لقد كان العربي قبل الإسلام ذا صفات حميدة كالشجاعة والكرم والمروءة والأنفة وغيرها , لكنه في نفس الوقت كان جاهليا يرعى مصلحة قبيلته على حساب مصالح بل حياة القبائل الأخرى . جاهليا للثأر في قلبه مكان وللإنتقام دفة القيادة في عقله الصغير يترجم لسانه الكبير ذلك في ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين جاهليا إذا لم يجد من يقاتل أو يعادي صنع لنفسه عدوا وإن كان قريبه وأحيانا على بني بكر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا جاهليا يسفك الدماء من أجل سباق خيل (داحس والغبراء ) ويديم القتال بين قبيلتين أربعين سنة من أجل ناقة (البسوس) , ثم مضت الجاهلية بما لها وما عليها بعد أن أشرق نور الإسلام وياله من نور . سنة 1433ه \ 2012م , وأنا أقرأ معلقة عمرو بن كلثوم , خبر عاجل : أكثر من 70 قتيلا في مبارة لكرة القدم بين فريقين عربيين , جاهلية ثانية لم أحس بها إلا الساعة , العرب نفسهم , القتل نفسه , الهمجية نفسها , هذا الخبر منقول بالألوان وبالمباشر والاخر بالكلمات والأبيات , إلا أن هذا القتل هو أكثر استغرابا من حرب البسوس لأمر واحد هو أنه وقع بين مسلمين يفترض أتهم يعلمون حرمة النفس وفيم يجاد بها ؟؟؟؟؟؟ أبعد أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم وانقشع ظلام الجاهلية نعود إليها , فوا إسلاماه . ما لنا ولهذه الكرة التي تعدت كونها لعبة ورياضة وأداة ترفيه ووسيلة تنفيس إلى أن صارت لاعبا أساسيا في القرارات السياسية والموازين الإقتصادية والعلاقات الإجتماعية . مالنا ولهذه الكرة التي تجعل بعض اللاعبين يكسبون الملايين وكل شيء في حين لا يجد أطفال الصومال لاحليبا ولا ماء ولا أي شيء . ما لنا ولهذه الكرة التي تجعل رجلا يسمى غيريتس ( ومعنى اسمه بالامازيغية : النوم فقط ) يتقاضى الملايين من السنتيمات شهريا في حين يحرق أطرنا المعطلون أنفسهم ابتغاء العفاف والكفاف و عيش هنيء . أف لهاته الكرة التي صارت هي المتلاعب بنا , المتحكم فينا , الجامعة لشمل عروبتنا والمشتتة لها أنى شاءت , وهي في الحقيقة مجرد أفيون – كما قيل – شفي الله مدمنه , لاتساوي دمعة طفلة فقدت اباها في مدرجات الملاعب , ولاصرخة أم ثكلى على ابنها قتل وهو لايدري لم قتل ولا قاتله يدري لم قتله . لقد جعلتني ياسادتي , البسوس الثانية , وما أشاهده خارج الملاعب أو داخل المقاهي من تلاسن وعراك بين مشجعي هذا الفريق أو ذاك أتساءل : هل يدرك هؤلاء أن الكرة مهما ضخمت أهميتها ليست إلا لعبة ؟ هل يدرك هؤلاء مامعنى أخوة الدين ؟ وفي حالة التعارض أيهما يقدم ؟ يجيب الشاعر المصري هشام الجخ : أتجمعنا يد الله وتفرقنا يد الفيفا