منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكومة، ونحن نسمع عن مصطلحات غريبة في السّاحة السياسية مثل التّحكم ،الدّولة العميقة ،التّماسيح ،العفاريت، لكن دون أن نعرف ماذا يقصد هؤلاء بهذه المصطلحات ،ومن هم هؤلاء الذين يصفهم بهذه الصفات، هل هم إنس يأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق؟ أم أنّهم كائنات فضائية لا تُرى بالعين بإستثناء للسيد بنكيران وأتباعه ، فالسّيد بنكيران وإخوانه غالبا ما يتذرعون بهذه المصطلحات ويطلقونها على عواهنها، دون أن يوضّحوا للشعب ما المقصود منها . لنتفترض أنّ الشّعب فهم من خلال السّيد بنكيران، ومن خلال ما يُروّج له من طرف جنوده، أنّ ما يسمّى بالبلوكاج الحكومي الذي فاق التوقعات، سببه التّحكم ،وفهم أيضاً أنّ الدّولة العميقة تقف كحجر عثرة أمام مساعي السيد بنكيران لتشكيل هذه الحكومة ، لكن بما أنّ الشّعب فهم أنّ هناك من يعرقل تشكيل الحكومة، وأنّ هناك من يقف في طريقها، وإذا كان الحزب يملك الشجاعة للافصاح على ذلك صراحة، فما الذي يمنعه من الإفصاح عن أسماء هؤلاء الذين يعرقلون تشكيل الحكومة؟ وما الذي يمنعه من الإعلان عن الجهات التي تمنعهم من إخرج الحكومة إلى الوجود فذلك أضعف الإيمان ؟ من يملك الشجاعة لاتهام بعض الجهات يجب أن يملك الشجاعة أيضا للإفصاح عن المتّهمين في ذلك ، فالشّعب الذي منح أصواته للسيد بنكيران يجب أن يعرف بالتفصيل من هم هؤلاء الذين يحاولون إهانتة ،كما يريد من السيد رئيس الذي لا يتوانى في إطلاق الاتهامات من أن يخرج للعلن، ويوضح للمغاربة خطاب المظلومية هذا ،الذي لازمه منذ أن وصل إلى سدة الحكومة . المتتبّع لتصريحات الرجل منذ البداية سيجد أنّه يتبنى خطاب المظلومية بشكل كبير، ويعيش عليه ،كل ذلك من أجل كسب تعاطف الشعب المغربي ،ومن أجل الضغط على الدولة التي يعتقد أنها تتدخل في شؤون الأحزاب السياسية وترسم السياسة الداخلية للأحزاب الإدارية، وهذا ليس بجديد ،فالكلّ يتذكر موقف حزب العدالة والتنمية قبيل انتخابات 2011 ، عندما خرج ليهدّد بالعودة إلى الشارع مع 20 فبراير في حالة عدم فوزه، والكلّ يتذكر أيضا موقفه قبيل انتخابات 7 أكتوبر 2016 عندما شكّك في وزارة الداخلية قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات ،والكل يسمع خطاب المظلومية لرئيس الحكومة الآن من جديد بعدما عجز عن تشكيل الحكومة ،حيث اتهامات بالجملة يوجهها السيد بنكيران وأتباعه إلى جهات مجهولة يتهمها بعرقلة تشكيل الحكومة . الحزب القوي الذي يملك قاعدة شعبية والذي يملك تعاطف ملايين المغاربة كما يقول، لا يلعب على خطاب المظلومية، ولا يحاول الضغط بخطاب مُبهم لا يفهمه أحد ،ولا يمكنه أن يطلق الكلام على عواهنه، لأنه يملك الشارع و يملك الإرادة و يملك كل شيء . الشعب المغربي الذي منح حزب العدالة والتنمية السلطة ،والذي فوّض له الأمر، لا تهمّه المصطلحات ولا يهمّه أن يسمع مثل هذا العويل من طرف هذا الحزب، ولا يحبّذ أن يكون طرفاً في الصراع القائم بين الأحزاب، لأنّ دور الشعب ينتهي بانتهاء عملية الاقتراع، ويبقى الدّور على من وضع فيه هذا الشعب ثقته . إذا كان التّحكم هو من يسيطر ،وهو من يصنع السياسات في البلد، وإذا كان التّحكم هو من يعرقل تشكيل الحكومة، فإنّ على حزب السيد بنكيران أن يواجه مباشرة ويعلن الحرب ضده لأنه الحزب الوحيد الذي حصل على شرعية أكبر و هو الذي حظي بثقة المواطنين لمواجهة هؤلاء . أيها البيجيديون رجاءً اِرحموا عقولنا قليلا، فخطاب المظلومية الذي طالما جعلتموه ذريعة، لم يعد يجدي نفعا ،فالواقع أظهر بجلاء زيف هذا الخطاب ، والشعب يفهم أكثر من أي وقت تلك المسرحيات التي يقدمها الحزب منذ وقت بعيد .