بفضاء "المرابو" خلف قاعة العروض،الكنيسة قديما، حيث تتواجد أعمدة حديدية يعود تاريخها إلى فترة الاستعمار، متآكلة الأطراف تتوزع عموديا وأفقيا بشكل يكاد يغري بعض شباب مدينة اليوسفية المنحدرين من الطبقة الشعبية والذين استهوتهم رياضة "الستريت وورك أوت" بحركاتها الرشيقة التي وجدوا فيها متنفسا من الضغوط المجتمعية والوعود البنيوية بتوفير أماكن وفضاءات تستوعب طاقات تحتضنها مدينة طالما أنجبت أبطالا في شتى المجالات. رياضة "الستريت وورك أوت" ظهرت سنة 1960 بدول أوروبا الشرقية، ثم عرفت بعد ذلك انتشارا كبيرا بعد وصولها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية مستفيدة من الثورة الإعلامية وتعميم التواصل عبر الشبكة العنكبوتية، الشيء الذي استثمره شباب اليوسفية توظيفا رياضيا للنأي بأنفسهم عن مظاهر الانحراف الأخلاقي والخواء الروحي في ظل انسداد الآفاق التنموية بالمدينة، يقول أحد ممارسي هذه الرياضة "بإمكاننا التألق في هذا النوع الرياضي وإعطاء إشعاع خاص لمدينتنا ونحن المدركون لإمكانياتنا في هذا النمط الرياضي، بالرغم من التهميش والنظرة الدونية التي نستشعرها كلما مرّ بنا مسؤول بالمدينة...لكن طموحنا أكبر مما يظنون وهوايتنا أشرف مما ينعتون، فيكفي أننا نمارس رياضة تشغل وقتنا وتجنب المجتمع آفات وانحرافات قد نكون نحن جزءا منها". فيما فضل صديقه الحديث عن غياب صيانة الأعمدة التي يرتكز عليها أصدقاؤه للقيام بحركاتهم الجسمانية، متهما الجهات المختصة بتبخيس رياضتهم التي يزاولونها اضطرارا وليس اختيارا لينأوا بأنفسهم عن التحكم والإملاءات "نفضل أن نمارس الرياضة بعيدا عن رقابة الأسرة وتحكم المدرسة، ومسؤولو المدينة في صالحهم صيانة الأعمدة كما في صالحنا".
هاوٍ آخر حوّر الحديث إلى الشق السياسي باعتبار أن مدينة اليوسفية تتخلف عن نظيراتها في شتى المجالات بالرغم من مكانتها الاقتصادية والإنتاجية وهذا ناتج، بحسبه، عن سوء تدبير خيراتها وانتهازية مسؤوليها. وضرب الشاب اليوسفي مثل الجارة بن كرير التي تشق طريقها بثبات نحو الرقي والنماء عكس اليوسفية التي لا تبرح مكانها وهي القادرة على توفير قاعات رياضية كبرى لشبابها. وإن كان المسؤولون يتحجّجون بكون رياضة "الباركور" تشكل خطورة للممارسين وتهدد حياتهم، فهاهي رياضتنا تخلو من هذه المخاطر وبالتالي تؤكد على سوء نية المدعين.