«سير ت(…) كال ليك ضابط شرطة»! انطلق منفعلا يتخلص من «التيشورت» الأسود، وزاد ترنحه وسروال الدجين يعلق برجليه والكيلوط بقدميه! نجح في المهمة أخيرا وصار كما ولدته أمه! ثم تفرغ والغضب يتطاير من كل أطرافه، للإمساك بذكره وقذف ضابط الشرطة به مرفوقا بكل ما في جعبة معجمه النابي والعنيف! قبل التعري في كراج علال: - آرى لاكارط - شكون انت حتى نعطيك لاكارط؟! - ضابط شرطة وإلا كنتي ضابط شرطة.. ما عاطيكش لاكارط! انتفضت امرأة كانت تحرس فراشة «الجناوا» والسكاكين من كل الأحجام الممكنة وباقي عدة العيد الكبير، وصرخت في وجه الرجل البدين «غير اللي ناض يخرج عينو فينا.. ضابط شرطة.. بزعطا إلا كنتي ضابط شرطة»! و«شمرت» عن ساعديها ثم «شنقت عليه» والرجل غير مصدق لما يتعرض له. خلصت الشاب من قبضة الضابط وهي تردد لازمة الحصانة «عاش آالملك.. عاش آمحمد السادس». ذعر المسكين واستعان بأقرب المتجمهرين «ياك شاهدين.. أنا دخلت غير خيط بيناتهم»! البداية. قال السني بلحيته المتلية «احترمني مين تهدر معايا.. احترمني الله يخليك». رد عليه الآخر منفعلا «علاش غادي نحترمك؟! شكون تكون؟!». علق على الرد «احترمني.. حيت أنا ماشي بحالك»! «ما محترمكش.. وسير (…) كاع»! وما تشوف عينك غير الضباب. تشابكا وانطلقا «ضرب فيا نضرب فيك»! كانت الغلبة للشاب طويل القامة، ساعدته «فوقية» غريمه السني التي عاقته فتحكم فيه وأشبعه لكما. تدخل ذو التيشورت الأسود شاهرا «جنويا» كبير الحجم استعاره من فراشة امرأة، وشرع في توجيه الضربات إلى ساق غريمه كأنه يسعى إلى اختبار فعاليته ميدانيا! «تيعرف آش تيدير»، علقت امرأة شابة على الفعل. هدفه أن يخلص حليفه من قبضة عدوه. تعددت الأطراف المتواجهة، وتناثرت السلع المبسوطة على «الفراشات» والمنصات الخشبية. سادت المكان فوضى عارمة، خاصة وأن أسلحة الاقتتال متوفرة -والحمد لله- في كراج علال بعد أن نزلت إلى السوق العشوائي سلعة العيد الكبير، وانتشرت على الرصيف. مشاهد من ساحة المعركة. استمرت المعركة في زنقة إبيتز ، واختلفت الروايات وتضاربت حول شرارة انطلاقتها الأولى. تطوع مواطن صالح وتوجه إلى ضابط الشرطة منبها «ها القايد وصل». قصد الضابط القايد المرفوق بعنصر من القوات المساعدة، تحدث إليه هامسا. لاح في الجهة الأخرى من الشارع عنصران من الصقور أوقفا دراجتيهما. التحق بهما القايد والضابط ودار حديث حول النازلة والموقف الذي ينبغي اتخاذه. استفسرت امرأة عجوز يظهر من لهجتها أنها برانية عن الدارالبيضاء، شابا تابع ما دار بين ممثلي السلطة، فقال «كالو ليهم فرقوهم ويرجع النقا للبلاصا»! فعلقت «آش من نقا والراجل سني ياحسرا وهاز جنوي.. ولا خر بشلاغمو وتعرى زبط على الناس؟!». اطمأن السني كما قالت المرأة، على حجم الإصابة جهة عينه اليمنى. استعان بمنديل كلينيكس لتخليص الجرح من الدم النازف، وانطلقت أصابع يده في تقدير حجم الخسائر. بينما انشغل شاب في جمع شظايا «طباسل البديع»، وهو يردد «حكرتو على الحايط القصير.. أنا الحايط القصير»! ارتفع عدد الصقور في الساحة التي كانت في تاريخ غابر محطة كراج علال. انضافوا إلى الضابط والقائد، وتحلقوا حول الشاب الذي ارتدى ملابسه وأشعل سيجارة استرجاع هدوئه وهو ستند إلى جدار مركز الأمن. إشارة حتى تكتمل الحكاية. مر بالتصادف قبالة محطة كراج علال. يظهر من كلامه أنه رجل أمن. استعطفه أحدهم قائلا «الله يرحم ليك الوالدين العواشر هادي». قصد الكشف عن اللوحة المعدنية التي تجسدت فيها النجمة النحاسية المحاطة باللونين الأحمر والأخضر وهو يخرجها من جيب سرواله الرياضي، ثم رد على الاستعطاف «غير يبردو ويهداو.. أنا غادي ندخل غير خيط بيض بيناتهم»! خلاصة لابد منها. حضرت جميع أطراف السلطات الأمنية، وكان الهدف واحدا. تهدئة الأجواء المتوترة وامتصاص غضب الفراشة المتناحرين بشتى أنواع السكاكين، وانطبقت على تدخل تلك السلطات عبارة «الخيط البيض» التي استعملها الضابط، ولا يهم أنه «طلع» في الأخير «دركي» بلباس يليق بجولة تفقدية للسوق زوال الأحد الماضي.