في تطوّر جديد، فتح بلاغ صادر عن وزارة الداخلية المغربية واجهة جديدة للمواجهة مع الجزائر، حيث وجّهت المملكة "تنبيها" إلى جارتها الشرقية، بسبب قيام عدد من سفن الصيد البحري الجزائرية باختراق المياه الإقليمية المغربية شمال شرق البلاد. وأوضح البلاغ أن الأمر كان يتعلّق في البداية بحالات معزولة لسفن تدخل إلى المياه الإقليمية المغربية ثم تغادرها، "لم تر السلطات المغربية أنه من الضروري تنبيه السلطات الجزائرية إليها"، قبل أن تعود مجموعة من ست سفن جزائرية إلى اختراق المياه الإقليمية المغربية يوم 21 فبراير الماضي. عبد الحق جناتي إدريسي، الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، قال إن الأمر يعتبر من الناحية القانونية تطاولا على ممتلكات الغير، لكون الثروات الحية في المياه الإقليمية تعتبر ملكا للدولة ذات السيادة عليها. وأضاف جناتي أن السلطات المغربية يمكنها في هذه الحالة القيام بحجز تلك السفن واقتيادها إلى السواحل المغربية وإفراغها، ثم اللجوء إلى محكمة "هامبورغ" الدولية المختصة، والتي يوجد مقرّها في ألمانيا، من أجل متابعة الدولة الجزائرية. البلاغ الصادر عن وزارة الطيب الشرقاوي قال إن وزارة الخارجية والتعاون المغربية قامت بإشعار نظيرتها الجزائرية بهذه الاختراقات، "وسجّلت المملكة المغربية منذ ذلك الحين، وبكل أسف، تزايد مثل هذه الاختراقات"، وهو ما فسّره جناتي بكونه "فعلا إراديا بعيدا كل البعد عن التلقائية والعفوية، لأن الأمر لا يتعلّق بسفينة أو سفينتين". وأضاف أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي أن هذا الحادث يجب أن يوضع في سياقه، "فهو يندرج ضمن محاولات الجزائر للتشويش بجميع السبل الممكنة على مؤتمر غرناطة الذي سينعقد قريبا، وسيجمع بين المغرب والاتحاد الأوربي". وأضاف جناتي أن الجزائر ما فتئت تحاول إفشال هذا اللقاء، وأنها قامت بإثارة عدد من الأحزاب والهيئات الإسبانية المعادية للمغرب من أجل ذلك. وفيما أعلنت السلطات المغربية عن تسجيل دخول أزيد من 20 سفينة صيد جزائرية، موزعة إلى مجموعات صغيرة، إلى المياه الإقليمية المغربية "لممارسة أنشطة صيد غير شرعية، خلال أيام 26 و27 و28 فبراير الجاري فقط"، أوضح جناتي أن القانون الدولي للبحار واتفاقية 1982 التي تم توقيعها ب"مونتي كوباي" الجامايكية يضبطان مسألة الحدود البحرية ويتركان للدول إمكانية الاتفاق بينها. لكنه أضاف أن الأمر هنا لا يتعلّق بخلاف حدودي، "بل هو مشكل سياسي أساسا". وبينما ظلّ إشعار الخارجية المغربية لنظريتها الجزائرية بتلك الاختراقات طي الكتمان، عبّر بلاغ وزارة الداخلية عن "الأمل الكبير في أن تتخذ السلطات الجزائرية الإجراءات الملائمة لوضع حد لمثل هذه التصرفات المرتكبة من قبل وحدات صيد جزائرية". بينما أوضح أستاذ القانون بجامعة وجدة أن القانون الدولي يمنح الدول السيادة الكاملة على المياه الإقليمية، والتي تمتدّ على مسافة 12 ميلا من السواحل، بالإضافة إلى سيادة اقتصادية على 188 ميلا إضافيا (360 كيلومترا في المجموع)، تمتلك بموجبها الدولة كل الثروات الحية في أعماق البحار.