مما لا شك فيه أن للتعليم دور كبير و جوهري في نهضة الدولة , و ركوب موجة التقدم و الحداثة ووضع قطار التنمية على السكة الصحيحة...، فحتى مع وجود موارد و ثروات لبلاد ما، فغياب أفراد متعلمين يعملون على تطوير هذه الموارد و الحفاظ عليها و تسييرها بالشكل الذي يضمن استمرارها، يبقي مستقبلها غير مضمون و رفاهيتها واهية، فلولا اهتمام دول كألمانيا و الصين و الولاياتالمتحدةالأمريكية....إلخ بأنظمتها التعليمية, لما أصبحت دولا متقدمة و لما وصلت اقتصاداتها إلى الريادة، إلا أن "بعض الدول لا تدعم التعليم لأنه ينتج مجتمعات متوسطة تطالب بالمشاركة السياسية و المساواة في الحقوق لأن التعليم يساعد الناس على إدراك مصالحهم و رفض الطاعة العمياء للسلطة..." فوكوياما, وهو ما لا يتماشى و مصالح ساسة هذه الدول, يقول نعوم تشومسكي " إذا أردت السيطرة على شعب ما فعليك إغراقه في مستنقع من الجهل " ، لذلك أقول لكل شاب مغربي تمسك بالتعليم، فمعرفتك ووعيك تهدد سلطة سياسيينا لذلك يريدونك جاهلا، فبالرجوع إلى مشكلة المنظومة التعليمية بالمغرب هناك سؤال يتبادر إلى الذهن وهو : ألم يكن التعليم في الماضي بصحة جيدة و أنتج جيلا مثقفا و واعيا في زمن الطباشير و اللوحة و الأقراص و الخشيبات؟ لكن المشكل الذي جعل الدولة تفككه و تجعله مهلهلا كما سبق للحسن الثاني أن ذكره هو كون هذه المنظومة لم تنتج للنظام سوى يساريين و معارضين له لذلك تم التعامل معها بمنطق " الباب اللي يجيك منو الريح "، فمنذ البدء سنة 2000 بالعمل بالميثاق الوطني للتربية و التكوين الذي أعلن عن فشله 3 سنوات بعد ذلك، وبعده المخطط الاستعجالي لإنقاذ التعليم سنة 2009، ثم رؤية 30/2015 التي أقرها المجلس الأعلى للتربية و التكوين و كأننا في حاجة لاستمرار النزيف لسنوات أخرى ( و الحقيقة أن كلها برامج لجعل التعليم نظاما لفرض الجهل على أبناء الشعب), فلازال التعليم ببلادنا في نكوص مستمر , و لازال هو المساند الرسمي لإنتاج الفشل في غياب أي بارقة أمل في إصلاحه, و لازال السيد عزيمان يطل علينا في كل مرة بتقاريره ليخبرنا أن حالته (التعليم) في خطر و الوصفة لم تنجح مرة أخرى, و محاولات إنعاشه باءت بالفشل، و الحالة هذه لاشك أننا سنضطر إلى استيراد الكفاءات من دول أجنبية لنعيد بذلك زمن الاستعمار الذي كانت فيه الأطر الأجنبية من يتكفل بتسيير شؤوننا و تدبير مؤسساتنا، السؤال الذي يطرح نفسه هو : أليس فينا رجل رشيد يجد حلا للمشكل؟ أليس لدينا حكماء باستطاعتهم إيجاد حل لهذه المعضلة؟ فبالنظر إلى كون أركان المعادلة واضحة و غير مجهولة، فيكفي توفر الإرادة و هنا لب المشكل، فيبدو جليا أن إرادة الإصلاح غير متوفرة لدى سياسيينا (و هانحن نشاهد كيف تم خفض ميزانية التعليم خلال مشروع قانون المالية لسنة 2017)، فهم ببساطة ليسوا في حاجة إلى هذا النظام التعليمي الوطني، و المصلحة الشخصية لديهم تطغى على المصالح العليا للوطن، فقد شيدوا مدارس خاصة لأبنائهم تقيهم شر المدارس العمومية و يحصلون لهم على شواهد من دول أجنبية تؤهلهم للحصول على مناصب و مراكز المسؤولية كنوع من التوريث و الحفاظ على المكتسبات و الامتيازات التي تنفرد بها عائلات دون غيرها بالمغرب، لذلك أقول لكل شاب مغربي ما قاله مالكوم إكس : " إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له ", فلا تتركوا مستقبلنا و مستقبل الأجيال القادمة رهين أهواءهم و أهواء أبناءهم .