في غمرة الأحداث والتطورات السياسية والاجتماعية التي يشهدها مغربنا خلال هذه الأيام الأولى من شهر رمضان الفضيل، من الجدال حول الحريات الفردية وقمعها على مستوى اللباس، وقضية "تنورة فتاتي أكادير "وما خلفه ويخلف الآن من حركات ووقفات احتجاجية من لدن التقدميين الحداثيين الذين ضربوا في مقتل. فبعد المكتسبات الحقوقية التي حصلتها الحركة التقدمية والحداثية، هاهي الآن الأحوال تنقلب إلى نقطة وقوفها وتخسر الحركة أمام الإسلاميين والمتاسلمين نقطا أخرى بتواطئ مع أجهزة الدولة لضرب الفيلق التقدمي العلماني في عقر داره وإرجاعها كرها إلى البدايات المرتجلة. وبعد اللغط الكبير الذي شاب الجدال حول" دعوشة "الدولة، من خلال التهديدات التي أطلقها التنظيم على المغرب بعد ما وقع في تونس بمدينة سوسة السياحية، وما خلف من كوارث إنسانية واقتصادية، وما شهدته مدينة بني ملال من رفع لعلم داعش على متن سيارة في الشارع العام.. وضمن أجواء الإحتفال برمضان ، وإقبال الناس والمواطنين على التسوق من الأغذية والمعلبات واللحوم والدواجن والعسل والأسماك... تم إفساد هذا الإحتفال بترويج الأغذية الفاسدة في الأسواق المغربية المهددة منذ عقود دون رقيب أو حسيب، بل الخطير، ما تناقلته وسائل الإعلام الرسمية من تمويل استتماراث بعض من مستخلصات هذا الطاعون الفاسد للتنظيمات الإرهابية الداعشية بالمغرب وخارجه وتسهيل تنقيل المريدين بكل حرية إلى تنظيمات الشام والعراق. ... بعد كل هذا، اليوم بلغت الدورة الطبيعية منتهاها، وكسرت كل مساعي اللياقة والمواطنة حين تم إعادة مسلسل تكميم الأفواه وتكسير الاقلام وإرهاب أصوات الكشف والفضح، وإعادة تشكيل الخريطة الإعلامية والصحفية على خاطر وهوى حكومتنا المحترمة. فقد أدانت المحكمة الإبتدائية بعين السبع بالدار البيضاء، صباح الإثنين 29 يونيو، الزميل حميد المهدوي، رئيس تحرير موقع "بديل.أنفو"، بأربعة أشهر حسبا موقوف التنفيذ، مع أداء تعويض قدره 10 ملايين سنتيم تضامنا بينه وبين المتهم الآخر في القضية لفائدة المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي، وغرامة مالية قدرها 6000 درهم لفائدة الدولة المغربية، على خلفية ملف "وفاة شاب الحسيمة كريم لشقر".
هذه الفضيحة الإعلامية، وهذا القصف الحكومي لبيت الصحافة المغربية هو وصمة عار في جبين دولتنا " دولة الحق والقانون" دولة المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات. وهو ما دفع بالصحفي المقتدرحميد المهداوي إلى القول حسب ما أورده موقع" بديل أنفو" أن ما وقع "هو إساءة لصورة المغرب، وللملك محمد السادس، الذي أكد في إحدى خطاباته أن المغاربة عنده سواسية، بعد أن تمت متابعتي لوحدي وسط عشرات المواقع الإلكترونية التي نشرت نفس الخبر، مما ينم عن سوء نية وعن انتقائية واضحة". أستسمحكم، سأثقل عليكم بعض الشئ، بالله عليكم ماذا يجري في رحاب البيت الصحفي المغربي؟ بيت الصحافة المغربية أضحى أوهن من بيت العنكبوت الحكومي. ثمة أشياء تحاك في الكواليس لاندري أهدافها ومقاصدها، بل علمتنا التجربة الصحفية المغربية ان نكشف خباياها وخيوطها المتشابكة التي تغزل في زمن هذه الحكومة بعناية ودقة بالغتين. تتذكرون أيها القراء الأعزاء مسلسل التضييق والإقصاء في حق أصوات الحق، التي تم إسكاتها وإقبارها فانقادت كرها وفرضا لما تم تدبيره لها من عذاب وجحيم ونفي وتهجير.. وأخرى صفدت أقلامها، وقيدت أفكارها وغمدت سيوفها في زمن السيبة التسلطية والفوضى الحكومية ، بيد أنها أبت إلا أن تنفض الغبار وتعيد بعث نفسها من جديد في صورة لطائر العنقاء الذي يولد من رماد حطبه المشتعل. هي البدايات هكذا من علي المرابط ومن سبقه إلى الصحفي الجريئ مصطفى العلوي، مرورا بالقلم الرصاص رشيد نيني وانتهاء بالثوري المحاصر علي أنوزلا والقائمة مفتوحة في وجه كل من يريد شراء الذكر وتقدم التاريخ؛ فالتاريخ يا سادة لاينسى الرواد ولا يتنكر لخدامه وحاشيته، في المقابل يخرج الأصوات المزيفة والأقلام المأجورة الخائفة من أبوابه الخلفية ، نعم الخلفية... هي إذن هجمة شرسة واستهداف معلن أو مستبطن، لا يهم ، لمستوى التحولات التي شهدتها صحافتنا الإ ستقصائية، وضرب لقدوراتها وجرأتها في التناول ، والتزامها بالفضح والكشف . فضح الخروقات وكشف التعابين والتماسيح وردع العفاريت للعودة إلى أوكارها النتنة المتعفنة. لقد تبين الرشد من الغي ، فبعد أن جاءت حكومتنا الحالية بزعامة حزبها الحاكم رافعة شعارات خالدة في مقدمها محاربة الفساد, أضحت أول المدافعين عنه، وأكثر المحاربين لفاضحيه وكاشفيه، كل هذا من أجل الإرضاء، إرضاء الخواطر خوفا من خواسرها، وحبا لولايات أخرى على الكراسي الوثيرة !!