ترى أوساط دبلوماسية بريطانية أن زيارة العمل التي قام بها وفد برلماني مغربي برئاسة السيد رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب هذا الأسبوع لبريطانيا لم تمكن فقط من تعزيز الحوار بين المؤسستين التشريعيتين في البلدين بل ساعدت أيضا على إعطاء دينامية جديدة للعلاقات الثنائية . وقد شكلت هذه الزيارة ، التي استمرت من 26 إلى 30 يناير الجاري بدعوة من رئيسي غرفتي البرلمان البريطاني ، مناسبة لأعضاء الوفد المغربي للقاء نظرائهم البريطانيين وتبادل وجهات النظر حول القضايا الكبرى الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك وحول آفاق التعاون الثنائي . وإلى جانب السيد الطالبي العلمي، ضم الوفد البرلماني المغربي السادة عبد الله بوانو رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب ، وميلودة حازب رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب ، وإدريس لشكر رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب ، ومحمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، وعبد الحميد السعداوي رئيس الفريق الحركي بمجلس المستشارين . ومكنت اللقاءات التي عقدها المنتخبون المغاربة مع المسؤولين البريطانيين وأعضاء مجلسي العموم واللوردات من استعراض الإصلاحات السياسية والدستورية التي انخرط فيها المغرب خلال السنوات الأخيرة . كما شكلت مناسبة لأعضاء الوفد المغربي لإبراز المؤهلات التي يتوفر عليها المغرب والإستقرار السياسي الذي ينعم به فضلا عن التقدم الذي حققته المملكة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية وتكريس دولة الحق والقانون . وقدم الوفد أيضا لمحة عن السياسة الجديدة للمغرب في مجال الهجرة والتي تقوم على " مقاربة إنسانية شاملة ومسؤولة " ، مع احترام حقوق المهاجرين والإلتزامات الدولية للمملكة . ووصف عدد من البرلمانيين البريطانيين من مختلف التيارات المغرب ب " الشريك الإستراتيجي والرئيسي " للمملكة المتحدة في منطقة شمال إفريقيا ، مشيدين بالجهود المعتبرة المبذولة من طرف المغرب في مجال محاربة الإرهاب والإتجار في المخدرات والهجرة غير الشرعية . وأبدى النواب البريطانيون ، من جهة أخرى، اهتمامهم بتجربة المغرب في مجال تكوين الأئمة طبقا لمبادئ المذهب المالكي الذي يدعو إلى الاعتدال والوسطية . وأشاروا إلى أن نجاح هذه التجربة دفع مجموعة من البلدان العربية والإفريقية إلى إبداء رغبتها في استلهام النموذج المغربي للتصدي للأفكار المتطرفة والظلامية التي تهدد السلم الإقليمي والدولي . وبحسب أعضاء الوفد المغربي فإن اللقاءات المغربية البريطانية لقيت "ارتياحا كبيرا " من الجانبين بالنظر إلى العلاقات الثنائية الوثيقة والتاريخية القائمة بين البلدين ، مع الإستعداد للإرتقاء بهذه العلاقات وتوسيعها لتشمل مختلف المجالات . وأجمع البرلمانيون المغاربة والبريطانيون على أهمية الحوار والتشاور والتواصل بين المؤسستين التشريعيتين في البلدين ، اللذين تجمعهما علاقات متجذرة في التاريخ وغنية بالتبادل المثمر . وهذه العلاقات العريقة والمطبوعة بالإحترام المتبادل والتفاهم لم تفتأ تتطور على مر السنين لتبلغ أوجها في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحبة الجلالة الملكة إليزابيث الثانية . وفضلا عن اللقاءات مع نواب من حزبي المحافظين والعمال وأعضاء من مجلس اللوردات ، فقد قام الوفد المغربي بزيارة لتراوبريدج وباث (غرب إنجلترا) حيث التقى بمنتخبين ومسؤولين محليين ، وأفراد من الجالية المغربية . وكان لزيارة الوفد المغربي إلى البرلمان البريطاني أحد المواقع الأثرية الأكثر عراقة في العالم ، صدى طيبا لدى العديد من النواب البريطانيين الذين ثمنوا المبادرة ، معربين عن الأمل في تكرار مثل هذه الزيارة التي ساهمت في تعزيز الحوار بين برلمانيي البلدين .