بعت بنكيران في خرجاته الأخيرة برسائل واضحة أراد أن فيها أن يُذَكر المخزن (السلطة الفعلية) على اساس أنه الاحق بالفوز بالانتخابات المقبلة خاصة بعد أن خُيبت أماله في أن يُمَكن من مرتبة مشرفة في الانتخابات العمالية والمهنية التي مُنيَ فيها بهزيمة مخزية لا تليق بحزب قدم كل ما يستطيع من تنازلات قاسية على حساب الفقراء الذين استمالهم بدعوى التغيير ومحاربة الفساد في الانتخابات السابقة، وأتصور أنه لو استطاع بنكيران تنزيل مخطط "اصلاح" الصندوق المغربي للتقاعد وتنزيل قانون التعاقد في الوظيفة العمومية ورفع الدعم عن "البوتاكاز" قبل نهاية ولايته البرلمانية فستكون اشارة واضحة على رحيل الحزب من حكومة الواجهة بشكل نهائي، وإدانا باستغناء المخزن عنه بعد ان استكمل مهمته، وإلى ذلك الحين قد يستطيع بنكيران تحقيق بعض النتائج في الانتخابات الجماعية المقبلة، كأن يُمَكن من رئاسة جماعات محلية غير مهمة وبعض مجالس الجهات، وذلك لضمان استمرار هذا الحزب في حماسته السابقة وتنزيل ما تبقى من المخططات "الإصلاح حسب مفهوم الحزب"، وللإشارة فبنكيران ليس غبيا ويعلم هذا كله ولذلك فهو لا يخجل دائما بالمطالبة بأحقيته في الكعكة بناءً على ما قدمه من طوق للملكية حسب تعبيره ابان احتجاجات 20 فبراير، ومُتهما في المقابل خصومه السياسيين بالتآمر على الملكية مند الاستقلال إلى هذا اليوم. ومن اجل البقاء في الكراسي الوزارية أطول مدة ممكنة فقد عبر (في إشارات واضحة كقوله ليس المهم أن نتصدر الانتخابات) بنكيران في خرجاته الإعلامية الأخيرة عن استعداده للاستمرار في الحكومة ولو تحت وصاية "التجمع الوطني للأحرار "، الذي أصبح أكثر من أي وقت مضى قريبا من الفوز بإحدى المراتب المتقدمة في الانتخابات القادمة إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة تحت دريعة ان حزب مزوار مقبول سياسيا عند الجمهور أكثر من حزب الأصالة والمعاصرة الذي لا يزال يحتاج الى بعض الوقت كي يكون حزبا عاديا ومقبولا عند الجمهور، ويعزز هذا التوجه ايضا تمكن حزب "الأحرار" من رئاسة بعض الغرف المهنية بعد دعم من حزب بنكيران وباقي أحزاب التحالف الحكومي الحالي، كما أن انسحاب "اصحاب الشكاير " من بعض الأحزاب الأخرى "الاتحاد الاشتراكي مثلا" والتوجه الى حزب مزوار يدخل في نفس السياق.
لكن علمتنا التجارب أن حسابات اللحظة الأخيرة هي التي بإمكانها أن تحسم بقاء أو خروج حزب "البيجيدي" من نعمة الحكومة كما سبق وأن تغيرت المعادلة أتناء انتفاضة 20 فبراير حين تم إبعاد تحالف الج8 في ذلك الوقت لصالح حزب العدالة والتنمية، هذه اللحظة التي اتحدت عنها مرتبطة اساسا بدرجة الاحتقان الاجتماعي والسياسي في المغرب والوضع الإقليمي في منطقتنا المغاربية والعربية بصفة عامة.