انطلقت اليوم الثلاثاء بتازة ندوة دولية حول موضوع "العمالة المغاربية والعمل الوطني والسياسي خلال الحربين العالميتين". وتهدف هذه الندوة، التي ينظمها مختبر البحث في العلاقات الثقافية المغربية - المتوسطية، على مدى يومين، بشراكة مع رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله ومجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى مناقشة جل القضايا المتعلقة بموضوع الهجرة المغاربية إلى أوروبا خلال الحربين العالميتين والوضعية القانونية للطبقة العمالية خلال هذه الفترة وتطوراتها السياسية وإسهاماتها الكبيرة في العمل الوطني من أجل نيل الاستقلال . ووفق ورقة تقديمية لهذه الندوة، فإن الهجرة إلى أوروبا تعتبر من القضايا التاريخية المعاصرة التي تستحق أبحاثا خاصة ونقاشا مستفيضا يسعى إلى بلورة أوضاع العمال المغاربيين خلال المرحلة الاستعمارية بدول أوروبا الغربية، إذ هناك ما ارتبط منها بالشق الإرادي وبالتطوع وهناك ما تعلق منها بالشق الإجباري، خصوصا خلال الحربين الكونيتين، التي تحولت بموجبهما دول الضفة الجنوبية لحوض البحر المتوسط إلى خزان لا ينفذ من الرجال والموارد الضرورية والكفيلة بسد حاجيات الصناعة الحربية، التي كانت فرنسا وحلفاؤها في حاجة ماسة إليها خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. وأضافت الورقة أنه من هذا المنطلق، أصبحت هجرة العمالة المغاربية وواقعها يرتبطان أساسا باعتبارات سياسية وعسكرية واقتصادية كانت تقتضيها السياسة الاستعمارية الفرنسية والنظام الاقتصادي العالمي . وفي هذا السياق، أكد مدير مختبر البحث في العلاقات الثقافية المغربية - المتوسطية لحسن أوري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الندوة، التي تنظم بدعم من جهة تازة - الحسيمة - تاونات والمعهد الوطني للبحث العلمي ومؤسسة أرشيف المغرب والمديرية الجهوية للثقافة بتازة، تأتي في إطار تكثيف البحث في تاريخ العمالة المغاربية بالخارج، التي تعتبر قضية تاريخية بامتياز تطرح مجموعة من الإشكاليات وتفتح آفاق البحث الجديد في تاريخ هذه العمالة، مشيرا إلى أن ذلك سيكون إضافة نوعية في البحث الأكاديمي والعلمي الجاد، الذي يتوخى منه فتح آفاق مهمة للباحثين الواعدين في مجال إنجاز أبحاث أكاديمية وعلمية جادة. وأضاف السيد أوري أن البحث في تاريخ العمالة المغاربية يصطدم بقلة المادة المرجعية والوثائق، مما جعل أحد أهداف هذه الندوة هو تسليط الضوء على هذه الفئة ووضع أرضية علمية تفتح آفاق البحث التاريخي والعلمي للباحثين الواعدين في فترة معينة من التاريخ المغاربي عموما والمغربي على الخصوص. من جهته، أبرز الأستاذ والباحث الجامعي ميمون أزيزا، في تصريح مماثل، أن موضوع تاريخ العمالة المغاربية بالخارج الذي تناقشه هذه الندوة يشكل موضوعا أساسيا بالنسبة للتاريخ المعاصر بالبلدان المغاربية، لكونه يتناول الجانب الأساسي من التاريخ الاجتماعي بها، مشيرا إلى أن طرح هذا الموضوع في هذه الظرفية من تاريخ المغرب وما يعرفه من تحولات يكتسي أهمية قصوى، خاصة وأن المغرب انتقل من بلد يصدر الهجرة إلى أوروبا إلى بلد استقبال وعبور وأحيانا إلى بلد استقرار المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء . وأشار السيد أزيزا إلى أن طرح موضوع الهجرة في هذه الندوة سيفيد كثيرا جانب التأصيل التاريخي لهذه الظاهرة وتصحيح بعض الأفكار النمطية حول تاريخ الهجرة الى أوروبا، مبرزا أن هذه الندوة ستركز أساسا على أسباب وانعكاسات وتطورات الهجرة في البلدان المغاربية على كافة المستويات ومقاربة آثارها على مستوى الإبداع الأدبي، نظرا لأن الهجرة مرتبطة كذلك بشعور الناس وإحساساتهم وعيشهم في بلدان المهجر. ويتوخى المنظمون من هذه الندوة، التي يشارك فيها أساتذة مغاربة وأجانب، مناقشة جل القضايا المتعلقة بموضوع الهجرة، وذلك من خلال مقاربة محوريين أساسيين هما " الوضعية القانونية للعمال المغاربيين بالخارج خلال فترة الحربين العالميتين " و" التطورات السياسية للطبقة العمالية المغاربية وإسهامها في العمل الوطني". وسيتم بسط هذين المحورين من خلال تناول عدد من المواضيع لها صلة ب " ظروف الهجرة والتهجير للعمالة المغاربية إلى أوروبا " و" الآليات الاستعمارية لخدمة مصالحها بالداخل والخارج" و " العمالة المغاربية بالخارج وانخراطها في العمل النقابي إبان الفترة الاستعمارية " و" خصوصية دور العمالة المغاربية في إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية" و" التنظيمات العمالية المغاربية والدفاع عن حقوقها بفرنسا وإيطاليا وإسبانيا " .