عندما تم سحب قرعة التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وإفريقيا 2010، لم يكن أكبر المتشائمين يتوقع أن يتذيل المنتخب المغربي ترتيب المجموعة الأولى دون تحقيق أي انتصار، وكان الجميع يمني النفس بتحقيق التأهل إلى نهائيات مونديال 2010 التي ستقام الصيف المقبل بجنوب إفريقيا، أو في أسوأ الأحوال ضمان بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا المقرر إقامتها بأنغولا شهر يناير المقبل. حضور المغرب في نهائيات كأس إفريقيا للأمم يعتبر أمرا عاديا ولا نقاش فيه بالنسبة إلى المتتبعين، وخروجه من دور المجموعات كان دوما يعتبر مفاجأة على اعتبار أن المنتخب غالبا ما يكون مرشحا للعب أدوار جد متقدمة في هذه المنافسات. الهزيمة المذلة التي حققها "الأسود" في المباراة الأخيرة بالغابون أكدت بالملموس أن المنتخب يعيش حالة من الانشقاق وجملة من الصراعات الداخلية، فبوصوفة رفض الامتثال للمدرب حسن مومن الذي طلب منه القيام بحركات تسخينية تمهيدا لإقحامه في الشوط الثاني، ويوسف حجي لم يستسغ الجلوس على كراسي البدلاء عندما علم أنه لن يكون لاعبا أساسيا، فيما ذهب المدافع جمال عليوي أبعد من ذلك وأكد أن اختيارات المدرب تحكمها أشياء أخرى بعيدة كل البعد عن الجانب التقني، وأشار إلى أن المشرفين على الفريق يقومون ب"البيزنيس" ويغلبون ذلك على مصلحة المنتخب. قد يجد المسؤولون الجامعيون الحاليون أعذارا جاهزة يقدمونها إلى الشعب المغربي المتعطش لرؤية فريقه الوطني حاضرا في المونديال، على اعتبار أنهم ورثوا مشاكل عديدة عن الجامعة السابقة التي كان يترأسها حسني بنسليمان والتي كانت وراء تعيين الفرنسي روجي لومير مدربا ومشرفا عاما على المنتخبات الوطنية. لكن النتيجة في نهاية المطاف هي غياب المغرب للمرة الثالثة على التوالي عن نهائيات كأس العالم، إذ تعود آخر مشاركة إلى دورة 1998 بفرنسا. لقد اختلفت طرق إخفاق المنتخب في تحقيق حلم التأهل إلى المونديال، ففي الإقصائيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2002 التي احتضنتها اليابان وكوريا الجنوبية، كان المنتخب المغربي مطالبا بالعودة بنتيجة التعادل على الأقل من دكار عندما واجه السنغال برسم آخر جولة، وهو ما لم يتأتى بعد فوز أصحاب الأرض بهدف لصفر. وفي الإقصائيات المؤهلة إلى مونديال 2006 بألمانيا لم ينجح الفريق الوطني في حجز مكان له في النهائيات بعد تعادله في آخر مبارياته بتونس، بعد أن كان جد قريب من العودة بالفوز الذي كان سيجعله متصدرا لمجموعته. يبدو الفرق واضحا بين 2002 و2006 وما يعيشه فريقنا الوطني في الإقصائيات المؤدية إلى كأسي العالم وإفريقيا 2010. فعلى بعد جولة واحدة فقط، يحتل المغرب المركز الرابع والأخير في مجموعته برصيد 3 نقط بعد تعادله في ثلاث مناسبات وانهزامه ذهابا وإيابا أمام الغابون الذي كان المغرب في الأمس القريب يهزمه بحصص عريضة. لقد بات المنتخب المغربي مهددا بشدة بالغياب عن كأس الأمم الإفريقية التي ستحتضنها أنغولا مطلع 2010، إذ أصبح مطالبا بالفوز على الكامرون وانتظار تعادل أو انهزام الطوغو أمام الغابون بلومي وهو ما يبدو بعيد المنال بالنظر إلى المستوى الهزيل الذي أبان عنه الفريق في مبارياته السابقة. آخر غياب للمنتخب المغربي عن نهائيات كأس أمم إفريقيا يعود إلى 1996 عندما فشل الفريق في حجز مقعد له في جنوب إفريقيا التي فازت بالكأس بعد تفوقها في المباراة النهائية على تونس بهدفين لصفر. و استطاع عامين بعد ذلك بقيادة الفرنسي هنري مشيل بلوغ مرحلة الربع في دورة 98 التي نظمتها بوركينا فاصو، فيما خرج في 2000 و2002 من دور المجموعات، ليتمكن في 2004 رفقة بادو الزاكي من بلوغ النهاية التي خسرها أمام البلد المنظم تونس، ثم فشل في دورتي 2006 بمصر و 2008 بغانا في تجاوز عتبة دور المجموعات مرة أخرى. لم يتعود الشعب المغربي على متابعة مباريات كأس إفريقيا دون أن يكون المغرب طرفا فيها، ويبدو أن حظوظ الفريق في الذهاب إلى أنغولا باتت جد ضئيلة بالنظر إلى الحسابات الضيقة التي يعشق "الأسود" الدخول فيها في كل مشاركة، إذ أصبحت بعض العبارات من قبيل "خاصنا نربحو بجوج لزيرو ونتسناو هادي تخسر مع هاديك بثلاثة لزيرو إذا بغينا ندوزو" جد مألوفة لدى المتتبع المغربي. يجب على الجامعة الحالية أن تقوم بالاشتغال على المدى البعيد وأن تتسم بالوضوح وأن تسطر أهدافا مستقبلية واضحة المعالم، فلا بأس أن يطل علينا رئيس الجامعة علي الفاسي الفهري ويقول بصراحة: "نحن في حاجة إلى 4 أو 5 أعوام من أجل إعداد فريق وطني قادر على ضمان التأهل إلى كأس العالم ولعب أدوار طلائعية في كأس إفريقيا". في هذه الحالة سيعفي المغاربة أنفسهم – على الأقل- من التفكير في الفوز بالكأس الإفريقية وغيرها من الأشياء. هناك مجموعة من الأمثلة لمنتخبات اشتغلت لسنوات طويلة على المدى البعيد ولم تكترث للغياب عن المحافل الدولية والقارية وهي تجني اليوم ثمار عملها، فيما بقي فريقنا الوطني يُسَيرُ بطريقة عشوائية تفتقد إلى التخطيط المحكم وللاحترافية بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالمنتخبات في مختلف فئاتها، وهو ما جعلنا نصل إلى هذا الوضع وننهزم أمام رواندا وأمام الغابون بثلاثة أهداف، ومن يدري؟ فقد ننهزم غدا أمام الصومال وجيبوتي والتشاد رضى زروق