إحسان الزكري ما تزال ردود فعل مختلف الفاعلين الحقوقيين والجمعويين والسياسيين والإجتماعيين تتوالى مفندة وداحضة الموقف الذي اتخذه السيد بنكيران في حق معطلي محضر 20 يوليوزحيث أصدر في حقهم قرارا يقضي بإقصائهم من التوظيف المباشر رغم توفرهم على محضر حكومي يخول لهم ذلك الحق. وفي هذا الصدد نشر الدكتور نور الدين أشحشاح أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بطنجة ورئيس المركز المغربي للدراسات التشريعية قراءة قيمة وموضوعية في موقع المجلة الإلكترونية للدراسات والأبحاث القانونية وضع من خلالها محضر 20 يوليوز في ميزان القانون والدستور ، وهي القراءة التي جاءت كجواب مفحم و مقنع على السؤال الذي طرحه السيد رئيس الحكومة خلال جلسة الأسئلة الشفهية التي عقدت يوم 14 ماي الجاري إذ خاطب السيد بنكيران خلالها أساتذة القانون قائلا لهم بلهجة عامية " ياك كايين أساتذة القانون ، وقولونا هاد المحضر واش قانوني ؟ " . ومن خلال الإطلاع على جواب الدكتور أشحشاح الذي ورد في شكل قراءة للإشكالية القانونية التي طرحها عدم تنفيذ المحضر الموقع بين الحكومة المغربية من جهة وتنسيقيات الأطر العليا يوم 20 يوليوز 2011، يتضح جليا أنه بسط بالأدلة القانونية الدامغة والحجج الدستورية القاطعة عبر مقاربة قانونية دقيقة ومفصلة أن النواحي القانونية للمحضر المذكور سليمة وبالتالي وجب على الدولة أن تلتزم بتنفيذه مراعاة لمبدأ استمرارية سير المرافق العمومية، كما أكد في ثنايا ذات القراءة أن الحكومات والإدارات العمومية لا يمكنها أن تتنصل من التزامات الحكومة السابقة ، وهو الأمر الذي يسري على مختلف الإدارات العمومية فيما تعقده من التزامات وعقود، إذ أن المساس بها أو التنصل منها يرتب مسؤولية الدولة حسب تعبيره. وفي زاوية أخرى من قراءته ، استحضر الدكتور نور الدين أشحشاح منطوق الفصل السادس من الدستور الجديد الذي ينص على مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون و الذي شكل حسب تعبيره أحد أعمدة نظرية الدستور لينبه إلى أن عدم تطبيق مضمون محضر 20 يوليوز سيسقط الحكومة في خرق مبدأ المساواة لاسيما وأن المحضر وقع في ظل مرسوم التوظيف المباشر المطابق للدستور . وبناء على ذلك لا يمكن حرمان المعنيين بالمحضر من المساواة مع الأطر التي تم توظيفها خلال الدفعة الأولى، ثم إن حرمانهم من التوظيف بنفس شروط ومساطر الدفعة الأولى سيشكل مساسا بمبدأ المساواة الذي يقضي بأن يخضع الجميع لنفس شروط التوظيف المحددة خلال سريان مرسوم التوظيف المباشر.. وفي سياق آخر من قراءته ، نبه الدكتور نور الدين أشحشاح إلى أن مبدأ الثقة ضروري لتحقيق الأمن القانوني باعتباره يفرض على الإدارة أن تتصرف كخصم شريف ، تحترم حق المرتفق في الأمن القانوني وفي وثوقية علاقته بالإدارة والمرافق العمومية ، إذ من شأن مخالفة هذا المبدأ الإضرار بثقة المرتفقين وعموم المواطنين في الإدارة والدولة.هذا وقد خلص الدكتور أشحشاح في نهاية قراءته إلى أن ما صرح به السيد رئيس الحكومة أمام البرلمان فيما يخص محضر 20 يوليوز لا يستقيم مع المبدأ الذي تقوم عليه المرافق العمومية ، إذ أن الثقة هي ما يفترض في الإدارة ، وحتى لو كان الموقع على المحضر من جانب الإدارة هو مجرد موظف عادي ، فهذا لا يعفي الحكومة من الإلتزام بمقتضياته . يستخلص من خلال استحضار شذرات من القراءة الموضوعية القيمة التي قدمها الدكتور أشحشاح والتي تعتبر حلقة من سلسلة القراءات التي قدمها كبار فقهاء القانون في هذا المجال أنها تقاطعت كلها حول نقطة واحدة وهي أن محضر 20 يوليوز قانوني ولا يتعارض لا مع الدستور ولا مع قانون الوظيفة وبالتالي فإن حكومة بنكيران ملزمة بتنفيذه .