أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، السيد عبد العزيز العماري، اليوم الأربعاء بالرباط، أن مسألة تقديم العرائض بالمغرب لا تزال في مرحلتها التأسيسية، مما يستوجب نظرة متدرجة وأفقا تكامليا "حتى لا يظن البعض أنها قد تحل محل الأحزاب السياسية أو المؤسسات المنتخبة". وأوضح السيد العماري، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لندوة دولية نظمها مجلس النواب بشراكة مع البنك الدولي، وبالتنسيق مع الاتحاد الأوربي والجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس العموم البريطاني، حول موضوع "الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية من أجل إرساء آليات الديمقراطية المواطنة والتشاركية"، أن دستور المملكة جعل الاختيار الديمقراطي من ثوابت الأمة الجامعة، من خلال تكريسه لأسس الديمقراطية التمثيلية وأحكام الديمقراطية التشاركية، مبرزا العلاقة الترابطية القائمة بين التمثيل الديمقراطي والمشاركة الشعبية. وأبرز أن المغرب استطاع بناء نموذجه الديمقراطي المتفرد على أساس التقاء إرادات جلالة الملك والشعب والنخب والأحزاب السياسية، لافتا إلى أن التجربة المغربية في مجال الديمقراطية التشاركية تبقى متقدمة، خصوصا في منطقة تعج بالأزمات والتقلبات. واعتبر أنه ينبغي مقاربة الموضوع المطروح للنقاش في سياق منظومة متكاملة، متمثلة في الأدوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني، خصوصا تلك ذات الصلة بالمشاركة في وضع وتفعيل سياسات عمومية، لاسيما على المستوى المحلي. وبخصوص آليات تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، شدد الوزير على أن المشرع حرص على فسح المجال أمام كل المبادرات الشعبية المواطنة، مع تحديده لمقتضيات واسعة تهم أساسا مجالاتها وشروطها، وأيضا بعض حالات الاستثناء وتلازم الحقوق والواجبات، لافتا إلى أن السلطات العمومية تبقى مطالبة بتيسير تمكين المواطنين من ممارسة هذا الحق وحماية المعطيات الشخصية ذات الصلة. من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب، السيد شفيق رشادي، أن تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق التعاون الإيجابي بين مجلس النواب والبنك الدولي الذي يواكب مسارات الإصلاح الدستوري والسياسي والتشريعي في المغرب، علاوة على مواكبته لأوراش التنمية والبناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتربوي. وأضاف أن الندوة تراهن على الانفتاح على مقاربات وتجارب برلمانية وتشريعية مختلفة تخص القوانين التنظيمية والممارسات المؤسسية ذات الصلة بتدبير التواصل مع مكونات المجتمع المدني وعموم المواطنين من خلال تقديم وتلقي الملتمسات والعرائض. وأشار إلى أن مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين على التوالي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، وتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، اللذين صادق عليهما أمس مجلس المستشارين، أنجزا وفق مبدأ الديمقراطية التشاركية، مع الحرص على توفير قدر معقول من الضمانات الأساسية للمشاركة المدنية والتعبير عن إرادة التوافق المجتمعي الذي كرسه دستور 2011 من خلال التنصيص على مبدأ الديمقراطية التشاركية. في ذات السياق، أبرز السيد مايكل حمايد، مسؤول رئيسي عن البنك الدولي بالمغرب، أن التجارب الدولية تؤكد أن المشاركة الشعبية تضطلع بدور هام في تكريس البناء الديمقراطي على المستويين المحلي والمركزي، معتبرا أن المبادرات المرتبطة بتقديم العرائض تعد من الوسائل الناجعة للتأثير في السياسات العمومية، سيما وأنه يمكن اللجوء إليها متى دعت الضرورة، على خلاف الاستحقاقات الانتخابية التي تخضع لتأطير زمني معين. وأضاف أن أهمية اللقاء تكمن في تقاسم بعض التجارب الدولية الناجحة في الموضوع، خصوصا الألمانية والفرنسية والإنجليزية منها، معتبرا أن على السلطات العمومية مواكبة مبادرات تقديم العرائض. وخلص إلى أن البنك الدولي، الذي يشيد بالمشاريع المؤسساتية والإصلاحية التي ينخرط فيها المغرب، سيدعم البرلمان في جهوده المتعلقة بإرساء وتفعيل العرائض. يشار إلى أن أشغال هذه الندوة ستتواصل بتقديم عدة عروض ومداخلات تنتظم في إطار جلستي عمل تتمحور الأولى حول "العرائض العمومية : الإطار القانوني والتجارب" و الثانية حول "آليات تفعيل العرائض من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصال".