يمضي الناس نحو ثلث حياتهم في النوم ورغم ذلك تسود العديد من المغالطات والأوهام حول النوم منها أن النوم الإضافي يزيل التعب وان الناس المسنين يحتاجون إلى ساعات اقل للنوم فيما يمكن التعويض عن قلة النوم خلال الأسبوع بإطالة فترة النوم خلال عطلة نهاية الأسبوع ولذلك تجد الأوساط الطبية أن من الضروري تقديم الحقائق لتبديد هذه المغالطات وغيرها . الوهم الأول : الجسم لا يفعل شيئا خلال النوم تتباطأ بالفعل العديد من العمليات الجسدية خلال النوم (مثل انخفاض درجة حرارة الجسم ، وتيرة التنفس ، انخفاض ضغط الدم ) غير انه لا يمكن أبدا القول بان الجسم البشري يقفل ولا يفعل شيئا . إن الجسم يقوم خلال النوم بإصلاح وتجديد الخلايا ويتم خلق عقد عصبية جديدة في الدماغ (في النوم مثلا يتم تخزين الذكريات في الذاكرة الطويلة الأمد ) ويعتبر من الأمور الجوهرية لتجديد الخلايا العصبية أو غيرها مرحلة عمق النوم فعندما يكون النوم سطحيا فان نفسية الإنسان تعمل وهذه تعالج الأحداث التي مررنا بها خلال اليوم. و يحسن النوم المقدرة على التركيز كما يعزز نظام المناعة ويخفف من إلحاق الأذى بالبشرة ويعمل كشكل من أشكال الوقاية من الأمراض القلبية كما انه تحدث في الظلام اكبر عملية إنتاج لهرمون ميلاتونين الذي له العديد من التداعيات الايجابية على الصحة ووفق البحث الذي نشرت نتائجه في عام 1990 فان هرمون الميلاتونين مثلا يحمي الخلايا من تأثير الخلايا الراديكالية الطليقة ويبطئ شيخوختها . الوهم الثاني : الشخير اعتيادي قلما أن يعرف الإنسان شخصا لا يتواجد في وسط يتكرر فيه سماع الشخير ليلا من قبل أقارب أو أفراد من عائلته ومع ذلك فان الشخير لا يمكن اعتباره أمرا عاديا وإنما يمثل دائما تقريبا إشارة إلى وجود مشكلة صحية في جسم من يشخر أما الشكل النمطي للشخير فيحدث عندما يكون الأنف غير سالك وبالتالي الحاجة إلى التنفس عن طريق الفم . ويمكن للشخير أن يكون خطيرا في حال ترافقه مع وقف التنفس للحظات وحسب بحث أجري في جامعة بودابست وشارك فيه نحو 13000 شخص فانه يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالجلطات القلبية أو السكتات الدماغية . ويحدث خلال الشخير توقف التنفس المرتبط بضغط الدم المرتفع والأمراض القلبية ولذلك رأى صاحب البحث المجري ايستفان موسيسي بان الناس الذين يشخرون لديهم احتمالات بان يصابوا بالجلطات القلبية بنسبة 44% في حين يرتفع احتمال إصابتهم بالسكتة الدماغية بنسبة 68% .. الوهم الثالث : النوم الإضافي يزيل التعب يؤكد المختصون بان بالاعتقاد السائد بأنه كلما نام الإنسان وقتا كلما قل شعوره بالتعب يمثل مغالطة كبيرة فالإنسان البالغ المعافى يكفيه ما بين 79 ساعات من النوم يوميا أما عندما يشعر بالإرهاق بعد نومه هذه الساعات فيتوجب البحث عن أسباب أخرى للتعب غير النوم ومن المهم بمكان نوعية النوم وليس طول ساعات النوم ففي حال المعاناة من مرض يؤدي إلى تدهور نوعية النوم( مثل اضطرا بات النوم ) فان إطالة فترة النوم لن يساعد وإنما يسود نفس الإحساس بالتعب . ووفق البحث الذي قامت به جامعة كولومبيا البريطانية فان الناس الذين ينامون بشكل منتظم أكثر من 8 ساعات يوميا يعانون أكثر من الكآبة والسكري ويموتون قبل عشاق النوم لساعات اقل وقد نبه القائمون على البحث بأنه ليس من الواضح فيما إذا كان النوم أعلى من المعدل الوسطي هو سبب تنامي الإصابات بالأمراض أم أن العكس صحيح . الوهم الرابع : الناس المسنون يحتاجون إلى نوم اقل توجد قناعات عامة متوارثة بان الناس المسنين يحتاجون إلى النوم لساعات اقل بكثير من بقية الناس غير أن الخبراء يؤكدون أن هذا الأمر هو وهم، فالناس المسنون يحتاجون إلى النوم مابين 7 9 ساعات يوميا مثل اغلب الشباب. ووفق الدراسة التي قامت بها جامعة بورتلاند في ولاية اوريفون وشارك فيها أكثر من 15000 من المسنين الذين تجاوزت أعمارهم الخمسة والستين عاما فان ثلثي المسنين ينامون يوميا بمعدل وسطي 7,5 ساعات . صحيح أن النوم الليلي لديهم متقطع غير أنهم يغفون بالمقابل خلال النهار في اغلب الأحيان ، كما أكدت الدراسة بان نوعية نوم المسنين المعافين مماثلة لنوم الشباب وان الأمراض هي العامل الرئيسي الذي ينعكس سلبيا على نوعية وطول فترة النوم . الوهم الخامس : نقص النوم يمكن التعويض عنه خلال عطلة نهاية الأسبوع إذا كنتم خلال أيام الأسبوع تطيلون السهر وتمنون النفس بأنكم ستعوضون عن قلة النوم من خلال النوم لساعات أطول خلال عطلة نهاية الأسبوع فإنكم بذلك تعرضون صحتكم للخطر . ووفق المعطيات الإحصائية فان ثلث سكان الدول الغربية ينامون أقل من 6 ساعات يوميا في النهار أو بالا حرى ليلا فيما تؤكد معطيات مدرسة هارفارد الطبية بان ردود فعل الناس الذين ينامون اقل من 6 ساعات يوميا لفترة أسبوعين هي أسوأ بعشر مرات من رد الفعل العادي للناس الذين ينامون ساعات أطول . وتؤدي قلة النوم إلى تدهور المشاهدة والنسيان وانخفاض المقدرة على التركيز كما أن من بين تداعيات قلة النوم الإصابة بالبدانة وبالأمراض القلبية .. وقد أقدم الباحثون والعلماء في جامعة شيكاغو مطلع هذا العام على تنفيذ بحث توصلوا خلاله إلى نتيجة مفادها بان خداع الجسم أثناء النوم أمر غير ممكن عمليا لان تناوب فترة النوم القصير مع النوم الطويل يمثل أثقالا كبيرا للجسم ولا يستطيع الجسم التأقلم مع هذا الوضع بين ليلة وضحاها كما أن الإنسان يحتاج للتخلص من نتائج قلة النوم إلى فترة أطول من يومين ولذلك فإذا كنتم حريصون على صحتكم يتوجب عليكم النوم يوميا نفس الفترة الزمنية تقريبا أي مابين 7 9 ساعات.