كان أن فرح الناس بانتصارات معارضي القذافي المدعومة بطيران الناتو، و استبعض المحللون من إحدى الطائفتين نصرهم، و سماهم تسمية ثوار الناتو، و كان ما تنبأ به من تشتيت شمل و إثارة فوضى و بلبلة و فشل دولة و تنازع القوم أنفالهم و انتصاراتهم الوهمية، و حال الحول و فوقه حولان أو يزيد، و اليوم يفرح المحللون لتلك الطائفة لانتصارات نظام الأسد و هو يدخل حلب مدعوما بطيران الروس، الأمس قيل شكرا فرنسا و اليوم يهلل كثيرون بحمد بوتين و يرددون شكرا روسيا صديقة العروبة . من الغريب، أن يعلن وزير خارجية روسيا خبر استحواذ الجيش السوري على قرابة التسعين في المئة من حلب، و من الغريب أن يتحدث مسؤول روسي آخر عن ضرورة جلوس المعارضة و العودة للمفاوضات، فمن يتحدث و بأي صفة؟ هل هي وصاية لمتتصر مستحوذ، على منهار مدعوم؟
نعم، وصل الجيش السوري إلى حلب و بدعم روسي، و على أميال يصل الجيش الحر بدعم تركي أمريكي مدينة الباب و من ورائها منبج، والطرفان على نقيض، غير أنه و كما يبدو قسمة و إن كانت ضيزى، غير أنها بتراض غير مسبوق، فمن الرابح و من الخاسر؟
قد يكون من الأفضل، أن يستتب الأمن و يستقر الوضع السوري على يد نظام ديمقراطي بحريات واسعة و دولة مترسخة و منجذرة بدواليبها و آلياتها، من أن تغرق في وحل اللادولة و حكم العصابات و الميلشيات، أو أن تصير بحكم هش و بتوافقات مرهونة بالخارج، أو أن تغرق في حكم دولة مشمولة و مرهونة بوصاية و حماية، و هذا ما قد تؤول فيه الاحوال بسوريا، فالتدخل الروسي، على ما قدم لموسكو و بوتين من نصر معنوي و سياسي، أظهر به قوته و ضعف الغرب حيال تقدمه، هذا إن سميناه ضعفا دون أن يكون توافقا على يقاء الأسد المقيد كحصن ضد التنظيم و توابعه لن يكون إلا و بمقابل؟
فكيف سيكون بقاء الروس في سوريا؟ و ماهي دعواهم ؟ و إلى أين منتهاهم؟ و مبلغ أطماعهم، و كيف سيستقر بهم الحال؟ و هل سيرضى السوريون ببقاءهم و تسلطهم؟ إن تمادوا في وصايتهم و احتلالهم و عجرفتهم، و هم المتخلفون البربريون في خلقهم و طباعهم نسبيا ,,,
قد يظن البعض أن المتطفل بهذه الكتابة يصنع تساؤلات من أوهام، لكنه و كما روى التاريخ، الروس يكررون سير دول و امبراطوريات سنت لنفسها نفس المنهاج، توسع و احتلال ثم سقوط و انهيار، ألم يكن العالم قسمة لمملكتين هما البرتغال و الإسبان؟ إحداهما أكلت الأخرى، بعد أن تدخل ملك البرتغال ليدعم الخليفة المغربي المتوكل السعدي ضد عميه، بعد أن خلعاه من الحكم، فانهزم البرتغال و جيش المتوكل وقتل ملك البرتغال في معركة وادي المخازن الشهيرة، و التي كان من نتائجها المباشرة استحواذ الملك الإسباني على العرش البرتغالي، أو لم يسقط الروس نفسهم و يسقط إتحادهم جراء حرب أفغانستان، التي مازال الداعمون لحركاتها الجهادية يدفعون ثمنا لدعمهم؟