المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة في الدار البيضاء    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    الناظور بدون أطباء القطاع العام لمدة ثلاثة أيام    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    نُبْلُ ياسر عرفات والقضية الفلسطينية    الإيليزي يستعد لإعلان حكومة بايرو        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    حقي بالقانون.. شنو هي جريمة الاتجار بالبشر؟ أنواعها والعقوبات المترتبة عنها؟ (فيديو)    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    الحلم الأوروبي يدفع شبابا للمخاطرة بحياتهم..    أسرة المدرسة العليا للتربية والتكوين بجامعة ابن طفيل تستنكر "المس بالأعراض" الذي يتعرض له بعض أطر المؤسسة    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهنة: مرتزقة و كلاب حرب
عدد جنود"بلاك ووتر" يساوي عدد الجنود النظاميين في العراق
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 05 - 2010

يعتبر مرتزقة شركة "بلاك ووتر" الأمريكية أكبر جيش خاص في العالم. وقد غدوا في عهد بوش عنصرا أساسيا في الآلة الحربية الأمريكية. وقد أدت كثرة تجاوزاتهم وعدم خضوعهم لأي قانون إلى ارتفاع الأصوات المنددة بهم والداعية إلى التخلص منهم، ولكن دون جدوى. فمن هم هؤلاء المرتزقة؟ وما هي الظروف التي نشأت فيها بلاك ووتر؟ وما هو وزنها حاليا؟ وما هي طموحات مؤسسها؟
هم مسلحون برشاشات "M4" أتوماتيكية قادرة على إطلاق 400 رصاصة في الدقيقة، ويضعون على عيونهم نظرات سوداء من طراز "أوكلي"، كما يتوفرون على سكاكين مثبتة على سيقانهم، وسماعات في آذانهم. هم متعجرفون وقساة ولا يتورعون عن إظهار أذرعهم المفتولة عضلاتها، التي يصل مقاسها إلى 50 سم، في أزقة بغداد وكابول وبيشاور، حيث يريدون مواجهة المسلمين الذين يطلقون عليهم اسم "الحجاج"" (HADJIS) تسبقهم رائحة التستسترون (هرمون الذكورة) والانتهاكات التي تثير غبار الحقد بعد كل عبور لهم.. إنهم مرتزقة "بلاك ووتر"، أكبر جيش خاص في العالم، وقائدهم يدعى "إيريك برينس".
انطلق كل شيء سنة 1997، لما غمر الاعتقاد الراسخ هذا الملياردير المسيحي الأصولي البالغ من العمر 28 سنة بأنه مكلف بمهمة إلهية، فخف إلى إنشاء مؤسسة عسكرية خاصة لتكوين الجنود الأمريكان. وبعد هجمات 11 شتنبر 2001، ستغدو واحدة من القطع الأساس في الترسانة الحربية لجورج بوش. ولا تدري إدارة أوباما، المنخرطة في جبهتين حربيتين، كيف يمكنها اليوم التخلص من هذا الحرس الإمبراطوري، لأن جيش "برينس" عرف كيف يتحول إلى عنصر لا غنى عنه بتكفله بتنفيذ كل المهام القذرة في الحرب على الإرهاب.
إن هؤلاء الرجال لا يخضعون لأي قانون وينظرون باحتقار إلى رفاقهم الجنود النظاميين الخاضعين للمحاسبة من طرف قادتهم. "نحن أشخاص لا يمكن لأي أحد الاقتراب منا، وإن كنا موضع اتهام يقوم رؤساؤنا بإخراجنا من المعضلة بوضعنا في صندوق سيارة.." هذا ما حكاه أحد المستخدمين لدى "بلاك ووتر" في لقاء عابر بالعراق. فهناك مرسوم وضعته السلطة المؤقتة لقوات التحالف في 2004 كان يحمي الجنود الخواص. ووفقا ل"الأمر 17" الذي يعتبر رخصة قتل حقيقية، ف"إن المتعاقدين يتمتعون بالحصانة ضد أي متابعة قضائية صادرة عن الدولة العراقية".
لكن هذا المرسوم تم إلغاؤه فيما بعد، وفي يوم الخميس 16 أبريل الماضي تم اعتقال مستخدمين ب"بلاك ووتر" في الولايات المتحدة لقتلهما لأفغانيين وإصابة ثالث في ماي 2009 بكابول. ويتابع المرتزقان، اللذان يبلغان من العمر 27 و29 سنة، بتهمتي "القتل غير العمد" و"محاولة القتل"، ويمكن أن تصل عقوبتهما إلى المؤبد. وستكون حالة هذين المرتزقين الأولى من نوعها. فخلافا لأكثر من 300 عسكري، لم يحدث أن أدين أي مستخدم لدى "بلاك ووتر" للتجاوزات المقترفة في العراق أو أقغانستان طيلة تسع سنوات من الحرب.
مجزرة ساحة "النسور"
هذا رغم أنه في 16 نونبر 2007 أطلقت قافلة من الحراس المستأجرين من "بلاك ووتر" على السائقين في ساحة النسور ببغداد. الحصيلة:17 قتيلا وحوالي 20 جريحا. إنها جريمة شنعاء، أكبر أعمال المرتزقة دموية منذ احتلال العراق. وبعد شهر من هذه المجزرة تم استدعاء مؤسس "بلاك ووتر" للمثول أمام الكونغرس لتقديم تفسير لما حدث. تخلى إيريك برينس عن البزة العسكرية وارتدى بدلة أنيقة زرقاء اللون. وحضر محاطا بجمهرة من المحامين الذين يوجهونه ويسدون النصح كما يفعل المدرب مع الرياضي، واحتمى ب"وطنيته". كيف يجرؤون على محاسبته.. هو الذي ينهض بمهمة الدفاع عن بلاده ضد "الأشرار"؟
إذاك خامر الديمقراطيين الأمل بأن تكون مجزرة بغداد، التي قال أحد العسكريين إن تداعياتهما كانت درجة خطورتها تماثل فضيحة سجن أبو غريب، فرصة للتخلص من أول جيش خاص في العالم. أليس ما حدث في "ساحة النسور" هو الجريمة رقم 168 التي تنسبها الحكومة العراقية للشركة الأمريكية؟ وطالبت هيلاري كلينتون بقانون يحظر بكل بساطة وجود "بلاك ووتر".
لقد مرت سنتان ونصف السنة على هذا الحادث، وأصبح الديمقراطيون، الذين باتوا في الحكم، أقل تشددا بكثير. ولجأت هيلاري كلينتون، التي صارت كاتبة للدولة في الخارجية، عدة مرات إلى خدمات "بلاك ووتر" لضمان حمايتها لما تقوم بزيارة إلى العراق. وفي دجنبر 2009 قام قاض فيدرالي، وبدعوى "وجود خلل في الشكل"، بإسقاط كل التهم ضد المرتزقة المتهمين بالضلوع في مجزرة "ساحة النسور". واليوم، مازال رجال "برينس" يِؤمنون الحماية للسفارة الأمريكية بكابول، و"بلاك ووتر" تزن 1.2 مليار دولار !
هل باتت خوصصة الحرب ظاهرة لا مفر منها؟ فلم يعد الجيش الأمريكي، المنهك بحربين، قادرا على الاستغناء عن "مستخدميه الخواص"، بل حتى عن الأكثر سوءا بينهم. ويعادل اليوم عدد كلاب الحرب عدد الجنود النظاميين بالعراق، أما في أفغانستان فيوجد بها 104 آلاف مرتزق مقابل 68 ألف عسكري أمريكي، ومع نهاية العام الجاري سيرتفع عددهم إلى 130 ألف عنصر مقابل 120 جندي نظامي.
ولكن ما يبعث أكثر على القلق هو كون 50 في المائة من عناصر ال"سي أي إيه" خواص. ويعتبر هذا النظام، حسب مايكل راتنر، رئيس مركز الحقوق الدستورية الذي يحاول جاهدا مقاضاة المسؤولين عن التجاوزات، تآمرا على الديمقراطية: "فالاعتماد على المتعاقدين يجعل خوض الحروب أكثر سهولة، إذ يتعين توفير الأموال فقط، وليس موافقة المواطنين".
ووفقا لعضو بالكونغرس، تعتبر مقاولة "برينس"، التي حصلت على عقود عمومية بقيمة 1.5 مليار دولار (أكثر من نصفها من دون طلبات عروض)، "جيشا بمقدوره قلب جل حكومات هذا العالم". فهي تتوفر على أحد أهم مخزونات الأسلحة الثقيلة الخاصة في العالم، كما تتوفر على أسطول من الطائرات والمروحيات من طراز "بلاك هوك"، والبواخر والعربات المصفحة ومراكز التدريب على إطلاق النار، وتكون قواعدها الأمريكية 30 ألف شرطي وجندي كل سنة.
وتدين هذه المقاولة، بقوتها المثير للقلق، إلى العلاقات التي تربط بين عائلة برينس والجناح الأكثر تدينا في الحزب الجمهوري. ف"إيريك برينس"، المولود سنة 1969 ببلدة "هولند" بولاية "ميشيغان"، سليل عائلة ثرية وقوية تعمل في قطاع تجهيز السيارات وتساهم في تمويل اليمين المتدين المحافظ. وفي سنة 1992 انخرط هذا الشاب، الذي قدم الدعم ل"بات بوكانون" زعيم اليمين المتطرف المسيحي، في فرقة من نخبة بحرية تابعة للمارينز، وبهذه الصفة سيكون ضمن القوات الأمريكية التي تنتشر في كل من هايتي والشرق الأوسط والبوسنة. ولما توفي والده جراء أزمة قلبية، غادر إيريك برينس على مضض الجيش للإشراف على تدبير ثروة العائلة. وبفضل ميراثه الذي يبلغ مئات الملايين من الدولارات، قرر إنشاء مركز خاص لتدريب العسكريين الأمريكان. فهذا سوق يجب استغلاله، إذ منذ تخفيض ميزانيات الدفاع الذي قرره ديك تشيني لما كان كاتبا للدولة في الدفاع في إدارة جورج بوش الأب، اضطر الجيش إلى التقليص من الميزانيات المتعلقة بالتكوين.
وفي سنة 1997 إذن أنشأ برينس شركة "بلاك ووتر" بمنطقة المستنقعات في "مويوك" بشمال كاليفورنيا. فقد انتبه إلى الفرص التي تتيحها رغبة وزارة الدفاع في الاعتماد على المناولة وتكليف بعض المقاولات الخاصة بإنجاز بعض مهام الجيش. وفي سنة 1999، عقب مجزرة ثانوية "كولومباين" بولاية كولورادو التي قتل فيها 12تلميذا على يد أحد رفاقهم، عهد إلى "بلاك ووتر" بمهمة تكوين الشرطة وتدريبها على طرق التدخل في الوسط المدرسي. إلا أن الفضل في تضاعف قوة المقاولة عشر مرات يعود إلى ابن لادن. فعقب الهجوم الذي استهدف المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" في أكتوبر 2000 بميناء عدن، حصلت "بلاك ووتر" على عقد مع البحرية الأمريكية تبلغ قيمته 37 مليون دولار. ثم جاءت هجمات 11 شتنبر، وبات الاعتماد على الخواص بالنسبة إلى إدارة بوش أحد مفاتيح النصر في "الحرب على الإرهاب". ويوضح برينس أن "اللجوء إلى القطاع الخاص مهم" مضيفا "إن كان المرء على عجلة من أمره، هل يلجأ إلى البريد أم إلى فيدرال إكسبريس؟".
في تلك الفترة كان (دونالد) رامسفيلد (وزير الدفاع الأمريكي) قد أطلق للتو حملته ضد أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة. وكان يبحث عن تقليص سلطة ال"سي أي إيه" التي كانت "تكذيباتها" تثير حنق المحافظين. إذ صرح وزير الدفاع هذا "إن عدونا قريبا جدا منا.. إنه بيروقراطية البنتاغون". وفي تقديره، سيسمح اللجوء إلى "حرس خاص" بإخفاء بعض العمليات الحساسة عن أعين الكونغرس. في هذه اللحظة بالذات أحس برينس بأن هناك حاجة ماسة إلى عودته إلى ساحة المعركة، فهذا الرجل المؤمن بسيادة وتفوق المسيحية، الذي يعتقد راسخا بأنه مكلفا بمهمة دينية، لا يرغب في الاستمرار في جمع الصفقات العمومية. اتصل إذن بال"سي أي إيه" التي ردته بدعوى أنه لا يتوفر على ما يكفي من الخبر الميدانية.. ولكن الرجل سيعاود المحاولة مرة ثانية.
خوصصة القبعات الزرق
في 2004، انتهى الأمر بال"سي أي إيه"، حسب مصادر مقربة من مصالح الاستخبارات الأمريكية، إلى دمج "برينس" في شبكة من "المواطنين الجواسيس".. وأخذ ينسق بين العملاء العاملين في بلدان "محور الشر". ويؤكد أنه كان يمول المهام التي يقوم بها من ماله الخاص، وصرح لمجلة "فانتي فير" "إن الكونغرس يظهرني كمستفيد من الحرب، بينما أنا أدفع من جيبي كل النشاطات الاستخباراتية لدعم الأمن الوطني". بعد ذلك شرعت "بلاك ووتر" في الفوز بصفقات "حساسة" ما فتئت حساسيتها تزداد.
إن المقاولة أصبحت، بفضل فرعها الخاص بالاستخبارات (TOTAL INTELLIGENCE SOLUTIONS) شبيهة بوحدة النخبة في ال"سي أي إيه"، مع فرق مهم يتجلى في كون مستخدميها يتقاضون أجورا أكبر عشر مرات من رواتب العملاء الفدراليين. وعرفت مصلحة الاستخبارات نزيفا حادا جراء هروب عملائها صوب المؤسسات الخاصة، إلى درجة أن مدير ال"سي أي إيه"، تورتر كورس، طلب من الشركات الخاصة الوقف عن التوظيف من كافتريا "لانغلي" (البلدة حيث يوجد مقر وكالة الاستخبارات الأمريكية). فحتى روب ريتشر، الرجل الثاني مصلحة العمليات السرية بال"سي أي إيه" التحق ب"بلاك ووتر"...
لقد عرفت المقاولة كيف تتقمص دورا لا غنى عنه في التنظيم العسكري الأمريكي، ولم يعد لثقة وطموح برينس أي حدود. فهو يحلم أن يعوض الجيوش الفاشلة في العالم بأسره.. ولكن البداية تكون بالأكثر هشاشة بينها كلها، أي القبعات الزرق. فقد سبق لهذا الملياردير أن قال ساخرا في يناير 2006: "إن كنتم تستطيعون.. ضعوا لي قائمة بعمليات حفظ السلام التي أفلحت فيها الأمم المتحدة..."، وهو له فكرة عن الطريقة التي يمكن بها تحسين فعالية المنظمة الدولية.."يمكننا إقامة فرقة دولية من المحترفين".
تبدو فكرة خوصصة القبعات الزرق غير واقعية وصادمة، ولكنها تثير اهتمام بعض الدوائر المؤثرة لدى الجمهوريين الإنجيليين الساخطين على المجازر المقترفة في دارفور. بل حتى بعض الخبراء المستقلين، مثل بوب ماكس، العضو البارز في مجموعة التفكير "مجلس العلاقات الخارجية"، الذي نشر مقالا في يومية "لوس أنجلوس تايمز" يحمل عنوان "الحل بالنسبة لدارفور: إرسال المرتزقة!!".
إن هذا المقال مرافعة حقيقة للدفاع عن المحاربين الخواص. ويقول "إن الكبار المنافقين الذين يسيرون الأمم المتحدة يدعون أن اللجوء إلى خدمات المرتزقة غير مقبول.. غير مقبول، على ما يبدو، أكثر من التصويت على قرارات عديمة الفائدة.. وأكثر من إرسال قوات حفظ السلام تعوزها الفعالية.. وأكثر من السماح بمواصلة التطهير العرقي"
الاغتيالات المحددة
إذا كان إيريك برينس لم يفلح في إقناع "الكبار المنافقين" بخوصصة قوات التدخل التابعة للأمم المتحدة، رغم دعم اللوبيات، فهو ساهم ما بين سنتي 2004 و2009 في المهمة الأكثر سرية في تاريخ إدارة جورج بوش: الاغتيالات المحددة. فمنذ 11 شتنبر سمح بوش ل"سي أي إيه" بتصفية أعضاء القاعدة مع الحرص على عدم ترك أي أثر. وستتم التدريبات على هذه التصفيات في البيت الشخصي ل"برينس" بين المسبح وملاعب التنس.. بعيدا عن أنظار الفضوليين. وحسب مصدر من ال"سي أي إيه"، فإن المستهدفين هما "مامون دركزلني" (أحد ممولي القاعدة المقيمين في هامبورغ) وعبد القادر خان، العالم الباكستاني الذي نقل معارفه النووية إلى إيران وكوريا الشمالية. في نهاية المطاف، قررت واشنطن التخلي عن التنفيذ. ولكن الولايات المتحدة وبرينس لم يتخليا كليا عن "تجارة" الاغتيالات...
في يونيو 2009 استدعى ليون بانيتا، المدير الجديد لل"سي أي إيه" لجنتي الاستخبارات بالكونغرس، فقد اكتشف للتو أن الوكالة كانت تخفي برنامجا واسعا للعمليات السرية يشرف عليه برينس و"بلاك ووتر". وفي 20 غشت كشفت صحيفة "نيو يورك تايمز" أن "بلاك ووتر" كانت تتكلف بشحن القنابل على الطائرات بدون طيار، وكذلك تسهر على تعقب عناصر القاعدة بل وحتى قتلهم. فإريك برينس، مقاول "سي أي إيه" من الباطن (sous-traitant)، كان يتوفر على "رخصة القتل" على الأرض وفي السماء.
كيف تم تسريب هذا البرنامج السري إلى الصحافة؟ لقد أحس هذا الرجل ذو التأثير الغامض بالمرارة، وقرر لأول مرة منذ سنوات أن يتحدث إلى الصحافة.
وقد تكلف آدم سيرالسكي، وهو محام سابق ل"سي أي إيه" صار صحافيا فيما بعد، بكتابة بورتريه للرجل في عدد يناير الماضي من مجلة "فانتي فير" الشهيرة. كشف هذا الشخص الذي يتقمص دور "دارث فاتر" (الشخصية المقنعة الغامضة في فيلم "حرب النجوم" للمخرج جورج لوكاش) في الحرب ضد الإرهاب عن روايته للأحداث وألمح إلى أنه يتوفر على معلومات محرجة تخص نظام الاستخبارات الأمريكي. وقدم نفسه على أنه رجل تلقى شر الجزاء على الخدمات التي قدم لأمريكا. وزعم أنه سيتحول إلى المجال البيئي، ولم لا الانتقال إلى التدريس في إحدى الثانويات.
هل يجب الوثوق بكلام "برينس"، هذا المرتزق المحب للموسيقى الذي يوجد اليوم على رأس أقوى جيش خاص في العالم؟ إنه يدرك أن أمريكا لا يمكنها، من الآن فصاعدا، الاستغناء عنه. فمخلوق (أي بلاك ووتر) اليمين الديني، وهو عبارة عن حيوان بعدة رؤوس، له وجود متعدد وأسماء مختلفة بالعراق وكذلك باليابان والمناطق القبلية الباكستانية، وفي أزريبدجان. وتنهض بمهام الأمن الداخلي، وتقنيات المراقبة، والحرب ضد المخدرات أو عمليات حفظ السلام. ولهذه المؤسسة أنصارها ولوبياتها في أمريكا المليشيات وال"تي بارتير" ، وهي تجمعات شعبوية يمينية معادية لأوباما ما فتئ حجمها يتفاقم بسبب الأزمة، وهي ترفض الدولة الفدرالية وترغب في خوصصة كل شيء حتى إدارة الحرب.
ويتساءل جورج هنري بريسي دي فالون، في كتاب غني بالمعلومات عن الجيوش الخاصة بالعراق، هل سيفضي ظهور جيوش خاصة مستقلة إلى "ظهور مصالح أولغارشية عابرة للأوطان؟". لعل هذا في ثنايا روح آخر مشروع ل"إيريك برينس": تشكيل فرقة سريعة الانتشار يمكنها تقديم خدماتها للحكومات الأجنبية بالمقابل. إنها طريقة للتخلص من وصاية إدارة أمريكية قررت علنا وضع مسافة بينها وبين "أمير الظلام" هذا، ولكن من دون التوقف كليا عن الاستفادة منه في الكواليس.
عن لونوفيل أوبسرفاتور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.