استقال أربعة وزراء فرنسيين خلال ثلاثة أيام بينهم ثلاثة من الحزب الوسطي "الحركة الديموقراطية" (موديم) المتحالف مع الرئيس ايمانويل ماكرون، بعدما اضطروا للرحيل اثر توجه لإرساء معايير أخلاقية للحياة العامة في أوج اعادة تشكيل الحكومة. ومنذ فوز حزبه الاحد في الانتخابات التشريعية التي أعطته غالبية صريحة، يعمل الرئيس الفرنسي على تعديل وزاري يرتقب ان يصدر خلال النهار. وهو تعديل كان يرتقب ان يكون محدودا لكنه أتسع أكثر مما كان متوقعا. وبحسب عدة وسائل اعلام فان إعلان وزيرة القوات المسلحة سيلفي غولار المفاجىء، أمس الثلاثاء، انسحابها على خلفية قضية وظائف وهمية مفترضة في البرلمان الأوروبي هو الذي غير مسار الامور. وقال صحافي سياسي في صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية "إنها أوروبية وتطبق قوانين يمكن ان تثير الاستغراب في فرنسا لكن تتماشى مع المعايير في دول أخرى". وبعدما أوضحت بان هذا القرار "دوافعه شخصية"، قرر وزير العدل فرنسوا بايرو الحليف الرئيسي للرئيس ماكرون ووزيرة الشؤون الاوروبية ماريال دو سارنيه، الذراع اليمنى لبايرو، اللذان ورد اسماها ايضا في التحقيق القضائي الجاري حول ممارسات حزب "موديم"، الانسحاب ايضا. وبايرو ودو سارنيه يعدان من ركائز هذا الحزب الوسطي الذي يطاله تحقيق تمهيدي فتح في 9 يونيو بعد بلاغ من النيابة. وسيحدد التحقيق ما اذا كان الحزب وظف أشخاصا يعملون في فرنسا على نفقات البرلمان الاوروبي بعقود مساعدين برلمانيين اوروبيين. وهذه القضية تعتبر محرجة بشكل أساسي لان بايرو كان يشرف على مشروع قانون يحدد معايير أخلاقية للحياة العامة وضع كنتيجة لتحالفه مع ماكرون الذي جعل من هذه المسألة إحدى أولوياته. وكان عدة مسؤولين سياسيين بينهم الامين العام لحزب "الجمهوريون" اليميني برنار اكوييه دعوا بسرعة رئيس الحكومة ادوار فيليب الى المطالبة باستقالته. وبين استطلاع للرأي أجراه معهد هاريس لاذاعة مونتي كارلو واتلانتيكو أن 57% من الفرنسيين لا يرغبون في بقائه ضمن الحكومة. وقال فرنسوا بايرو صباح الاربعاء لوكالة فرانس برس "اتخذت القرار بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة" مؤكدا انه اتخذ القرار بمبادرة منه ولم يمله عليه أحد. وقال مصدر في حزب "موديم" ان دو سارنيه التي انتخبت الأحد نائبة عن باريس ستتفرغ لترؤس كتلة حزبها في الجمعية الوطنية. وأوضح المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير عبر إذاعة اوروبا الاولى انه "خيار شخصي" و"يريد الدفاع عن نفسه"، معتبر ان الانسحاب من الحكومة "يبسط الوضع" بالنسبة إلى ماكرون. ومن المتوقع ان يحقق القضاء مع بايرو وماريال دو سارنيه في إطار قضية "استغلال الثقة". والثلاثاء أعلنت سيلفي غولار استقالتها لتتفرغ للتحقيق حول الوظائف الوهمية المفترضة داخل "موديم". واضطر وزير آخر هو ريشار فيران الاشتراكي السابق الذي أعيد انتخابه نائبا تحت راية الحزب الرئاسي "الى الامام"، الى الاستقالة أيضا بعدما تصدى لفترة طويلة لدعوات متكررة من أجل استقالته. وفيران الذي رافق ماكرون في مسيرته نحو السلطة، مستهدف بتحقيق تمهيدي بشبهات بمحاباة قد تكون استفادت منها زوجته في عملية عقارية. وبعد رحيل ثلاثة وزراء ينتمون الى حزب موديم، تطرح تساؤلات حول مشاركة الحزب الوسطي في الحكومة الجديدة التي يفترض أن يعلنها ادوار فيليب خلال النهار. والحكومة الثانية التي يشكلها فيليب يتوقع أن تكون "متوازنة وان تضم أشخاصا ينتمون الى اليمين واليسار والوسط وأشخاصا لا تكون شرعيتهم ناجمة عن التزام حزبي" بحسب رغبة رئيس الوزراء. وسيكشف عنها عند الساعة 16,00 ت غ الاربعاء. وقد لا يتم إعلانها من قصر الاليزيه لان اليوم يصادف عيد الموسيقى في فرنسا ومن المرتقب ان تحيي اوركسترا كولومبية حفلة في المكان بعد الظهر.