خرج حسني مبارك منتصرا في معركة إقرار العدالة .فقد وفق بترتيبات عسكرية بأن يضمن حياة مريحة بعد سنوات من الهلع والخوف والجزع نتيجة محاكمة وصفت بالقرن وتميزت في بدايتها بإنصاف لأهالي القتلى .لكن النهاية كانت متوقعة فبعد الانقلاب على الشرعية الديمقراطية أعيدت المحاكمات من جديد ودخل السياسي القضاء لتبدأ محاكمات جديدة توصف حقيقة بمحاكمات القرن والعصر .أبطالها قضاة سياسيون. قادوا محاكمات سريعة تنتهي بأحكام قضائية لم يعرف التاريخ مثيلا لها ولاسيما في سرعة تنفيذ الأحكام وفي شدة الإدانة التي تصل إلى حكم الإعدام. إعدامات مجانية سياسية تتم بمباركة دار الإفتاء التي تصر على فرض "القانون" مهما كلف ذلك من ثمن دون تبين او إعادة المحاكمة عسى إظهار الوجه الحقيقي لطبيعة هذه المحاكمات . فهل تحولت دار الإفتاء لدار" داعش" للإفتاء؟ .فما الفرق اذن بين عمليات القتل المنظمة من طرف "داعش" في العراق وسوريا .وبين الإعدامات التي تنفذ بعيدا عن المراقبة الحقوقية في مصر ؟ ".داعش" عندما تنفذ حكم الإعدام في حق الرافضين لمنطقها الأهوج فهى تتحدث بلغة دينية كما دار الإفتاء المصرية .ان الشعب المصري ينتظر فرجا ثوريا لا قتلا لمن حمل لواء التغيير . حقيقة لقد ارتكب اخوان مصر الكثير من الاخطاء ،ابرزها تعيين السيسي كوزير للدفاع دون اتقان لعملية التقصي والبحث عن شخصية الرجل .فقط تم تعيينه لتدينه .لاشك ان هذا التصور يدل على سذاجة منطق الاخوان . مما كلفهم الثمن غاليا فالمتدين هو من يوجه السيف على رقاب من اخلصوا له . مصر تحولت إلى بلد الإعدامات والمحاكمات السياسية . فالملاحقات الأمنية لم تتوقف .والطرد والتهديد بالتصفية هى السمة الغالبة على المعركة السياسية .يصاحب ذلك انهيارا محتملا للاقتصاد المصري الذي بدا يعيش أخر مراحله باتفاق الكثير من الخبراء والنتيجة الحتمية لهذه الصيرورة ، فقدان الشعب ثقته في الحكم الانقلابي ومع استمرار تردى الأوضاع الاجتماعية فان ثورة ثالثة ستأخذ طريقها للبلاد لتضع حدا للمهاترات السياسية والمحاكمات اللا عادلة . أخطاء النظام المصرى الانقلابي لن تتوقف مالم يوقف عملية المحاكمات الجائرة والتى ستجعل البلاد تفقد بوصلة الاستقرار والأمن وهذا ما يتم ملامسته من خلال حوادث العنف المتكررة في سيناء وكذلك حواضر وقرى دخلت حتى هى في دوامة العنف المتزايد يوما بعد يوم .ولا أحد يتكهن بقدرة السلطات على مواجهة عنف يتغذى بأخطاء النظام الانقلابي .الذى بات شبه معزول بعد أن تورط في محاكمة الديمقراطية .مما جعله أضحوكة أمام أنظار العالم .فمنذ الانقلاب أبدعت نكت وقصص في غالبيتها تعبر عن سذاجة "النظام" وفساد رؤيته السياسية ما ولد انطباع لدى غالبية الشعب المصرى أن من يحكم البلاد مجموعة من المعاقين ذهنيا .