بعد فشل تجربة التركيبة الرباعية ، تعاقد رئيس جامعة الكرة مع مدرب بلجيكي اسمه اريك غيريتس ، وقدمه للمغاربة على أنه المهدي المنتظر الذي سيرفع كرتنا إلى علياء المجد والعالمية بعدما اعتادت الحضيض والدركات السفلى ، ولكي يحل لنا الاستمتاع بغيريتص ( النوم فقط باللغة الأمازيغية) عليه أن يطلق أهله في الخليج ، وعلى المغاربة أن يدفعوا ثمن النفقة ومؤخر الصداق .هكذا أصبحنا ننتظر بفارغ الصبر أن ينهزم هلال السعودية في كأس أسيا لكي نفرح مثل الأطفال بقدوم الساحر الأبيض إلى ديارنا. في مبارة الجزائر سحر غيريتس الجميع ، وغشي أعين الناس ،حتى أضحى كل مهتم بالكرة المغربية يحلم بالفوز بكأس إفريقيا ، بل بكأس العالم. ومع أول اختبار حقيقي ، تبخر الحلم وتحول إلى كابوس ، وانقلب السحر على الساحر ، وسقطت أوراق التوت عن عورة مدرب نعث بالعالمي فبانت محدودية إمكاناته ، وصار مجرد مدرب مبتدئ يتعلم أبجديات الكرة الإفريقية ،ويستفيد من أخطائه . لتعويض عن نكسة الغابون تحول المغاربة إلى منجميون ينقبون عن راتب الناخب الوطني ، فبين من يقول 250 مليون ومن يقول 276 مليون سنتيم شهريا ، بين هدين الرقمين ضاعت الملايين التي تكفي لتشغيل المعطلين من حملة الشواهد ، و حملة السواعد ، وبناء المدارس والمستشفيات ... وان كنا نعرف راتب الوزراء وكبار موظفي الدولة ، فقد حول رجال علي الفاسي راتب غيريتس إلى سر من أسرار الدولة ، لا يعلمه إلا الله والراسخون كراسيهم في المكتب الجامعي. ننتقل من كرة القدم إلى التعليم ، ومع بلجيكي أخر اسمه كزافيي روجر ، المعروف لدى رجال و نساء التعليم بغيريتس التربية والتكوين ، الذي تعاقدت معه وزارة التعليم في حكومة عباس الفاسي لاستيراد بضاعته المتمثلة في استنبات بيداغوجيته الموصوفة بالإدماج داخل المدرسة المغربية. كزافيي روجر هو رئيس لشركة عبارة عن مكتب لهندسة التربية والتكوين ، يقوم ببيع خدمات الاستشارة في مجال التكوين وتطوير الكفايات ، وتدبير المشاريع والموارد البشرية ، ويتكون زبنائه من إدارات ومنضمات غير حكومية.أما بيداغوجيا الإدماج فتعرفها وزارة التربية الوطنية بكونها إطارا منهجيا لأجرأة المقاربة بالكفايات . فماهي القيمة المالية لهذا المشروع ؟ وماهو نصيب كزافيي روجر من هذه الصفقة ؟ علما أنه وضع رهن إشارة الوزارة 10خبراء دوليين . لتأكيد أن مشروع بيداغوجيا الإدماج تفوح منه رائحة الفساد المالي سأكتفي بمقتطف من مقال للدكتور الحسن اللحية أستاذ باحث في علون التربية ، مقال بعنوان ما بعد بيداغوجيا الفقر والهشاشة _ منطلقات الإصلاح _ 3/7 نشره بجريدة المساء عدد 1713 ليوم الثلاثاء 27 مارس 2012 ص 17 يقول : « علينا أن نستحضر أن بيداغوجيا الإدماج خلقت حولها لوبيات من المنتفعين من أموال البرنامج الاستعجالي وهي لوبيات قوية بحكم موقعها الإداري-البيروقراطي ، كما خلقت قوى المسترزقين من بيداغوجيا الإدماج هؤلاء الدين سمو «الخبراء » والمنتفعين الإداريين إضافة إلى سوق التأليف المدرسي...» أما أغلب المدرسين فقد انخرطوا في رفض هده البيداغوجيا لأنهم وجدوا أنفسهم منهكين من الآلة التقويمية لهذه البيداغوجيا ، حتى قال أحدهم ساخرا " يحتاج المدرس إلى سكرتيرتين لمساعدته في مراقبة شبكات التقويم والتحقق، أما المدير فيحتاج إلى عشر سكرتيرات ...". إن اختيار الوزارة لبيداغوجيا الإدماج لا يعني سوى تنازلها عن موقعها الحقيقي والمتمثل في كونها جهاز حكومي وصي على قطاع يزخر بالكفاءات والخبرات الوطنية ، وتحولها إلى مجرد زبون لدى شركة كزافيي روجر تستجدي منها حلول غريبة وعجيبة لحل مشاكل المدرسة المغربية. إن تعاقد المسؤولين المغاربة مع البلجيكيين كزافيي روجر وإيريك غيريتس ، يؤكد بالملموس مقولة خبز الدار ياكلو البراني ، ولما لا فأجمل بلد في العالم هو بلد الكرم والضيافة . أما شعار مغربة الأطر فهو خارج التغطية عند علية القوم ، في انتظار قادم الأيام.