أن تكون مبدعا معناه أن تكون ضبعا وسط الضباع تسايرهم في عقلياتهم وتلبس قناع الضبع حتى يقتنعوا أنك مثلهم ، فأن تبدع فيلما سواء كان سينمائيا أو وثائقيا تسلط من خلاله واقعهم أو الحالة التي يعشونها فحتما أنك استطعت أن تضع إصبعك على جرح ما ، وبالتالي ستخرج لك الضباع من كل حدب وصوب مستنكرة ما أخرجته من إبداع. إنني هنا لا أتحدث عن واقعة معينة ولا عن فيلم معين ولكن أتحدث عما يثار بين الفينة والأخرى من طرف شرطة الأخلاق أو الأوصياء على أخلاق المغاربة الذين لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب ، حتى ولو قمت بتصوير فيلم يتحدث عن رسول الإسلام سيتكلمون ويخرجون من أحشاء عقولهم كل فتوى يؤلفونها حسب مزاجيتهم ، لأنهم أصلا يكرهون شيئا اسمه التلفزيون أو بالكاد لا يعرفون كيف يتفرجون على التلفزيون ، تجد أن أحكامهم جاهزة قبل بث أي منتوج ، إنهم هم الأوصياء علينا فاحذروهم قاتلهم رب الإبداع.
لقد اخترت الحديث بشكل مقتضب دون الغوص في التفاصيل ، ودون تبيان مناسبة هذا الحديث ، فالفيسبوك امتلأ عن آخره بين من ينتقد وهو سامع غير مشاهد للشيء الذي ينتقده ،وبين مدافع وأيضا سامع غير متفرج ليتظاهر أمام الجمع أنه ليس منهم ، والحقيقة أن كلا النموذجين هما لبعضهما البعض ، يتكلمون من أجل ترويج بضاعة الكلام.
وبين هذا وذاك يكثر الحديث هنا لأنه ذو شجون ، وما يلخصه هو أن الجهات المعنية عليها أن تقوم بتشجيع الإبداع عبر فتح قنوات خاصة بالأفلام الوثائقية .