تتواصل فصول التصعيد بين المعطلين وقوات الأمن، التي دخلت في مواجهات جديدة مع عدد من المجموعات أسفرت عن سقوط جرحى تقدر أعدادهم بالعشرات واعتقالات في صفوف العشرات من المعطلين. فبعد محاولة إشعال النار التي كان الاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة يعتزم تنفيذها مساء الثلاثاء الماضي، بادر أعضاء الاتحاد إلى تنفيذ خطوة تصعيدية أخرى مساء أول أمس الأربعاء، تتمثل في تنفيذ انتحار جماعي أمام ساحة البريد التي أصبحت مسرحا للمواجهات بين السلطات الأمنية والمعطلين. وقوبلت محاولة الانتحار الجماعي بتعزيزات أمنية، تدخلت بعنف لتفريق المعطلين. وأسفر التدخل الأمني عن إصابة عدد من المحتجين، نقل 35 منهم على وجه السرعة إلى مستشفى ابن سينا بالرباط. إلى ذلك، أقدمت السلطات الأمنية، عشية أول أمس الأربعاء، عن اعتقال عدد من المعطلين المشاركين في عمليتي الاحتراق والانتحار الجماعي، ضمن هؤلاء الكاتب العام للاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة. وفي هذا السياق، قال سليمان الطالبي، عضو الاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة إن «السلطات الأمنية اعتقلت 14 عضوا في الاتحاد»، مضيفا أنه «تم استنطاق الجميع، ليطلق سراح تسعة معتقلين في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء الخميس بعد التحقق من هوياتهم والاحتفاظ بالخمسة المتبقين، ضمنهم الكاتب العام للاتحاد عبد الواحد البديري». وإلى حدود اليوم، لم يعرف الاتحاد مصير أعضائه المعتقلين، وقال الطالبي إن مجموعة من المعطلين حلوا صباح أمس بمختلف مقرات الأمن لمعرفة مصير رفاقهم المعتقلين، غير أنهم فوجئوا بالمصالح الأمنية تنفي وجودهم لديها. وأردف: «نحن الآن قلقون على مصير زملائنا ولا ندري إن كانوا مختطفين أم معتقلين أم شيئا آخر». وأضاف: «اتصلت بالكاتب العام بعد اعتقاله وقد كان يجيب في هاتفه المحمول، وأكد لي أنهم في كوميسارية المنطقة الثانية، وأنهم ينتظرون التحقيق معهم، وبعد الساعة الثانية صباحا توقفت الهواتف عن الرد، وفوجئنا بكونها خارج التغطية». وأكد أيضا أنه قبل اعتقاله «تعرض للضرب في الكتف والرجل». وتضم لائحة المعطلين المختفين كلا من عبد الواحد البديري، الكاتب العام للاتحاد الوطني للأطر العليا المعطلة، وعثماني أولاد الفاضل، الذي أكد زملاؤه أنه يعاني مرضا مزمنا، وهشام عابد وسعد عبد الشفيق وأوشعير عزيز. وتتواصل لعبة شد الحبل بين المعطلين والسلطات الأمنية، حيث شهدت ساحة البريد مواجهات أخرى عنيفة صباح أمس الخميس، استعمل فيها رجال الأمن العصي والهراوات لتفريق المعطلين المحتجين. وتوقفت الحركة لبعض الوقت أمام ساحة البريد التي أصبحت محجا يوميا للمعطلين المطوقين بمختلف عناصر الأمن، وتحولت الوقفة إلى مواجهات دامية أسفرت عن سقوط بعد الجرحى والمصابين. وعلمت «أخبار اليوم» أن فريق لعدالة والتنمية دخل على خط موضوع المعطلين، وقدم ملتمسا لإدريس لشكر، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، في الموضوع، مطالبا الوزير الأول بعدم البت في مناصب الشغل مقابل الهدنة من قبل المعطلين. وقال خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في الندوة الصحفية التي تعقب مجلس الحكومة، أن هذه الأخيرة مستعدة لأن تحاسب ديمقراطيا وأمام الجميع على السياسة التي تتهجها، مشيرا إلى أن الحكومة تتعامل مع مشكل الأطر العليا «العاطلة» وليس المعطلة، كما أحب أن يصفها، بمقاربة تشاورية، نافيا وجود وصفة سحرية قادرة على إنهاء هذه الظاهرة التي لا تشرف المغرب. وأضاف الناصري أن الحكومة تشتغل في إطار إستراتيجية اقتصادية قادرة على خلق مناصب شغل.