أبدى البابا فرنسيس في ساراييفو قلقه من «مناخ الحرب» السائد في العالم، ودعا إلى السلام والمصالحة في هذه المدينة التي لم تندمل جراحها بعد مرور عقدين على الحرب بين مجموعاتها التي أوقعت حوالى مئة ألف قتيل إضافة إلى أكثر من مليوني نازح ولاجئ، أي أكثر من نصف عدد سكانها، لكنها تعتبر رمزاً للتعايش بين الثقافات والديانات. وفيما نفذ البابا فرنسيس زيارته في ظل وضع أمني دقيق جداً، ما جعل الزيارة -وفق بعض الخبراء- تحدياً كبيراً لقوات الأمن، دعا إسلاميون أعلنوا انتماءهم إلى تنظيم «داعش»، للجهاد في منطقة البلقان، وذلك في شريط فيديو تناقلته الصحافة المحلية عشية الزيارة. وظهر في الشريط ، ومدته 21 دقيقة، 12 مجاهداً قالوا إنهم من البوسنة ومن كوسوفو وألبانيا، وتكلم بعضهم البوسنية وآخرون الألبانية وضعوا قفازات واعتمروا قبعات. وقال ألباني من كوسوفو قدم نفسه بأنه «أبو مقتل الكوسوفي»: «أياماً صعبة ستواجه الكفرة في البلقان». وأمام حوالى 65 ألف شخص احتشدوا في الملعب الأولمبي بالعاصمة البوسنية، قال البابا فرنسيس في المحطة الأهم لزيارته التي استغرقت 10 ساعات فقط: «إنها أشبه بحرب عالمية ثالثة تشن في شكل متفرق. وفي سياق عولمة الاتصالات، نشعر بمناخ حرب يريد أطراف خلقه وتأجيجه عمداً، خصوصاً أولئك الذين يسعون إلى إثارة صدام بين مختلف الثقافات والحضارات، وأولئك الذين يراهنون على الحروب لبيع أسلحة». لكنه استدرك أن الحرب تعني أيضاً الدمار وتحطم حياة كثيرين. وأنتم (البوسنيون) تعلمون ذلك جيداً لأنكم اختبرتم ذلك، على غرار المعاناة من الدمار والألم». وشدد البابا الأرجنتيني على «أن ساراييفو والبوسنة لهما مغزى خاص بالنسبة إلى أوروبا والعالم»، معتبراً أن «تعايش المجموعات الثلاث التي تنتمي إلى طوائف مختلفة في البوسنة يشهد للعالم بأن التعاون بين مختلف الإتنيات والديانات من أجل الخير العام أمر ممكن». وأضاف متوجهاً الى الرئيس البوسني الحالي ملادن إيفانيتش: «يجب تنفيذ مزيد من العمل، خصوصاً هنا في البوسنة»، علماً أن إيفانيتش يمثل المكون الصربي داخل الرئاسة الثلاثية، والذي يتناوب مداورة مع الكروات والمسلمين على الرئاسة. وشدد على ضرورة التساوي بين جميع المواطنين أمام القانون وفي تطبيقه. بدوره، أكد إيفانيتش أن السلطات البوسنية المتعددة الإتنيات «مستعدة للعمل للحد من النزعات القومية»، وطلب من البابا «دعمه التام» لمساعدة البوسنة وبقية دول البلقان في محاولتهما الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ورد الحبر الأعظم قائلاً إن «البوسنة جزء لا يتجزأ من أوروبا»، داعياً المجتمع الدولي خصوصاً الاتحاد الأوروبي إلى مساعدة هذا البلد في مساره الأوروبي، مؤكداً أن هذا التعاون «أساسي». وخلال رحلته، قال البابا لصحافيين: «ساراييفو المسماة قدس الغرب مدينة عانت كثيراً في التاريخ، وباتت على طريق صحيح للسلام. لذا أنفذ هذه الرحلة كمؤشر سلام وللصلاة من أجل السلام». وقالت كاترينا دزريك، وهي كرواتية بوسنية جاءت لتستقبل البابا: «تحتاج البوسنة إلى رسالة السلام التي سيوجهها البابا نظراً إلى استمرار انعدام الثقة بين أطياف هذا البلد».