جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    الداخلة تفتح أبواب الاستثمار الأخضر أمام العالم انطلاقًا من لندن    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    الثقافة المقاولاتية لدى الشباب: من الفكرة إلى المشروع كيف أصبح مقاولاً ناجحاً؟    قطرات مطرية مرتقبة في توقعات طقس الأربعاء    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    مغربية يحتجزها زوجها المصري في 'سبيطار المجانين' بمصر.. الأسرة تستعطف 'سيدنا الله ينصره' التدخل لتحريرها    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    مسيرة تجوب العاصمة الاقتصادية بشعار "المساواة في الأعمال المنزلية"    التخطيط المجالي المستدام في صلب النقاش الأكاديمي بتطوان: محاضرة وتكريم للدكتور محمد يوبي الإدريسي    صناع فيلم "البوز" يعرون النجومية الافتراضية وزيف "السوشل ميديا"    وسام ملكي للسيد محمد البهجة الفاعل السياحي الكبير بطنجة    العفو الدولية تندد ب"إبادة جماعية" في غزة "على الهواء مباشرة"    إحراق 19 طنا من المخدرات و652 قرصا مهلوسا كانت محجوزة لدى الجمارك بأسفي    استئنافية خريبكة تؤيّد الحكم بسنة حبسا في حق البستاتي بسبب تدوينات مناهضة للتطبيع وداعمة لفلسطين    موظفو السجن المحلي الجديدة 2يخلدون الذكرى17لتأسيس المندوبية العامة بحضور عامل الإقليم .    بوريطة يتباحث مع رئيس الكونغرس ومجلس الشيوخ الكولومبيين    ارتفاع مبيعات الاسمنت بنسبة 4,5 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2025    باريس سان جيرمان يهزم أرسنال في ذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    نقابي: البطالة سترتفع بتطوان بعد عزم شركة إسبانية طرد أكثر من 220 عامل وعاملة    أمريكا تهنئ حزب رئيس وزراء كندا    93 في المائة من مياه الاستحمام بالشواطئ المغربية مطابقة لمعايير الجودة    هكذا انهارت الشبكة الكهربائية لإسبانيا في خمس ثوان.. أسباب محتملة    وزارة الأوقاف تحذر من إعلانات متداولة بشأن تأشيرة الحج    المغرب يساعد إسبانيا على تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء عبر تزويدها بطاقة كهربائية هامة    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل    البيضاء…..ختام فعاليات الدورة السادسة من مهرجان إبداعات سينما التلميذ للأفلام القصيرة    القيدوم مصطفى العلوي يُكرَّم في منتدى الصحراء للصحافة بكلمة مؤثرة تلامس القلوب    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية للحزب    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    أخبار الساحة    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضرورة محاربة محو الامية العقدية قبل امية الكتابة والقراءة
نشر في أخبارنا يوم 23 - 10 - 2017

إن العناية بمحو الامية العقدية كانت مسؤولية ملقاة على عاتق السلاطين وعلماء الغرب الإسلامي، ويتجلى ذلك من خلال الخطب والقوانين والتآليف، كما هو الشأن عند السلطان سيدي محمد بن عبد الله العلوي الذي ألف بمساعدة بعض علماء مجالسه العلمية كتاب:" مواهب المنان بما يتأكد على المعلمين تعليمه للصبيان"، وكتاب آداب المعلمين لمحمد بن عبد السلام المعروف بابن سحنون ( ت 256ه)، والرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين و أحكام المعلمين والمتعلمين" لأبي الحسن القابسي ( ت 403ه)، و" تلقين الوليد" لأبي محمد عبد الحق الإشبيلي (ت 581ه)، والمقدمة القرطبية المسماة " أرجوزة الولدان في الفرض والمسنون" ليحيى بن عمر بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدي القرطبي(ت 567ه)، و عقيدة أهل الايمان الموضوعة لتعليم النساء والصبيان للشيخ عبد القادر الفاسي ( ت 1091ه)....

كما نقف في هذا الصدد على تأملات الاستاذ المرحوم عبد الكبير العلوي المدغري من خلال مشاركته في ندوة: أبو الحسن الاشعري إمام أهل السنة والجماعة، نحو وسطية جامعة، في أعمال الملتقى العالمي الخامس لرابطة خريجي الازهر الشريف: 8 – 11 مايو 2010م. بمداخلة تحت عنوان: الامام الاشعري وواقعنا المعاصر.

من تأملاته رحمه الله تعالى في مجال محو الأمية العقدية يقول: نُصِر نحن في المغرب على أننا أشاعرة ونذكر عقد الأشعري في ثلاثية، التي ترسم معالم شخصيتنا الدينية والتي أشار إليها الناظم بقوله:

في عقد الاشعري وفقه مالك ***وفي طريقة الجنيد السالك.

وهذا الوصف ربما انطبق على أسلافنا، أما نحن في هذا العصر فنكتفي بترديد الشهادتين دليلا على انتمائنا لدين الاسلام، ولا يعرف معظمنا عن عقد الاشعري ولا عن الامام الاشعري شيئا.

عقد الاشعري لا وجود له في حياتنا المعاصرة إلا عند نخبة من الدارسين المتخصصين، أو عند السياسيين الذين يذكرون أننا مالكية وأشاعرة عندما يريدون التعبير عن رفضهم لمذاهب المتطرفين من الجماعات الاسلامية أو لمذهب الشيعة والوهابية وغيرها.

وفي المغرب ما تزال إشارات إلى العقيدة الاشعرية في مناهج التعليم العتيق والعمومي، في حين لا يعرف معظم الناس عن الأشعري ومذهبه إلا ما تعرفه العجوز عن علم الطب الحديث، وأظن ظنا أن سائر الدول التي تنتمي إلى المذهب الاشعري لا تختلف عنا في هذا الجهل العام.

وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاشاعرة: ومن ذلك ما روي عنه صلى الله عليه وسلم:" إن الأشعريين إذا أرموا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما عندهم في انية واحدة، ثم اقتسموه بينهم بالسوية، فَهُم مني وأنا منهم" رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن أبي كرب، وقد برع أبو الحسن الاشعري في معظم الفنون، وألف فيها التآليف الحسنة، في الجدل والرد على ارسطو في كتابه" السماء والعالم"، و" الاثار العلوية"، والرد على الدهرية والمجوس والمشبهة والخوارج والمعتزلة، وهو مؤرخ للفرق الكلامية لا يشق له غبار، وأحسن كتبه في ذلك كتاب " مقالات الاسلاميين". قال ابن خلكان:" هو صاحب الاصول، والقائم بنصرة مذهب السنة، واليه تنسب الطائفة الاشعرية..."، ذكر له المؤرخون ما يقرب من مائة كتاب.

ويقول الدكتور المدغري رحمه الله تعالى: هل يحتاج واقعنا المعاصر إلى تلك المباحث التي خاض فيها الامام الاشعري عن الله الموجود غير الفاعل في الأزل، والموصوف بصفات وجودية أزلية زائدة على ذاته، وعن أفعال الانسان الارادية، وأنه مخلوق بها، وعن الحسن والقبح في الاشياء، هل هو ذاتي أم شرعي؟ وهل ارادة الله عامة بحيث يريد الخير والشر الموجود في العالم جميعا، أم أنه لا يريد إلا الخير؟ وهل قدرة الانسان خالقة أم كاسبة؟...إلخ.

لقد انحسرت في عصر العولمة دائرة الفلسفة، وأصبحت ترفا فكريا، وانزاحت من مجال النظر المجرد، وارتبطت ببعض العلوم الوضعية، فظهر ما سمي بفلسفة القانون، وفلسفة الاجتماع، وفلسفة اللغة، وفلسفة التاريخ، وغير ذلك، لأن الفلسفة المجردة لم تعد تجلب اهتمام أحد، اللهم إلا من باب التأريخ لتطورها، والترجمة لأعلامها كتراب إنساني غني.

ونعتقد أن مباحث العقيدة وعلم الكلام بعمقها، والجدل الذي تثيره القضايا، لم تعد في صيغتها التراثية صالحة لزماننا، ولا لمستقبلنا، إلا من حيث البحث النظري والجدل الفكري، هذا من حيث الرأي، ومن باب الاستسلام للواقع، واليأس من هذه الامة التي لم يعد يشغل عقول عوامها ومثقفيها الجدد، أن يكون القران مثلا مخلوقا أو غير مخلوق، أو أن تكون لله صفات على مذهب الاشاعرة أو مذهب المعتزلة.

أما من حيث الشرع فالأمر يختلف، ذلك أن علم العقائد فرض من فروض الاعيان، بحيث يجب على كل مسلم ومسلمة بلغ حد التكليف وتمكن من النظر أن يسعى إلى معرفة الله وصفاته، وما يجب له وما يجوز، وما يستحيل في حقه تعالى، ويعرف الرسل، مستعينا على ذلك كله بما ورد في النصوص الشرعية، وما دل عليه العقل السليم المتدبر في الآيات الكونية عن اقتناع.

وهو ما أشار إليه الناظم بقوله:

أول واجب من كلفا **** ممكنا من نظر أن يعرفا

الله والرسل بالصفات ****مما عليه نصب الآيات

فلا يعذر أحد بجهل العقيدة، ولا ينبغي للأمة أن تسمح بالأمية العقدية، بل يجب محاربة الامية العقدية قبل أمية القراءة والكتابة، وسواء كان الناس عوام أو غير عوام، فإنهم بوصفهم مكلفين يجب في حقهم معرفة الله ورسله، معرفة علمية سليمة من كل شبهة، وخالية من التقليد، ويجب على العلماء تعليم الناس وارشادهم اليه، وهذا هو ما دعا إليه الامام الاشعري، وما أفنى عمره في نشره وترسيخه.

وخلاصة القول: يبقى السؤال مطروحا على معاهدنا الفكرية ومراكز البحث العلمي وجامعاتنا، لتجيب بأبحاثها العلمية لانقاد ما يمكن انقاده، وإعادة الاعتبار للعلماء المفكرين المثقفين من أجل السمو الاخلاقي لمحو الامية العقدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.