شهدت عمالة إقليمالناظور مساء الخميس 6 نوفمبر 2014 مراسيم الإنصات إلى الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى الشعب المغربي تخليدا للذكرى التاسعة والثلاثون لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة ، حيث ترأسه السيد الحاج مصطفى العطار عامل إقليمالناظور إلى جانب السلطات الأمنية والمدنية والقضائية والعسكرية ورئيسي المجلسين العلمي والإقليمي والمنتخبين والبرلمانيين ورؤساء المصالح الخارجية ، وحضره كذلك مجموعة من ممثلي الهيئات السياسية والنقابية والفعاليات الجمعوية والإعلامية وعدد غفير من المواطنين.
وباهتمام كبير تابع الجميع نص الخطاب الملكي السامي الذي وضع فيه جلالة الملك النقط على الحروف بشأن قضية وحدتنا الترابية ، وأرسل جلالته رسالة واضحة بمضمون واضح وبلهجة شديدة للجزائر محملا لها مسؤولية النزاع على الصحراء المغربية ، حيث أكد حفظه الله أنه " دون تحميل المسؤولية للجزائر، الطرف الرئيسي في هذا النزاع ، لن يكون هناك حل ، وبدون منظور مسؤول للواقع الأمني المتوتر بالمنطقة ، لن يكون هناك استقرار ". جلالة الملك كان واضحا وسمى الجزائر في خطابه لأول مرة ووصفها بأنها شريك في هذا النزاع... " هذه الحقيقة التي كلما قالها المغاربة - يضيف جلالته في نص خطابه-، يتم اتهام الحكومة والأحزاب والصحافة المغربية، بمهاجمة الجزائر.
وجدد جلالته التشبث بقضية الوحدة الوطنية وأن الصحراء المغربية غير قابلة للقسمة أو المساومة، موضحا نصره الله "مخطئ أيضا من يحاول مقارنة الصحراء بتيمور الشرقية أو ببعض النزاعات الترابية بأوروبا الشرقية. لأن لكل قضية خصوصياتها. فارتباط سكان الصحراء بالمغرب، ليس وليد اليوم بل تمتد جذوره في أعماق التاريخ"
وأوضح جلالة الملك في خطابه السامي أنه إذا كان المغرب ليس لديه لا بترول ولا غاز، بينما الطرف الآخر لديه ورقة خضراء، يعتقد أنها تفتح له الطريق ضد الحق والمشروعية، فإن لدينا مبادئنا، وعدالة قضيتنا. بل لدينا أكثر من ذلك : حب المغاربة وتشبثهم بوطنهم." وبلغة تعكس نبض المغاربة جاء خطاب جلالة الملك واضحا بشأن الصحراء "التي ستبقى في المغرب كما أن المغرب سيبقى في الصحراء". وجلالة الملك بهذه النبرة رد الأمور إلى نصابها لقطع الطريق عن كل من يعتقد أنه بالدولار والغاز سيتم بتر تراب المغرب. وفي هذا الصدد قال جلالة الملك : "لقد مرت أربعون سنة من التضحيات، من أجل استرجاع الأرض، وتحرير الإنسان، وتكريم المواطن المغربي بالصحراء، وكسب قلبه، وتعزيز ارتباطه بوطنه .وإننا لنستحضر، بكل تقدير، جميع الذين قدموا حياتهم، في سبيل الدفاع عن الصحراء. فهناك أمهات وآباء من جميع أنحاء الوطن، فقدوا أبناءهم في الصحراء".
وهذه الفقرة في حد ذاتها رد اعتبار وعرفان بكل من أفدى روحه في سبيل الوحدة الترابية،بدليل ما أكده جلالة الملك في خطابه:" وهناك أرامل تحملن أعباء الحياة وحدهن، وأيتام لم يعرفوا حنان الأب، من أجل الصحراء. وهناك شباب فقدوا حريتهم، وعاشوا أسرى لسنوات طويلة، في سبيل الصحراء. فالصحراء ليست قضية الصحراويين وحدهم. الصحراء قضية كل المغاربة. وكما قلت في خطاب سابق : الصحراء قضية وجود وليست مسألة حدود. والمغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها."
جلالة الملك لم يكتف برد الاعتبار للشهداء بل وحيا كل مغربي ساهم في الجهد المادي الذي تطلبته عملية تنمية الأقاليم الجنوبية وقدم أرقاما دامغة عن هذا الجهد حينما قال جلالته :" وإضافة إلى التضحية بأرواحهم، فقد قدم جميع المغاربة أشكالا أخرى من التضحيات، المادية والمعنوية، من أجل تنمية الأقاليم الجنوبية، وتقاسموا خيراتهم مع إخوانهم في الجنوب. فالكل يعرف الوضع الذي كانت عليه الصحراء، قبل 1975. ولمن لا يعرف الحقيقة، أو يريد تجاهلها، أقدم بعض المعطيات :
فمنذ استرجاعها، مقابل كل درهم من مداخيل المنطقة، يستثمر المغرب في صحرائه 7 دراهم، في إطار التضامن بين الجهات وبين أبناء الوطن الواحد.
كما أن مؤشرات التنمية البشرية بالمنطقة ، سنة 1975، كانت أقل ب6 بالمائة من جهات شمال المغرب، وب51 بالمائة مقارنة بإسبانيا.
أما اليوم، فهذه المؤشرات بالأقاليم الجنوبية، تفوق بكثير المعدل الوطني لباقي جهات المملكة. لهذا أقول، وبكل مسؤولية، كفى من الترويج المغلوط لاستغلال المغرب لثروات المنطقة. فمن المعروف أن ما تنتجه الصحراء، لا يكفي حتى لسد الحاجيات الأساسية لسكانها. وأقولها بكل صراحة : المغاربة تحملوا تكاليف تنمية الأقاليم الجنوبية. لقد أعطوا من جيوبهم، ومن رزق أولادهم، ليعيش إخوانهم في الجنوب، في ظل الكرامة الإنسانية. كما أن الكل يعرف أن المغرب حريص على استفادة سكان المنطقة من ثرواتها، في ظل تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية."
ووجه جلالة الملك محمد السادس نصره الله دعوة لفتح حوار وطني صريح لمناقشة الأفكار والتصورات المختلفة ،بكل مسؤولية والتزام ، لبلورة إجابات للقضايا والانشغالات التي تهم ساكنة أقاليمنا الصحراوية.
ووضع جلالته لهذا الحوار أسسا وضوابط أهمها الالتزام بمنهجية علمية تستند على صرامة البحث الأكاديمي في مكونات الهوية لترسيخ الوحدة من جهة ، والاعتماد على النقاش العلمي الرصين الذي يبتعد عن التعصب والتفرقة ويسعى إلى التوفيق والتوافق من جهة ثانية. وأكد جلالة الملك على ضرورة إنصاف كل أبناء الصحراء ، وبالأخص الأغلبية الصامتة التي تؤمن بوحدة الوطن ، وحملها جلالته مسؤولية تاريخية في الإسهام في عملية إعادة النظر جذريا في نمط الحكامة بالأقاليم الجنوبية .