييج ذلك الاختلاف بقواعد أخلاقية ومعرفية ومواطنية، تؤسس لوحدة إسلامية وطنية لا تلغي التنوع...غير أن التيار يتقبل وحدة المذهب في الإطار التشريعي العام للدولة، دون أن يكون اختيارا سياسيا تنميطيا للمجتمع. ويقدم "الخط الرسالي" نفسه لا كتيار "سني" ولا كتيار "شيعي"، لا "سلفي" ولا "صوفي"، بل يقدم نفسه كتيار إسلامي منفتح على الجميع، يستوعب في صفوفه كل الأفراد من مختلف الخطوط المذهبية، دون أن يكتسب لونهم المذهبي، معتبرا أن الإسلام في عنوانه العام هو عنواننا، والوطن هو الحاضن لجميع المواطنين، متطلعا إلى أفق يتعايش فيه كل المختلفين دينيا ومذهبيا وثقافيا وحضاريا، موحدا الصفوف في اتجاه معركة ثلاثية الأبعاد "التنوير التغيير التحرير" أي: . التنوير: من خلال معركة مواجهة التخلف والتطرف . التغيير : من خلال معركة مواجهة الفساد والاستبداد . التحرير : من خلال معركة استكمال الوحدة الترابية واستقلالية القرار الوطني الموقف من الوحدة الوطنية والترابية مما لا شك فيه أن المغرب شكل على الدوام حاضنا للعديد من الروافد الثقافية والاجتماعية، سواء المشرقية أو الأندلسية أو الصحراوية، وقد شكل التنوع الثقافي والاجتماعي عنصر إثراء للهوية الوطنية...غير أن عدم قدرة الدولة على استثمار هذا الثراء وإدارة الاختلاف بطريقة صحيحة وواقعية، وهيمنة المقاربات الأمنية التي استهدفت الهويات الثقافية والاجتماعية لتأسيس قسري لوحدة وطنية نمطية ...كل ذلك نجم عنه بروز نعرات طائفية على الصعيدين الثقافي والاجتماعي خاصة في الريف والصحراء حسب ما جاء في ميثاق التيار الرسالي . إن دستور 2011 وإن كان قام باستيعاب الخلل الكامن في الرؤية الرسمية للوحدة الوطنية ، واعترف بالتنوع الثقافي من داخل الهوية الوطنية ، غير أن التنصيص الدستوري على تنوع روافد الهوية الوطنية لا يكفي لمعالجة آثار وتداعيات مرحلة المقاربات الأمنية والإقصائية، وبالتالي فإن الشيعة يدعون إلى تفعيل النص الدستوري من خلال بعث حركة ثقافية توعوية بتلك الروافد الثقافية، والتربية على المواطنة باعتبارها العنوان الجامع لتعايش المختلفين ثقافيا واجتماعيا، بل يجب أن يتم تجريم التعصب الطائفي وإثارة النعرات المفضية لتفتيت الوحدة الوطنية والترابية. هذا على صعيد الوحدة الوطنية، أما على صعيد الوحدة الترابية فإن التيار الرسالي يعتبر أن النضال من أجل تحرير سبتة ومليلية والجزر الجعفرية واجب شرعي ووطني، وأنه لا يجب التعامل مع قضية الوحدة الترابية على كونها قضية دولة، بل هي قضية وطن ومواطنين، وأنه لا يجوز حسب الميثاق، لأحد بغض النظر عن صفته أن يفرط في شبر من التراب الوطني. وبالتالي فالتحرك من أجل تحرير الأراضي المحتلة، وطرد المستعمر الأجنبي مسؤولية كل الوطنيين الأحرار، وعلى الدولة أن تفسح المجال للديبلوماسية الموازية، وأيضا للمجتمع المدني المغربي في تقوية موقع البلاد التفاوضي مع إبقاء كل الخيارات مفتوحة لتحرير الأرض والإنسان. من جهة أخرى، يعتقد متشيعو المغرب أن مبادرة "الحكم الذاتي" في الأقاليم الصحراوية لا ينبغي أن يكون مشروعا تمييزيا لجهة على أخرى، لأن أي وضع تفضيلي سيكون بمثابة التمهيد الواقعي لفصل جزء من التراب الوطني عن الوطن، وحيث أن تعميم مشروع "الحكم الذاتي" على عموم الأقاليم المغربية من شأنه أيضا أن يقود البلاد إلى سلسلة حلقات متصلة من التفكك والانهيار الداخلي، فإن الرساليون يرون أن مشروع "الحكم الذاتي" سابق لأوانه، ويحتاج إلى تطور شروط ذاتية وموضوعية، وبالتالي يجب الاستعاضة عن مشروع "الحكم الذاتي" بمشروع بديل أقل خطورة وهو "الجهوية الموسعة"، كما يعتقدون (الرساليون المغاربة) أن بناء دولة الإنسان في المغرب هو الحل السياسي لاحتواء الاحتقان الشعبي والعزوف السياسي و مطالب الانفصال الترابي. الموقف من النظام السياسي يعتقد شيعة المغرب من خلال ميثاقهم، أن النظام السياسي هو اختيار دستوري شعبي، وهو من مقتضيات خلافة النوع الإنساني المؤسس ل"ولاية الأمة على نفسها" في غير ما فيه ولاية الله ورسوله، وبالتالي فإن الشعب المغربي هو من يقرر مصيره ويحدد شكل نظامه السياسي والدستوري، شريطة أن يتقيد أي نظام سياسي بأصل الشورى في تدبير الحكم، و يقول الميثاق في هذا الإطار: "...إننا بهذا الاعتبار مع ما يفضي إليه الإجماع الشعبي من اختيار سياسي ودستوري ... كما أننا مع ضرورة تقييد أي اختيار سياسي ودستوري بآليات شورية وفصل حقيقي للسلط ... باعتبار الأمة المغربية صاحبة الحق في مراقبة ومواكبة النظام السياسي ومساهمتها في تقرير مصيرها...". الموقف من الحركات الإسلامية "...إننا نعتبر أنفسنا جزءا لا يتجزأ من مفهوم الحركة الإسلامية المغربية... هي الحركة التي تنتصر للمشروع الإسلامي ببلادنا..."، بعد هذا التقديم يعود الميثاق ليذكر بأن اختلاف وعي وتمثل الإسلام وأيضا تشخيص الواقع وطريقة تغييره، هو ما يؤسس لشرعية "التعددية التيارية" من داخل الحركة الإسلامية المغربية الواحدة. إن الإقرار بشرعية الاختلاف والتعددية من داخل الحركة الإسلامية المغربية حسب التيار الرسالي، يقتضي ضرورة إيجاد "ميثاق للبيت الإسلامي المغربي" بين مختلف الخطوط والتيارات الإسلامية بالمغرب، لتنظيم الاختلاف وإدارته بشكل صحيح وواقعي، يحفظ للحركة الإسلامية المغربية وحدتها دون أن يلغي تنوع روافدها ومدارسها. من هذا المنطلق، يسعى "الخط الرسالي بالمغرب" إلى مد جسور الحوار والتعاون مع مختلف تيارات الحركة الإسلامية بالمغرب. الموقف من القوى اليسارية والعلمانية حسب الميثاق، فالخط الرسالي بالمغرب، يتفهم بعض الخلفيات الإيجابية لقوى اليسار والعلمانيين، حيث أن اليسار يحرص على النضال من أجل المستضعفين ومواجهة التداعيات السلبية للنظام الرأسمالي، وبما أن العلمانيين يخشون من توظيف الدين لشرعنة الاستبداد السياسي، فالشيعة المغاربة يتقاطعون معهم في هذه الخلفيات، ويرفضون تكريس نظام اجتماعي طبقي يسحق الفقراء والمحرومين، كما يرفضون شرعنة الاستبداد السياسي. من ثم وحسب الميثاق، فالتيار الرسالي يرى أنه من الضروري فتح حوار مسؤول وجاد بين الحركة الإسلامية ومختلف قوى اليسار والعلمانيين، تجنيبا للبلاد من معارك هامشية لا تساهم في نهضة الوطن والمواطنين، وأيضا لأجل استثمار المشترك الإنساني والوطني، ليصبح قاعدة ارتكاز في المشروع الإسلامي الوطني...ويعلن الشيعة المغاربة تثمينهم لفكرة الدكتور "محمد عابد الجابري"، المتعلقة بمفهوم الكتلة التاريخية بالمغرب، كما جاء في نص الميثاق. الموقف من المسألة الأمازيغية إن "الخط الرسالي" وانطلاقا من ميثاقه، يؤمن بأن الإنسانية وإن كانت تتحرك في دائرة التنوع فهي لا تخرج عن وحدة النوع الإنساني والأصل الآدمي، كما أن دوائر التنوع ما هي إلا حلقات يجب أن تظل متصلة منفتحة على بعضها البعض في إطار التعارف والتعايش، وإن كل مشروع يسعى إلى عزل دائرة عن أخرى، فإنه مشروع طائفي متطرف يجب التصدي له بكل حزم، لأنه مشروع لا أخلاقي ولا إنساني فضلا عن كونه مشروعا لا وطنيا. إن الإسلام حسب الميثاق استهدف نقل الإنسان من دائرة الجهل والضلال إلى دائرة العلم والنور، ولم يستهدف إلغاء ثقافة الشعوب وألسنتهم...غير أن بعض القوميين العرب والإسلاميين العروبيين قدموا صورة غير إسلامية للإسلام، متأثرين بتراث ديني أموي بحاجة إلى التمحيص والغربلة من جهة السند والمتن، وعرضه على روح ومنطق القرآن الكريم. في مقابل ذلك و دائما حسب الوثيقة، تحول قسم من اليساريين من الإيمان بالأممية الاشتراكية والنضال الطبقي إلى ما كانوا يسمونه من قبل بالطروحات "الشوفينية"، فلبسوا ثوب الدفاع عن الأمازيغ والأمازيغية ، ليستأنفوا الصراع مع الإسلاميين لكن هذه المرة من خلال قاعدة غير إيديولوجية للصراع بل قاعدة قومية، عنصرية ومتطرفة، حيث يقول الميثاق في هذا الباب: "...إننا في الخط الرسالي نؤمن بكافة الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ ...نرفض الطروحات العروبية للإسلام التي قزمت رسالة الإسلام في حجم العروبة ...كما نرفض كل توظيف إيديولوجي و سياسي للأمازيغية ، لأن الوطن المغربي هو وطن تعايش فيه على مدى قرون من الزمن ...العرب والأمازيغ على قاعدة الإسلام والوطن... ولابد من إبقاء هذه القاعدة حية متجددة ، والتصدي لكل من يريد النيل منها ... عروبيين متعصبين وأمازيغيين متطرفين وإسلاميين متخلفين...". الموقف من المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة إن "الخط الرسالي"، يعتبر أن الإسلام منح كل الحقوق المدنية والسياسية للمرأة، غير أن بعض القراءات التراثية للدين جردت المرأة تلك الحقوق حسب ما جاء في الميثاق، كما أن بعض الخطوط الإيديولوجية المعادية للإسلام والإسلاميين استغلت ذلك التخلف الديني ووظفته إيديولوجيا وسياسيا لمصالحها الضيقة. من هذا المنطلق، فإن الخط يدعو إلى إعادة قراءة النص الديني، ورفع هيمنة السنة على القرآن، وغربلة الأحاديث سندا ومتنا، في سبيل التوصل إلى القراءة الرسالية لحقوق المرأة، حيث يقول الميثاق :"... كما أننا ندعو إلى إبعاد التوظيف الإيديولوجي والسياسي عن هذه القضية الاجتماعية... ومقاربتها بطريقة علمية وثقافية موضوعية..." الموقف من العنف يعتقد المتشيعون المغاربة من خلال وثيقتهم، أن استعمال القوة المادية في الإسلام لا يكتسي شرعيته من منطق الدعوة الإسلامية، بل هو جاء كرد فعل على العدوان، بغض النظر عن طبيعة المعتدي إن كان كافرا أو مؤمنا، وهو أمر ثابت الشرعية في ظل القانون الدولي أيضا، في إطار مفهوم الدفاع عن النفس والتراب الوطني لصد العدوان الخارجي. أما على مستوى التغيير الداخلي، فإن "الخط الرسالي" بؤمن بالتغيير السلمي اللاعنفي، والاحتكام إلى إرادة الجماهير في تحديد طبيعة الاختيار السياسي والمجتمعي ككل، من خلال النضال المدني عبر كل أشكال التعبير السلمي عن الموقف والموقع حسب ما جاء في نص الميثاق. الموقف من المشاركة السياسية إن "الخط الرسالي" يعتقد أن المشاركة السياسية في بناء الوطن وتنميته مسؤولية وطنية، يجب على كل المواطنين تحملها، كما لا يجب إقصاء أحد من المشاركة في عملية صنع القرار السياسي الوطني، إلا أن المشاركة في الحكم ليست هي الشكل الوحيد للمشاركة السياسية. فتقدير المرحلة وظروف الوضع الذاتي في ظل الشروط الموضوعية، هو ما يحدد موقع المتشيعين في العملية السياسية، من خلال ثنائية الحكم/المعارضة، لأن المعارضة هي أيضا شكل من أشكال المشاركة السياسية في البناء الوطني،كما جاء في الميثاق. الموقف من المجتمع المدني إن الشيعة بالمغرب، يؤمنون بأفق "دولة الإنسان"، كما أنهم يؤمنون بأنه لا يمكن بلوغ تلك الدولة إلا من خلال مجتمع مدني أصيل، مستقل وفاعل..فأصالة المجتمع المدني تقتضي انسجامه مع الخصوصية الوطنية والقيم الدينية المجتمعية حسب الوثيقة...كما أن استقلالية المجتمع المدني بالمغرب هو الكفيل بعدم توظيفه سياسيا لإحداث اختراقات خارجية أو احتواء داخلي و يقول الميثاق:"... وأخيرا نؤكد على ضرورة ألا يكون المجتمع المدني شكليا... لجني بعض الامتيازات والفوائد المادية ... وأن يتحمل مسؤوليته في خدمة الوطن والمواطنين ... فإن موقفنا من أي جهة من جهات المجتمع المدني تتحدد بالنظر إلى توفر العناصر الثلاث المذكورة الأصالة ، الاستقلالية ، الفعالية...". الشيعة المغاربة يجردون مواقفهم من القضايا الخارجية في هذه الفقرة من ميثاق التيار الرسالي بالمغرب تم التركيز بشكل كبير على بعض القضايا الخارجية، التي اعتبرها متشيعو المغرب حيوية ،حيث جاءت المواقف كالتالي: الموقف من اتحاد المغرب الكبير إن "الخط الرسالي بالمغرب" يؤمن بضرورة إحياء فكرة الاتحاد المغاربي الكبير، لأنه يعتبر أن القواسم المشتركة بين شعوب المغرب الكبير كثيرة ثقافيا واجتماعيا، كما أن هناك إمكانات كبيرة للتكامل الاقتصادي بين بلدان المغرب الكبير ويحمل التيار الأنظمة السياسية القائمة في هذه البلدان، مسؤولية تعطيل مسار الاتحاد خدمة لأجندة قوى استكبارية دولية، لا ترغب في بناء المغرب الكبير، كما يدعو "الخط الرسالي بالمغرب" إلى تنشيط العلاقات الثقافية والاجتماعية بين ?