بطلب من الوزير الأول سيتم تقديم تصريح حكومي"، بهذه الجملة بدأ عبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، أول أمس تقديمه لتصريح الفاسي. الدستور لا يلزم الوزير الأول بتقديم تصريح في منتصف ولايته، لكن هذه سنة رسخها الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، ثم تبعه فيها إدريس جطو. تأخر عدد من النواب في الحضور للجلسة على الساعة الرابعة بعد الزوال، ما اضطر الموظف المكلف بالنداء على البرلمانيين إلى استعمال المنبه في أكثر من مرة لإخطارهم بأن الجلسة انطلقت، فيما حضر أعضاء الحكومة في الوقت المناسب. القاعة لم تكن ممتلئة كليا، بل سجل عدد مهم من الغيابات. بعد مرور ساعة على خطاب الوزير الأول، فضل برلمانيون وبرلمانيات مطالعة الصحف، أو الحديث إلى بعضهم البعض، كتعبير عن الملل والعياء الذي دب في صفوفهم. وحده وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، ظل يحرك رأسه بالموافقة على ما يقوله الوزير الأول، فيما قلب وزراء آخرون أعينهم يمينا ويسارا، وحاولوا قدر الإمكان ألا يغمضوا أعينهم، ولو للحظة استراحة. أما فؤاد عالي الهمة فقد كان محط أنظار الجميع، وهو الذي غاب عن المجلس منذ افتتاح دورته الحالية. جلس طيلة ساعتين ينصت إلى خطاب الوزير الأول، ثم غادر بعدما تركزت عليه كالعادة عدسات المصورين. ظل الفاسي واقفا في منصة الخطابة لمدة ساعتين، مما "أذهل" الحاضرين، لم يتوقف لحظة إلا عندما تناول كوب ماء، حيث لفت الأنظار عندما تناول الكاس بكلتا يديه وفي أكثر من مرة. وقال مساعدوه إن ذلك يعبر عن حقيقة واحدة، وهي أن الفاسي "رغم العياء الذي يعانيه فإنه يوجد في صحة جيدة". بعد مرور قرابة ساعة و10 دقائق، لم يعد صوت الفاسي يصل واضحا، لم يكن هناك مشكل في مكبر الصوت لكن حباله الصوتية بدأت تتأثر. استعمل الفاسي تعابير تشير إلى انسجام سياسة الحكومة مع تعليمات الملك، وذلك ردا على حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يتهمه بعدم تطبيق التعليمات الملكية، فتارة كان يقول: "إنه وفقا أو طبقا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس"، أو "انسجاما، أو تناغما مع رؤية جلالة الملك"، أو "انطلاقا من التوجيهات الملكية السامية أوالسديدة، أو المتبصرة"، و"العناية الملكية السامية"، و"يستوحي فلسفته من التوجيهات الملكية"، وغيرها من التعابير. عدد من البرلمانيين من الغرفة الثانية حرصوا على حضور خطاب الوزير الأول، فاتخذوا أماكن إلى جانب الصحافيين وموظفي دواوين الوزراء، منهم إدريس الراضي، رئيس فريق التجمع الدستوري الموحد بمجلس المستشارين، الذي لم يجد مقعدا للجلوس عليه حيث اضطر إلى الجلوس على الأرض وأيضا عبد الحكيم بن شماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، الذي حرص على الحضور وتسجيل ملاحظات على تصريح الفاسي قبل مقارنته بما سيقوله في الغرفة الثانية.