أُسْدِل الستار أول أمس الخميس على الفصل الإبتدائي من قضية القيادي الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح، المستشار البرلماني، ونائب عمدة مدينة مراكش والرئيس السابق لبلدية المنارة جليز وذلك بالنطق بحكم إدانة في حقه رفقة سبعة مستشارين جماعيين ومقاول، فيما بات يُعرَف بملف كازينو السعدي. الملف والذي دخل دائرة ضوء المتابعة منذ 2008، على إثر شكاية تقدم بها المستشار الجماعي الحسن اوراغ مرفوقة بقرص مدمج تضمن مضامين حوار بخصوص "توزيع الغنيمة" بعد عملية تفويت الكازينو، ليلج مسارا قضائيا طويلا قارب الثماني سنوات، وهو ما أقلق الشارع المراكشي والرأي العام الوطني، وحركهما في مناسبات عدة بتأطير من جمعيات لحماية المال العام أو تنسيقيات لمحاربة الفساد. المتتبعون ومعهم عموم المواطنين إعتبروا تفويت الكازينو بثمن 600 د رهم للمتر هدرا للمال العام ، علما أن المفتشية العامة لوزارة الداخلية وفي تقرير لها أنجزته ست سنوات بعد التفويت، إعتبرت أن ثمن البيع الواجب هو 20 ألف درهم للمتر، وهو ما زكى طروحات المحاباة والإغتناء الغير المشروع، خصوصا وأن أوراغ في شكايته للوكيل العام أكد أن أن عملية تفويت الكازينو تمت بعد تلقي رئيس بلدية المنارة جليز حينها، رشوة تقدر بعشرات الملايين من السنتيمات، وزعها على الأغلبية المسيرة للمجلس من أجل انتزاع أصواتهم وتفويت الكازينو. أبدوح نفى صحة الشريط، كما نفى أن يكون الصوت الوارد فيه صوته، وبالمقابل فأوراغ والذي انهار في إحدى مراحل المحاكمة مُقرّا: «أنا ما شت لا رشوة لا والو، أنا غير احمق».. معطيات أخرى تناسلت حينها دافعة بالملف إلى الأمام من قبيل إعتراف الكاتب السابق لمجلس بلدية المنارة جليز «مصطفى بنمهدي» بأنه من سجل الشريط الصوتي، إضافة لاثنين من المتهمين اعترفا خلال مراحل التحقيق والمحاكمة بحضورهما في الشريط، ومؤكدين أن الصوتين صوتيهما، غير أن الأول أضاف أنه كان في حالة سُكر، فيما أوضح الثاني أنه كان يستدرج زميلا له في الحديث لمعرفة حقيقة ما راج من اخبار حول مبلغ سيتم اقتسامه (ما بين 200 و500 مليون سنتيم). النيابة العامة والتي بدت مقتنعة خلال جلسات المحاكمة، ومن خلال المرافعات الحماسية لممثليها، بمسؤولية المتهمين في الملف وفي التهم الموجهة إليهم، ولم يتردد نائب الوكيل العام في وصف المتابعين بالفاسدين، وفي التصريح بأن «سلطة المجلس أقوى من سلطة الوالي» وأن «المنتخبين يستمدون سلطتهم من سلطة الشعب، بينما الوالي يستمدها من سلطة التعيين، وسلطة الشعب أقوى من سلطة التعيين» وذلك ردا على الدفاع الذي اعتبر أن التفويت تم بتوصية من السلطة الوصية، ليخلص ممثل الحق العام في إحدى الجلسات إلى أن "القضية فيها إنّ.." المحكمة وفي جلسة الخميس الماضي، وبعد مداولة إمتدت لأربع ساعات ونصف، قضت حضوريا في حق المتهم الرئيسي عبد اللطيف أبدوح بخمس سنوات نافذة وغرامة 50 ألف درهم بتهمة تبديد أموال عامة وتلقي رشوة، مع مصادرة الدولة الشقق الستة التي استفاد منها رشوة في واقعة تجزئة سينكو مع الصائر في حده الادنى، وأدانت أيضا سبعة مستشارين جماعيين متابعين في نفس الملف ب3 سنوات حبسا نافذة لكل منهم و40 ألف درهم غرامة، وبسنتين سجنا نافذا في حق المقاول عبد الغني المتسلي بسنتين حبسا نافذة وغرامة 30 الف درهم، وبرأت المهدي الزبيري حضوريا وأحمد البردعي غيابيا مما نسب إليهما. القيادي الاستقلالي عبد القادر الكيحل حضر أطوار العديد من جلسات محاكمة زميله في الحزب أبدوح، أكد في وقت سابق انه سيسلك جميع الأشكال النضالية دعما للاستقلالي عبداللطيف أبدوح ومن معه، معتبرا الملف "إساءة كبيرة للعمل السياسي وللمنتخبين"، واصفا إياه ب"الفارغ" على جميع المستويات... الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة مراكش في تصريح إعلامي، أعرب عن أمله في أن يكون الحكم بداية لخطوات متوالية من أجل محاكمة ناهبي المال العام في اتجاه القطع مع الفساد وإرساء دولة الحق والقانون، مؤكدا أن العدالة انتصرت في النهاية رغم الضغوطات التي عرفها الملف بحكم طبيعة الأشخاص المتابعين فيه.