لسنوات طويلة، حاولت القناة الثانية (دوزيم) إيهام متابعيها السذج بأنها الوحيدة القادرة على لمّ شمل ما فرقته الحياة بشعار عريض: (دوزيم تجمعنا). لكن الرد جاء وافيا من أحداث عريضة ألحقت الأولين بالآخرين، ورمت الكل في سلة واحدة دون أدنى تمييز. ففي يونيو 2014، غادرنا الدكتور "المهدي المنجرة"، وفي قلبه شيء من الفضول اتجاه ما ستؤول إليه الأوضاع بالعالمين العربي والإسلامي عقب أحداث تترى، وهو المنظر لأفكار مستقبلية تلمّسنا بعضها في واقعنا المعيش. وفي مطلع دجنبر من نفس السنة، التحق المهندس "عبد الله باها" بالرفيق الأعلى، وهو السياسي الذي طالما تحدثت عنه وسائل الإعلام باعتباره الذراع اليمنى لرئيس الحكومة المغربية، وحلقة وصل بين الساسة المغاربة معارضة وأغلبية. وقبل شهر من هذا الحدث الجسيم، استفاق الناس على وقع فاجعة "وادي الشراط" التي كان ضحيتها الأستاذ "أحمد الزايدي"، القائد الاتحادي البارز في عالم السياسة والإعلام، ليخلّف وراءه جسدا هامدا ما زال يرقد في غرفة العناية المركزة. وقبل أن تنطفئ شمعة هذه السنة، غلب المرض الراحل "محمد بسطاوي"، وهو الوجه المألوف الذي طالما افتخرت به السينيما المغربية، في عصر الرداءة الفنية، و"التبرهيش" التمثيلي الذي ينتجه تجار الدعم العمومي وحب الظهور في الشاشات مهما كانت الظروف. وإذا كان الموت كالحياة –حسب الفيلسوف الألماني "هيدغر"- لا يمكن فهمه من خلال غيرنا سواء أكان قريبا أم بعيدا، فإن الشخصيات التي انتقاها الموت سنة 2014، كانت عنوانا بارزا في التحدي والكفاح، وعنوانا للأمل العريض على هذه الأرض. ليكون الشعار –القديم الجديد- الذي حملته هذه السنة: (الموت يجمعنا). فالناس خُلقوا ليموتوا، بدءا بأبيهم (آدم عليه السلام) ومرورا بالأنبياء والرسل وكبار المفكرين والعلماء، وانتهاء بالمتسولين والشحاذين الذين ترمقهم النظرات وتحتقرهم ألسنة العامة والخاصة أول النهار وآخره. هو الموت الذي يلم شمل الجميع دون سابق إنذار، في الطريق نحو مناشدة العدالة التي نشدها من كان قبلنا، وكأن الشاعر العربي (طرفة بن العبد) قد فطن لهذا الأمر رغم جاهلية زمانه فأنشد في معلقته قائلا: (أرى الموت يعتامُ الكرام ويصطفي...عقيلة مال الفاحش المتشدّد).