تعتبر السياحة من أكثر وأهم الصناعات تقدما وازدهاراً في العالم، وقد أصبحت اليوم من أهم القطاعات في التجارة الدولية؛ فالسياحة من منظور اجتماعي وحضاري، حركة دينامكية ترتبط بالجوانب الثقافية والحضارية للإنسان، وعلى الصعيد البيئي تعتبر عاملا جاذبا للسياح، ولإشباع رغباتهم من حيث زيارة الأماكن الطبيعية المختلفة، والتعرف على تضاريسها ونباتاتها بالإضافة إلى زيارة المجتمعات المحلية للتعرف على عادتها وتقاليدها. وقد عرفت الجمعية البريطانية للسياحة في عام 1976 أن السياحة هي حركة موسمية قصيرة المدى إلى المناطق السياحية بعيدا من محل الإقامة والعمل الدائمين، وأنها تشمل الحركة لكل الأغراض فضلا عن زيارة اليوم الواحد والنزهات.
لقد عرفت الانسانية منعطفات عديدة, شكل كل منعطف منها قاطرة للتنمية والرقي, وسبيلا لتحقيق الرفاهية والازدهار الإنساني وإن كان أول هذه المنعطفات فلاحيا, وثانيها صناعيا، وثالثها معلوماتيا، ورابعها، وليس آخرها، سياحي محض. فالسياحة تعد اليوم من أسرع وأوسع الصناعات النامية في العالم فهي تشكل مصدرا هاما للأموال والتوظيف والثروة في عدة دول.
هذه المكانة المتميزة التي تشكلها السياحة في قاطرة التنمية، جعل مجموعة من الدول تهتم بها وتوليها حظا وافرا من العناية ببحث مقوماتها واسسها وبرامجها وما تتوافر عليه المجتمعات المحلية من هذا كله وإدماجه في تنمية المناطق والجهات التي تحتاج للتنمية.
والمغرب كغيره من الدول عني عناية خاصة بهذا المجال ويسعى جاهدا ان تكون له وجهات سياحة في سائر الجهات ومن بين هذه الجهات الصحراوية القريبة من جزر الكناري التي تعريف توافد العديد من السياح اليها, وكما أنه يريد تحقيق إقلاع اقتصادي كفيل بتنمية المنطقة لكن هناك تعثرات في كل المشاريع بسبب النخب السياسية التي تدير وتتحكم في الشأن المحلي بهذه الجهات الصحراوية التي هي في حاجة ماسة التي تنمية حقيقية تعتمد على العنصر البشري بالدرجة الاولى لكي تخلق مناصب شغل قارة لمتصاص البطالة وصون كرامة الانسان الصحراوي الذي هو محور كل تنمية ولما تزخر به منطقته من ثروات هائلة.
ومن أهم ما يتوفر عليه الانسان الصحراوي التراث الذي وجب الحفاظ عليه وادماجه في التنمية، ولن ياتي ذلك دون توظيفه في السياحة, فالسياحة المبنية على التراث تظهر يوما بعد يوم أنها أداة ناجعة في تطوير الاقتصادات المحلية وتنويعها في الآن نفسه الذي تعد مدخلا من مداخل حماية التراث وإحيائه.
إن السائح اليوم لا يبحث عن فنادق من خمس نجوم وأكل عالمي وغير ذلك، بل العكس من ذلك إنه حبيس المدنية والحضارة المادية، ويسعى إلى اختيار أشياء جديدة بسيطة، تغني معرفته وحياته. إنه يحبذ السفر لاختيار أمكنة تاريخية أصيلة، وأدوات صناعية قديمة، وأنشطة يومية تعكس بساطة العيش واختلافه عما يعيشونه ويخترونه في مواطنهم. لذلك تتوجه الدول والمجتمعات اليوم إلى توظيف تراثها المادي وغير المادي في جذب السياح.
كما أن التنمية في المجتمعات المعاصرة رهينة بامتلاك رؤية متبصرة تستغل الإمكانات التي تتوافر عليها المجتمعات المحلية، وتوظيفا في عملية التنمية، سيرا على رؤية رصينة مفادها أن الرأسمال البشري هو أغلى الثروات وأهمها، وترتبط التنمية بالسياحة ارتباطا وثيقا,خاصة في الاقتصاديات المعاصرة، التي أولت اهتماما كبيرا لصناعة السياحة، نظرا لما تشكله من قوة اقتصادية كبرى، تجلب العملة الصعبة، وتقلص من الفقر، عبر خلق وظائف، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي والوطني وانفتاح السكان على العالم الخارجي دون المساس بالقيم الدينية، ويعتبر تعدد اشكال المقاصد السياحية وأنواعها وقرب المسافات الجغرافية فيما بينها، وتعدد الخدمات السياحية وتنوعها ومنطقية أسعارها، بالإضافة إلى الثقافة السياحية في البلد وترحيبه وتعامله مع الزوار والسياح وتطوير الإرشاد السياحي المحلى والاعتماد على أهل المنطقة، عاملا هاما يغني العملية السياحية بالمنطقة ويفتحها على آفاق واعدة قادرة على تطويرها وتنميتها واتخادها رافدا لتنمية الحقيقية.
واهم ما يميز المنطقة الصحراوية هو تراثها الحساني الغني المتنوع الدلالات الرمزية التي تشي بنظرة الإنسان الصحراوي إلى فضائه وواقعه، ومن ثم نظرته للعالم الذي يعيش فيه، مما يغري السياح بالتعرف على هذه النظرة الفريدة من نوعها، برموزها ومعانيها وسياقاتها، وهو مايسمح بتبني هذا التراث وتوظيفه في جذب السياح للمنطقة.