لم تعد التكنولوجيا نخبوبة ومكلفة كما كانت بدايات ظهورها، بل باتت متاحة أمام الجميع يكفي فقط الالتفات إليها، مشروع «غوغل أبس فور إيدوكايشن» نموذج لاستخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وبالمجان لا يكلف استثمارات ضخمة، ولاتؤدى عنه لا حقوق براءة الاختراع ولا هم يحزنون. الشركة الأمريكية العملاقة للمعلوميات «غوغل» أدخلت عددا من الجامعات المغربية منذ عام 2004 عصر نور التواصل الحديث المبني أساسا على الدينامية والتفاعلية والحوار وتبادل الآراء، وانخرطت ما لا يقل عن 13 جامعة في هذا المشروع، محمد الخامس السويسي بالرباط والحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء والحسن الثاني بالمحمدية ومولاي سليمان ببني ملال وشعيب الدكالي بالجديدة وابن زهر بأكادير وسيدي محمد بن عبد الله بفاس وابن طفيل بالقنيطرة والقاضي عياض بمراكش ومولاي اسماعيل بمكناس ومحمد الأول بوجدة والحسن الأول بسطات وعبد المالك السعدي تطوان مشروع أدخل آليات حديثة في التواصل بين الطلبة وجامعاتها، وبين الطلبة فيما بينهم، وبين الطلبة وأساتذتهم . بيد أن الهدف الكبير من وراء هذا المشروع كما شرحه مدير «غوغل أبس» للتربية بأوربا والشرق الأوسط وإفريقيا ويليام فلورانس. «تمكين الطلبة المغاربة من التعرف على التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في عالم الشغل» «المغرب يعد بلدا رائدا في هذا المجال بالقارة الافريقية، والجامعات المغربية قطعت أشواطا مهمة لتيسير سبل اندماج الطلبة في العالم المهني» الكلام للمسؤول ذاته. لكن تطبيقات المشروع على أرض الواقع لم تخل من صعوبات ناجمة أساسا عن قلة الموارد البشرية المكونة في هذا المجال، ومشكل ثقافي منبعه تراكم أساليب عتيقة للتواصل تربى الجميع عليها لمدى سنوات. رئيس جامعة مولاي اسماعيل بمكناس أحمد لبريهي، أشار في كلمته إلى هذه الصعوبات رغم إقراره أن استخدام التكنولوجيا الحديثة بالجامعة ساهم في تحسين ما أسماه بالحكامة عبر تطوير الأنظمة المعلوماتية للتسيير الإداري « المعلومة باتت تتداول بشكل سريع مقارنة مع الماضي بفضل التكنولوجيا الحديثة، لكن ثمة ديكالاج بين هذه السرعة وما تعود عليه جميع الفاعلين بالجامعات» يقول أحمد لبريهي. لكن المثير للتساؤل، أن ميزانية الجامعات تضاعفت من ثلاث إلى خمس مرات مقارنة مع السابق. فلماذا لم يساهم هذا الانتعاش المالي في الانخراط القوي بهذا المشروع؟ يجيب رئيس جامعة مولاي اسماعيل بمكناس «أن الأموال بالفعل متوفرة. لكن لا ينبغي إهمال عنصر هام يتمثل في تأثير ثقافة تجدرت منذ عقود، والانخراط في «غوغل أبس» لا يمكن جني ثماره إلا في إطار وضع استراتيجية للتطور على مدى سنوات، ولكن ينبغي حل مشاكل أخرى خارج إرادة الجامعة تهم باند باسانت وشبكة الاتصالات» ونتيجة هذين المشكلين المرتبطين بالموجات وشبكة الاتصالات، لم يعمم «غوغل أبس» فور إيدكاشن» على كل مرافق الجامعة، إذ يستحيل التعامل في المرحلة الحالية مع عدد كبير من الطلبة يفوق أربعين ألفا بجامعة مولاي اسماعيل مثلا عن طريق خلق عناوين إلكترونية لكل واحد، لما يتطلبه من صبيب عال لشبكة الاتصال، فضلا عن استثمار ضخم في اقتناء خادم قادر على استيعاب حجم كبير من المستخدمين «وكل هذا يزيد من حجم التحديات على الجامعات لتوفير موارد بشرية كفأة في الصيانة، وهو ما تفتقر إليه في الوقت الحالي..» يضيف أحمد لبريهي.