يعرف الحقل الاعلامي المغربي حركية ودينامية حية متجددة وساخنة، إن على المستوى السياسي او الترفيهي او الحقوقي او ما يسمى بالثقافي، وازداد مناخ هذا الحقل حرارة بعد ما سمي بالربيع العربي الدمقراطي، حيث نشطة الاقلام والافهام، وانعكست هذه الحركية على الشاشات حوارات لقاءات موائد وندوات مسلسلات وربرطاجات، منها الغث ومنها السمين، منها النافع ومنها الضار، منها ما يملأ الفراغ ومنها ما يكرس الفراغ، و منها ما يحاول معالجة الضرر ومنها ما يصنعه. ولأن من حق المشاهد وهو المستهدف ان ينقد وينتقد ويسأل ويتساءل بل ويقرأ ( ماورائيات ) ما يعرض عليه، فإنه من حقي بل من واجبي كعدد من المشاهدين ان اتسأل عن ما يسمى ببرنامج ( قصة الناس ) الذي تطلي به قناة ميدي آن تفي، سماءنا كل يوم، بل ومن حقي ان اقرأ ان لم أشكك في الدوافع والخلفيات الفكرية لمعدي ومخرجي هذا البرنامج قصدا وهدفا. ومن هنا يحق لنا ان نتسائل عن هذه القصص الفاضحة التي تنشر الغسيل وتفضح المستور،عدة اسئلة ،نرجو ان يعيها المعدون المبرمجون ويمتنع عنها القاصون. · ماذا يفيد المشاهدَ قصةُ شابة شاردة متمردة وقعت في شباك الرذيلة حتى اصبحت أما ( عازبة ) مغررا بها تساهم في تعداد نسمات المغاربة بطفل لقيط حرام.؟ · ماذا يفيد المشاهدَ قصةُ شاب يَشهد على نفسه امام الناس ويُشهدهم عليه انه حقق البطولة في التسكع والمروق وقطع الطريق.؟ · ماذا يفيد المشاهدَ قصةُ رجل اصبح له باع في تناول الخمور وبيع المخدرات ورءاسة العصابات ونهاية بغياهب السجون؟ · ماذا يفيد المشاهدَ قصةُ فتاة تكشف فضيحتها وتنشر غسيلها وهي تحكي علاقتها المشبوهة المحرمة مع شاب وقح خليع تحت عنوان الصداقة والزمالة في الدراسة، ثم تنال منه وينال منها فاذا بها ترميه بالاغتصاب.؟ · ماذا يفيد المشاهد قصة امرأ انجبت طفلا او طفلين او ثلاثا، ومشكلتها فقط فقط فقط تسجيل الابناء بدفتر الحالة المدنية، لإضفاء الشرعية على هؤلاء الابناء وكأنها بتسجيلهم في هذا الدفتر حلت مشكلتها في قانون الله وقانون الحياء والاخلاق، وشطب عليهم من دفتر ابناء الزنا في نظر الدين.؟ · لمذا لم تعرضوا قصص الكبراء الذين وقعوا في جميع أنواع الفساد وأوقعوها بالضعفاء.؟ وهم رؤوس البلايا والرزايا؟ · لمذا الاقتصار على البسطاء والضحايا والمعذبين؟ ام انكم تتفننون في نكء الجراح وإحياء الاقراح؟ ان عرض هذه القصص وما شابهها يخلو من الفائدة والمعنى في نظر العقلاء والمفكرين ورجال التربية ورجال الدين والشرفاء والغيورين. انه ان دل هذا على إرادة فإنما هي ارادة مشبوهة يريد اصحابها التطبيع مع الفاحشة وجعلها قصصا جذابة يزينها بلاطو / مشهد العرض صوتا وصورة والوانا واضواءا، ويضفي عليها الجمهور والطبيب والمذيعة نفحة ولفحة من التشجيع والاغراء، حتى يصبح الحاكي القاص كأنه بطل، غسل وجهه من الحياء بماء الوقاحة الأجاج. ان البرامج الناجحة او الواعية او ذات الارادة والنية البريئة الحسنة،هي التي تبحث عن القُصاص المخترعين، والمبدعين في مجال التكنولوجيا والطب والبيئة والمغامرين في شق الامواج واقتحام الجبال والفجاج، أو الذين حققوا نجاحا بعد اخفاق وعُراج. اما ان يخصص برنامج لفضح المستور وكشف العورات واظهار المعرات فهذه لوثة تدنس الشاشة مهما حاول المخرج ان يطليها بالبريق ! حتى وان كانت بعض القصص لا تخلوا من فائدة واعتبار. ان ديننا علمنا ان تنشر الفضيلة وان نكتم الرذيلة، وحذرنا من ان نشيع الفاحشة حكاية او قصة او إعلاما او تشريعا او حماية وتوعد المجاهرين والمشيعين بالعذاب