افتتحت اليوم الاربعاء بمدينة وزان، فعاليات المنتدى الدولي الرابع للمدن العتيقة، الذي تنظمه الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة تحت شعار " المدن العتيقة، ملتقى الحضارات وفضاء للسياحة الروحية". وابرز وزير الثقافة السيد محمد الأمين الصبيحي في كلمة بالمناسبة، أن هذا المنتدى ينبثق من وعي تام لدى المغرب بأهمية تأهيل المدن العتيقة واستثمار التراث اللامادي ،وتفعيل جسر الحوار الثقافي الجاد والهادف اقليميا وعالميا بشأن قضايا واشكالات المدن العتيقة .
واضاف ان المغرب اولى منذ سنين طويلة عناية خاصة بالرأسمال اللامادي باعتباره مكونا رئيسيا للحضارة المغربية بما يمثله من غنى وتنوع ثقافي وحضاري ،ومن اجل حماية التراث الانساني عموما ،مؤكدا ان المغرب دائم البحث عن السبل الانجع للاستثمار الامثل لمختلف مكوناته بما فيها المدن العتيقة، قصد استدماج هذا الرصيد التراثي والحضاري الغني والعريق ضمن النموذج المغربي للتنمية المستدامة.
وقال في هذا السياق ان الاستراتيجية الوطنية تقوم على مرتكزين اساسيين يتمثلان في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وابراز الغنى والتنوع وصيانته وتثمينه، وادراج التراث ضمن "الاقتصاد التراثي"، بما يساهم في تنشيط السياحة الثقافية ودعم الاقتصاد الخدماتي المرتبط بالتراث ضمانا لتوارثه ونقله للأجيال المقبلة.
ومن جهته، قال وزير السياحة لحسن حداد ان المغرب يعتبر من البلدان التي حافظت على تراثها الحضاري المتنوع خاصة المدن العتيقة، التي تعد خزانا لثقافة نمط حياة وعيش يضرب بجذوره في أعماق التاريخ،وكذاكرة حية يمكن ان تساهم في تعزيز تنافسية السياحة الوطنية وتأهيلها واعطاء الصورة المثلى عن مغرب كبلد لتلاقح الحضارات والثقافات وارض التسامح والتآخي والكرم والاستقرار.
وأضاف أن هذه المدن العتيقة "تسائلنا اليوم كتاريخ وكذاكرة وكفضاءات ثقافية نموذجية للحفاظ على الموروث الحضاري الراقي وتأهيله وتثمينه"، مشيرا الى أن وزارة السياحة اعتمدت برنامجا وطنيا طموحا للتنمية المندمجة للسياحة لتثمين مؤهلات المدن العتيقة .
وأوضح أن هذا البرنامج من شأنه أن يساهم في تأهيل الموروث الثقافي الوطني الذي ما أحوج اليه السياحة المغربية لتعزيز تنافسيتها وتنويع عرضها، مشيرا الى أن المنتدى الدولي للمدن العتيقة سيساهم في الانفتاح على جميع الفاعلين المهتمين لتعزيز مكانة المدن العتيقة على الصعيد الوطني وحتى الدولي وتبادل الآراء والخبرات خدمة للسياحة الوطنية كرافعة اساسية للاقتصاد الوطني.
وقال المدير العام لوكالة تنمية اقاليم الشمال السيد منير البويوسفي ان هذا الحدث التراثي والتنموي يكتسي اهمية خاصة بالنظر الى الخبراء المشاركين في المنتدى اضافة الى كونه يشكل مناسبة للتركيز على دور التراث الروحي في تحقيق التنمية المستدامة للمدن العتيقة بالجهة الشمالية، وكذا تعميق البحث وتبادل الآراء حول افضل المقاربات الواجب اعتمادها في هذا المجال والتي تأخذ بعين الاعتبار التحولات المتنوعة والعميقة التي شهدتها المدن العتيقة بالجهة في العشرية الاخيرة.
واعتبر ان تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة يقتضي نهج سياسة تشاركية إرادية قوامها الترابط بين الابعاد الاجتماعية والثقافية والايكولوجية والاقتصادية والروحية، مبرزا أن المحافظة على التراث الروحي وتثمينه تستدعي تعبئة كل الطاقات وتكريس كل الجهود في فضاء تتقاسم عمالاته واقاليمه نفس الروابط التاريخية والتحديات التنموية.
ورأى رئيس الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة السيد محمد السفياني ان هذه الدورة ،المنظمة بدعم من المديرية العامة للجماعات المحلية وولاية جهة طنجةتطوان وشركاء اخرين مؤسساتيين، تسعى الى المساهمة في تثمين التراث المادي واللامادي والعنصر البشري كأداة اساسية لتحقيق التنمية المحلية وتوطيد النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني وتحصين المواطن والمجتمع ودعم حوار الحضارات وتسامح الشعوب.
وأضاف أن اختيار تنظيم هذا الحدث التراثي والتنموي الدولي بمدينة وزان، بعد الدورات السابقة التي استضافتها كل من شفشاون (2012) وتطوان (2013) وطنجة (2014)، يرجع الى طابع المدينة الروحي المميز وكونها تزخر بتراث حضاري وثقافي وروحي غني يعكس الموروث الحضاري المغربي بكل مكوناته، اضافة الى مقوماتها المهمة لتطوير السياحة الروحية ودورها في نشر مفهوم تعايش الحضارات وتسامح الديانات.
وتم على هامش الجلسة الافتتاحية للمنتدى التوقيع على مذكرة تفاهم حول الانعاش السياحي لمدينة وزان بين وزارة السياحة والمجلس الاقليمي والمجلس البلدي ،واتفاقية اطار حول برنامج التنمية الاقليميةبوزان برسم سنة 2015 بين وكالة تنمية اقاليم الشمال والمجلس الاقليمي وعمالة اقليموزان ،واتفاقية اطار لتطوير العلاقات الثقافية والاكاديمية والتعاون بين الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة والمجلس الاقليمي والجماعة الحضرية لوزان.
كما تم بنفس المناسبة التوقيع على اتفاقية شراكة لتصنيف وزان ضمن لائحة التراث الوطني بين الوكالة الحضرية والجماعة الحضرية لوزان، واتفاقية شراكة بين التعاون الوطني واللجنة الاقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الاقليميلوزان لدعم النسيج الحضاري المحلي.
وسيتم خلال الدورة تقديم التجارب الناجحة في المحافظة على التراث الروحي والثقافي مع العمل على ادماج المجتمع المدني في مسلسل التنمية المحلية عبر المشاركة في التفكير والبرمجة وتتبع المشاريع التنموية الى تنفيذها على ارض الواقع لتجويد مستوى عيش المواطن وتثمين التراث.
ويتضمن برنامج الدورة، التي سيشارك فيها خبراء من 17 دولة من مختلف انحاء العالم و40 محاضرا مغاربة وأجانب، جلسات عامة ستتناول "السياحة الروحية والتنمية المحلية " و"التراث الطبيعي وتنمية السياحة القروية والبيئية ،المنتوجات المجالية والصناعة التقليدية نموذجا" و"المجتمع المدني والتنمية المحلية والتراث" .
كما تتضمن فقرات الدورة معرضا للمنتوجات المجالية والصناعة التقليدية وزيارات مؤطرة للمدينة العتيقة لوزان والنواحي وعرضا للتعريف وتذوق الطبخ الوزاني، اضافة الى امسيات موسيقية فنية من تنشيط فرق فلكلورية ومجموعات موسيقية مختصة في فن المديح والسماع والموسيقى الاندلسية، وأمسية خاصة للفنان المغربي نعمان لحلو.
وتهدف الشبكة، التي تأسست سنة2011 وتضم عدة حواضر من جهة طنجةتطوان (شفشاونووزانوتطوان والعرائش وطنجة واصيلة ووادي لاو وقصر المجاز والقصر الكبير)، الى تطوير التعاون والتنسيق بين كل المتدخلين من اجل حماية وتنمية المدن التاريخية والمساعدة في تكوين الموارد البشرية للجماعات الشريكة للشبكة في الميادين القانونية والاقتصادية والتقنية، في علاقة بموضوع المحافظة على التراث، واحداث بنك للمعلومات لمدن الشبكة، والمساهمة في اعداد وتدبير ومواكبة مشاريع التنمية المصنفة كتراث ثقافي.