زفاف الأمير إسماعيل، ابن عم العاهل المغربي، من الشابة الألمانية الشقراء، أنيسة ليمكول، بدا احتفالياً، قبل أن يتسبب رسم كاريكاتوري عن هذا الزواج، في ضجة كبيرة في الأوساط الصحفية والشعبية، ليتحول الأمر إلى قضية أمن دولة مازالت تفاعلات الرسم الكاريكاتوري للأمير إسماعيل، ابن عم العاهل المغربي محمد السادس، بمناسبة زواجه من الألمانية أنيسة ليمكول يوم 26 سبتمبر/ أيلول، مستمرة. جريدة "أخبار اليوم" اليومية المغربية التي نشرت الكاريكاتير، تم إغلاقها من قبل السلطات المغربية ومنع صحفييها من دخولها. أما ناشر اليومية، توفيق بوعشرين، ورسام الكاريكاتير، خالد كدار، فسيتم إجراء محاكمتين لهما بتهمتين؛ الأولى: "الإساءة إلى العلم الوطني"، وفقا للقانون الجنائي، والثانية "الإخلال بالاحترام الواجب لأمير" وفقا لقانون الصحافة والنشر المغربي. ويطالب الأمير بمبلغ ثلاثة ملايين درهم (قرابة 270 ألف يورو) كتعويض مؤقت عن الضرر الذي سببه له الرسم الكاريكاتوري.
وفي آخر تطورات هذه القضية، أعلن ناشر اليومية الموقوفة عن استعداده للاعتذار للأمير إسماعيل، "إذ كان يعتبر أن الكاريكاتير مسيئا له". وأوضح الصحفي، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قائلا، "لم نستهدف العلم الوطني، وليس لنا شيء ضد الأمير مولاي إسماعيل". وكان صحافيو اليومية قد نظموا ندوة صحافية يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول هددوا فيها بنقل احتجاجاتهم إلى أمام وزارة الداخلية إن استمر المنع، من جانبها نظمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالإضافة إلى جمعيات حقوقية، وقفة احتجاجية على استمرار منع "أخبار اليوم" بمقرها في الدارالبيضاء.
"صاحبة الجلالة" بين الصمت والاحتجاج
ورغم أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية قد أبدت مساندتها لليومية الموقوفة، فقد تباينت مواقف الصحف المغربية، إذ ألتزم بعضها الصمت، كما هو الحال بالنسبة ليومية "الصباح" (الثانية من حيث المبيعات في المغرب)، فيما انتقدت يومية "المساء" اليومية الأكثر مبيعا في المملكة، بشدة الرسم الكاريكاتوري، وأوضحت، من خلال عمود ناشرها رشيد نيني، ما أسمته "تطاولاً على الأمراء والمساس بالعلم المغربي". جريدة "الأحداث المغربية" اليسارية الميول، انتقدت بدورها هذا الخلط بين السياسي والإعلامي، في عمود لكاتبها المختار لغزيوي، فيما انتقدت أسبوعيتا "تيل كيل" و"نيشان" بالإضافة إلى يومية "الجريدة الأخرى" رد فعل السلطات المغربية. وذهبت "نيشان" إلى الحديث عن انتهاء "ربيع حرية الصحافة" في المغرب.
من جانبها دعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إلى تدخل الملك في القضية، وقال رئيسها خليل الهاشمي الإدريسي لأسبوعية "الأيام" أن هذه الدعوة جاءت "إيمانا منا بالدور الأساسي" للملك وللقوة المعنوية والوزن المؤسساتي اللذان يتمتع بهما. وعلل لجوء الفيدرالية إلى الملك بكون الحكومة الحالية لم تتحمل مسؤوليتها وأن النقاش معها وصل إلى طريق مسدود. وكان وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري شدد على أن الدولة طبقت القانون في تعاملها مع "أخبار اليوم"، كما أدانت أحزاب سياسية مشاركة في الحكومة، خاصة "الاستقلال" و"التجمع الوطني للأحرار" و"التقدم والاشتراكية" الرسم الكاريكاتوري بشدة.
تباين رأي الشارع المغربي
" وكذلك هو الحال بالنسبة لرأي العام المغربي، الذي جاء رد فعله متباينا. ففي الوقت بدا البعض ممن سألتهم دويتشه فيله، غير عارفين بالأمر أصلا، رأى آخرون، كما هو الحال بالنسبة للصيدلانية زينب، أن الصحافة "تمادت في الإساءة إلى العائلة الملكية" وتساءلت: "ألا توجد مواضيع أكثر أهمية لدى هذا النوع من الصحافة؟" قبل أن تضيف "يبدو لي أن هاجس البيع هو الدافع إلى استغلال الملك والأمراء لدى صحف مغربية"، أما خالد، ناشط في إحدى الجمعيات بدار الشباب الزرقطوني بالبيضاء، فله رأي مخالف، فهو يجزم أن ما حدث ل"أخبار اليوم"، ما هو إلا رسالة صريحة من الدولة لإسكات الصحف المستقلة، وأضاف "نعم هناك أخطاء كثيرة ترتكبها هذه الصحف، لكن لا تقارن بأخطاء الدولة ومسؤوليها، على الأقل هذه الصحف تعري وتفضح، والحرب عليها هي من قبل مافيا تريد استمرار الوضع الحالي كما هو"، ويعتقد خالد أن الرسم الكاريكاتوري لليومية المغربية لا يستحق ردة فعل السلطة هذا.
"انفتاح ملكي ...والأمير تزوج بأميرة قلبه!"
لكن بعيدا عن الأخذ والرد في وسائل الإعلام والمؤسسات المعنية، يبدو الشارع المغربي على العموم متفهما لهذا الزواج، الذي نادرا ما يحدث في صفوف العائلة المالكة في المغرب. ويعتبر عزيز، 26 سنة، مسؤول علاقات عامه بإحدى المؤسسات المالية بالدارالبيضاء أن زواج الأمير إسماعيل بالألمانية أنيسة ليمكول، "بادرة إيجابية"، ويضيف: " هذا الأمر يُظهر أن الأسرة العلوية الحاكمة منفتحة على الآخر وغير متقوقعة على نفسها كما هو الشأن بالنسبة لأسر ملكية أخرى". وتتفق فدوى، 35 سنة، صيدلانية بالدارالبيضاء، مع هذا الرأي، وتضيف: "في هذه القصة انتصر الحب، وهذا أمر مهم جدا، فالأمير تزوج مع من اختارها قلبه". أما عادل، 40 سنة، وهو موظف في احد البنوك فيذهب أن هذا الزواج يتضمن رسالة سياسية إلى الغرب، "يظهر أن المغرب شعب منفتح له رغبة في التواصل مع الحضارة الغربية".
لكن هناك البعض من المغاربة الذين لا يساندون الزواج بأجنبيات، فهناء على سبيل المثال مديرة فنية في إحدى وكالات الإعلانات، ترى أن الأمير كان يجب عليه أن يتزوج بمغربية مسلمة، موضحة أن الملك الراحل الحسن الثاني كان ضد زواج الأميرات والأمراء بغير المغاربة والمغربيات.
الأمير أتبع نهج أبيه؛ الحب في رحاب الجامعة " على عكس ما كان عليه الحال في الماضي بدأ المغاربة يتعرفون على حفلات زفاف الأسرة المالكة، ففي السابق كانت تظل تلك التقاليد داخل أسوار القصور. مع الملك الراحل الحسن الثاني بدأت تلك التقاليد تغادر تلك الأسوار، فقد تابع المغاربة حفلات زفاف الأميرات بنات الملك الراحل لالة مريم ولالة أسماء ولالة حسناء، وقد كانت احتفالات زواج الأميرات شعبية شارك فيها عدد من الأزواج المغاربة، وفق عادة قديمة للأسرة الحاكمة. وزاد هذا الانفتاح في عهد الملك الحالي محمد السادس، إذ كشف، وفي سابقة في تاريخ الأسرة العلوية المالكة، عن زوجته سلمى بناني للرأي العام، مانحا إياها لقب "أميرة".
تجدر الإشارة إلى أن الأمير الراحل، عبد الله، والد الأمير إسماعيل، كان أول من يُدخل إلى القصر الملكي زوجة غير مغربية، هي الأميرة لمياء الصلح، ابنة الزعيم اللبناني رياض الصلح، في عام 1961، وكان قد التقى بها في بجامعة السوربون الفرنسية. أما إبنه جامعة إسماعيل فقد وقع حبه في الشابة الألمانية الشقراء، أنيسة نيكول، في رحاب جامعة الأخويين بإيفران المغربية.