بعد فشل عبد الإله بنكيران في تشكيل الحكومة(كما فشل في كل شيء إلا في تفقير الفقراء),خرج و كالعادة مجموعة من "المحللين" التابعين لحزبه,المسبحين بحمده كالمسمى أشرف الطريبق رئيس مركز هسبريس "للدراسات الزعلوكية"(خرجوا) للحديث عن سيناريوهات أخرى يمكنه(بنكيران) اللجوء إليها,و كأن ثلاثة أشهر من المشاورات لم تكن كافية ليس فقط لتشكيل الحكومة بل "لتشكيل ما لا يشكل " !! و كأن المغاربة كتب عليهم أن يتحملوا فشل بنكيران و حزبه في جميع المجالات إلى أجل غير مسمى,فعندما انتهت انتخابات 2011 و تشكلت الحكومة و في الوقت الذي كنا ننتظر فيه تنفيذ الوعود التي قطعها بنكيران على نفسه من محاربة للفساد و رفع الأجور...خرج علينا نفس "المحللين" يدعوننا إلى التريث و منح بنكيران مزيدا من الوقت,ثم مر عام فعامين فخمسة و لا شيء تحقق لا شيء,سوى مزيد من الانتكاسات و التراجعات,و رغم كل ذلك و رغم أن السكين وصل فينا إلى العظم قلنا لا بأس,ثم خرجوا يطلبون منا مرة أخرى أن نعطي بنكيران شوطا إضافيا آخر و نضيف إليه الوقت بدل الضائع و الضربات الترجيحية بالتصويت عليه,فجاءت انتخابات 2016 و صوتت عليه أقلية قليلة جدا من المغاربة بينما قاطعت غالبيتهم العظمى تلك الانتخابات و رغم مرور وقت طويل,طويل جدا(3أشهر تعني الكثير في عمر الشعوب التي تصارع الزمن) إلا أن الأسطوانة ظلت هي هي "مزيدا من الانتظار و لا شيء غير الانتظار",امنحوه مزيدا من الوقت لبنكيران و مزيدا من الدورات الاستدراكية في أغرب امتحان في العالم,ننتظر فيه المستحيل,ننتظر فيه من الفاشل في كل شيء أن ينجح فيه !! فمتى يدرك هؤلاء أن الفشل ليس عيبا بل هو سنة من سنن الحياة؟و متى يعترفوا بأن صاحبهم أثبت فشله الصريح في جميع المجالات و أنه حان الوقت ليرحل و يفسح المجال لغيره ممن يقدر على تحمل المسؤولية؟متى يستوعبوا بأن المغاربة لم يعودوا يطيقون صبرا و لم يعد لهم ما يعطونه لتحمل عجز بنكيران الذي جردهم من كل شيء؟ إن السينارويو الوحيد و الأوحد إذن إزاء فشل بنكيران في تكوين الحكومة هو التالي: -تدخل صاحب الجلالة و إعفاؤه من مهامه و تعيين عضو من الحزب الثاني يكلف بتكوين الحكومة بعد أن أعطيت لبنكيران جميع الفرص و بعد أن منح الكثير الكثير من الوقت أهدره في نقاشات فارغة وفق ما يمنحه له الفصل 42 من الدستور الذي يعتبره "الحكم الأسمى بين مؤسسات الدولة"بما فيها البرلمان و الحكومة التي تنبثق من الأحزاب,باعتبار جميع هذه المؤسسات كل لا يتجزأ عكس ما يسوقه أتباع بنكيران من كون الملك حكم بين مؤسسات الدولة فقط و ليس بين الأحزاب,و كأن الأحزاب ليست مؤسسات نص عليها و على قوانينها الدستور أو كأن البرلمان و الحكومة منفصلان عن الأحزاب !! فلماذا هذا السيناريو هو الحل الوحيد و المقبول؟ لأنه الحل الذي يمثل عمق الديمقراطية و لأن السيناريوهات الأخرى التي يروج لها "محللو بنكيران" مكلفة و غير مقبولة و فيها تضييع لمزيد من الوقت,و نوضح ذلك كما يلي: -هناك من يروج لسيناريو تدخل الملك لتعيين عضو آخر من نفس حزب بنيكران,و الغريب العجيب أن المتحدثين عن هذا السيناريو هم أنفسهم من يقولون بأن الدستور ليس واضحا في هذه المسألة لأنه أغفل حالة فشل رئيس الحكومة في تشكيلها و من هؤلاء المسمى عبد الرحيم منار اسليمي أحد المتحدثين باسم بنكيران و الذي لا يفوت فرصة تمنحها له قناةFrance 24(التي لا تستضيف إلا هو و الطريبق كأنه لا يوجد في المغرب غيرهما) أو أي قناة أخرى للدفاع عن بنكيران و التمسك به لتشكيل الحكومة(و طبعا من حقه أن يدافع عن بنكيران و لكن الذي ليس من حقه هو مغالطة الشعب),هذا "المحلل" من جهة يتشبث بما يسمى حزب العدالة و التنمية لتكوين الحكومة من خلال تكليف عضو آخر منه و من جهة يتحدث عن أن الدستور لم يعط للملك أي صلاحية في هذا المجال,و الأغرب أنه في حوار له مع قناةFrance 24 مساء اليوم الثلاثاء 10 يناير قال بأن المغرب لم يصل بعد إلى مرحلة الأزمة و أن الخدمات لم تتوقف و المغاربة لم يتأثروا بعد بعدم تشكيل الحكومة و عليه فإنه ما يزال أمام بنكيران متسع من الوقت لتكوينها"على خاطرو و لا زربة على صلاح"؟ !! و عجبا إذا لم يكن ما يعيشه المغرب منذ ثلاثة أشهر من غياب للبرلمان و الحكومة أزمة؟و عجبا هل ننتظر حتى تحصل هذه الأزمة لنقول لبنكيران "ارحل فقد فشلت"؟؟ -أن الانفتاح على الحزب الثاني من شأنه أن يعطي الفرصة لكفاءات و خبرات أخرى لتسيير الشأن الوطني و ربما أبانت على أنها تستحق أن تتولى تلك المهمة,و سيقول قائلهم,هذا تمرد على إرادة الشعب التي صوتت على حزب بنكيران,فنرد: بنكيران و حزبه لا يمثلان الإرادة الشعبية كما يحاول أتباعه و محللوه إيهام الناس,بل إنه لا يمثل سوى فئة قليلة جدا من المغاربة لا تتعدى 1 في المئة أو أقل,فعن أي إرادة شعبية تتحدثون؟ ثم لنفترض أن بنكيران يمثل فعلا الإرادة الشعبية و لنفترض أن ما يحرك هؤلاء هو حقا غيرتهم على هذه الإرادة,فهل يمثلها حزب قزم لم يحصل سوى على 12 مقعدا و رغم ذلك يعتبره بنكيران حليفا استراتيجيا و لا محيد عنه لتشكيل الحكومة التي "ستمثل الإرادة الشعبية"؟وهل تجوز مقارنة حزب حصل على 102 مقعدا مع حزب حاز على 12 مقعد؟أليست الديمقراطية إذن تفرض أن يكون الحزب الثاني هو الأكثر أهلية و استحقاقا لتمثيل الإرادة الشعبية في الحكومة من "حزب 12 مقعد"؟؟ -ما يجعل سيناريو تدخل الملك و إعفاء بنكيران و حزبه السيناريو الأكثر واقعية و فائدة للوطن و المواطنين يتجلى في الإجابة عن السؤال التالي:إذا افترضنا أن الملك عين شخصا آخر من حزب بنكيران,فمن يضمن ألا يفشل هذا العضو الآخر في تشكيل الحكومة كما فشل بنكيران؟ثم ما الذي سيتغير إن كان الشخص المكلف عضوا آخر من نفس الحزب مادامت الأحزاب المعنية متشبثة بموقفها و تحالفاتها؟ما الذي سيغيره هذا الشخص الآخر؟ إن الحل إذن هو في تكليف الحزب الثاني من أجل خلخلة تلك التحالفات و خلق تحالفات جديدة تنبثق عنها حكومة قوية قادرة على تحمل المسؤولية و مواجهة كل التحديات.إن المطلوب إذن هو حل يدفع الأحزاب إلى تغيير مواقفها و تحالفاتها و ليس تغيير الأشخاص(تغيير بنكيران ببجيداوي آخر؟ !!) -ما يجعل إعفاء بنكيران و حزبه هو السيناريو الأنجع,أن المروجين لسيناريو إجراء انتخابات مبكرة سابقة لأوانها,لم يضعوا مصلحة الوطن في الحسبان,بل كل ما يهمهم هو حزبهم و ليذهب الوطن في مئة داهية فهم كمن يقول "إذا لم ينجح بنكيران فعينوا منا شخصا آخر و إذا فشل فآخر و إذا فشل فرابع",و هذا ليس سخرية منا,بل هو من صميم ما قاله منار اسليمي لموقع هسبريس في إحدى "تحليلاته",عندما قال" إن اللجوء إلى سيناريو آخر لا يجب أن يكون إلا بعد فشل شخص ثالث من حزب بنكيران في تكوين الحكومة",و إلى اليوم لا نعرف على ماذا استند "محللنا" في اجتهاده هذا؟و هل يوجد فصل في الدستور يقول بذلك؟ !! إن هؤلاء البنكيرانيين أكثر من بنكيران نفسه لم يسألوا أنفسهم كم من الأموال و الوقت و الإجراءات و التكاليف الأمنية ستكلفها تلك الانتخابات؟و ما الحل/السيناريو الذي أعدوه إذا قاطعها مرة أخرى ملايين المغاربة و استغل ما يسمى حزب العدالة و التنمية تلك المقاطعة لتجييش بضعة آلاف من أتباعه و حسم النتيجة لصالحه و جاء الأصالة و المعاصرة ثانيا ثم الاستقلال...فنبقى ندور في حلقة مفرغة؟؟ !! يتضح مما سبق أن الحل الواحد و الأوحد الأحد هو تدخل الملك لإعفاء بنكيران و تعيين عضو من الحزب الثاني لتشكيل الحكومة,و ليعلم القاصي و الداني أن ذلك لا يتنافى مع الدستور كما يحاول الترويج لذلك محللو بنكيران و صحافيوه و أبواقه,بل هو ترسيخ و تجسيد للفصل 42 من الدستور كما وضحنا سلفا,و لمن يقول العكس,نسأل:إذا لم يتدخل صاحب الجلالة لحل مثل هذه الأمور فمتى و فيم يريد الذين يحاولون تجريده من كل سلطاته أن يتدخل ؟؟